ذكرى استشهاد الإمام علي محطةٌ إيمانيةٌ متجددة
محمد الضوراني
الإمام علي -عليه السلام- مدرسة تربوية تتزود منها الأُمَّــة الإسلامية معاني الإيمان والإخلاص بتجلياتها وكمالها الحقيقي في حجم هذه المدرسة المحمدية، التي تربى وتعلم منها على يد الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- فهو من تعلم من بداية حياته معاني الإيمان والإخلاص وتربى التربية القرآنية، فعندما نتطرق لذكرى استشهاد إمام الشهداء التقي، النقي، الوفي، المخلص لله -عز وجل- في إيمانه وفي جهاده، والذي تعلم من الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- كُـلّ معاني ومفاهيم الإيمان، وعلم الأُمَّــة كلها كيف تكون ويكون من يتعلم ويتربى التربية القرآنية في واقعه العملي والحياتي.
وفي ذكرى استشهاد الإمام علي -عليه السلام- نستذكر تاريخاً مشرفاً للأُمَّـة الإسلامية بكلها فهو من بداية حياته وتحَرّكه الجهادي تحَرّك بوعي وبصيرة وإدراك لما يحدث حوله، فلم يكن من طالبي الدنيا بكل شهواتها ورغباتها وأهوائها، لم يكن ذلك المتجبر والمتكبر بما وصل إليه من مكانة لدى الأُمَّــة بكلها، الإمام علي -عليه السلام- ربى الأُمَّــة على معان ترباها من خير البشر وقائدها الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، هذه التربية الإيمانية تجلت في واقعه مع أبنائه ومع من كانوا حوله ومع الأُمَّــة بكلها من خلال بلاغة الإمام علي والمأخوذة من كتاب الله الذي تعلم منه كُـلّ معاني الإيمان وأصبح قرين القرآن بفهم القرآن الكريم وبتجسيد معاني القرآن في أعماله وأقواله وأفعاله.
إن الإمام عليًّا -عليه السلام- لم يضعف رغم تكالب وتآمر المُتآمرين عليه، لم يضعف ولم يتراجع حباً في مناصب أَو غيرها من رغبات الدنيا وأهوائها، ووقف وهو ينظر بعين القرآن في كُـلّ تحَرّكاته، ويتحَرّك بتحَرّك الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- فعلم الأُمَّــة الإسلامية بكلها كيف يكون الإنسان المؤمن بكمال إيمَـانه وطهارة نفسه وزكائها، نجد هذه المدرسة المحمدية تستمر وتتصاعد وتتجلى أمام كُـلّ الأُمَّــة الإسلامية جيلاً بعد جيل وتربي الأُمَّــة التربية الصحيحة التي لا تقبل الذل والهوان والضعف أَو تقبل بالخنوع وترك القيم والمبادئ الإيمَـانية.
إن الإمام عليًّا -عليه السلام- وفي ذكرى استشهاده على يد أشقى العالمين، والذي أصبح في شقاء وخسران ليس له مثيل بين بني البشر عندما ارتكب جريمة في حق علم من أعلام الهدى والتقى، لتخسر الأُمَّــة خسارة كبيرة في وقت النفاق وصل ذروته، ليكون بارتكابه لهذه الجريمة سبب في تمكين الظالمين والمتجبرين والمنافقين من رقاب الأُمَّــة.
إن استشهاد الإمام عليًّا -عليه السلام- يعتبر محطة إيمَـانية نعود إليها جميعاً في التزود من التقى ومن الصلاح ومن الإيمَـان بكل معاني الإيمَـان الصادق لله؛ فهو باستشهاده قد أحيا الأُمَّــة وعلم الأُمَّــة كيف يكون من يتحَرّك وفق ثقافة القرآن الكريم في واقع العزة والكرامة والخير الذي لا ينتهي أبدًا.
الإمام علي -عليه السلام- قد كشف المنافقين وأهل النفاق عندما أصبحوا أعداء للإمام علي في السابق واللاحق، ويستمرون في عدائهم الخبيث والذي ينم عن نفوس فقدت معاني الإيمَـان؛ فكيف لأناس يعتبرون أنفسهم مؤمنين وهم يعادون الإمام علي -عليه السلام- بمستوى الإيمَـان والإخلاص الذي وصل إليه وفي مستوى العلم والتقى لمن تربى في بيت من بيوت التقى وعلى يد خير البشر وقائدها الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- ومن نسله الطاهر والنقي جاء الإمامان الطاهران خير شباب هذه الأُمَّــة وزوجته الطاهرة بنت رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- فاطمة الزهراء -عليها السلام- سيدة نساء المؤمنين.
إن الإمام عليًّا -عليه السلام- باقٍ مهما حاول أهل النفاق إبعاده عن الأُمَّــة؛ فهو باقٍ كمدرسة متجددة ومحطة إيمَـانية تعلم وتربي الأُمَّــة الإسلامية وتعطيهم العلم والنور والصلاح لما فيه الخير لهم والعزة والكرامة في الدنيا والآخرة.