“طُـوفانُ الأقصى” في أوج هيجانه.. حِمَمٌ وبراكينُ وبحرٌ أحمرُ مسجورٌ
شهاب الرميمة
بالنظر إلى الواقع العربي والأحداث الدائرة في منطقة الشرق الأوسط هناك تغيرات برزت على السطح بشكل أكثر وضوحاً، تجلى نتيجة للعدوان الإسرائيلي والأمريكي على غزة، بدأ بروزه من اللحظة الأولى لعملية “طُـوفان الأقصى” وما حملته معها من انتصار كبير لحركات المقاومة بكل فصائلها وتغيير ملحوظ في أدائها.
التغيرات شملت أَيْـضاً مواقف متنوعة ومتعددة تمثلت في انتصار المواقف العربية، وهنا أعني مواقف “الشعوب” العربية الأصيلة ومناصرته للقضية الفلسطينية، ولا أعني بالذكر “الأنظمة العربية” التي تعرت بشكل كبير أكثر مما هي عليه أمام الأحداث والمتغيرات من خنوع وذل وانحطاط وسقوط عن القيم والمبادئ الإنسانية الكريمة وتخليها عن قوميتها العربية.
انتصارُ المواقف من “الشعوب العربية الحرة” أوجدت متغيرات استراتيجية مهمة ونتائج مهمة، أهمها تعرية الأنظمة المطبعة وفشل مشروع التطبيع وسقوطه، كذلك وقوف محور المقاومة مع القضية الفلسطينية بوجه عام، وإلى جانب فصائل المقاومة في غزة بشكل خاص تجلى ذلك في وحدة الساحات وقداسة المشروع والمصير المشترك التي فرضها المحور أمام الغطرسة الإسرائيلية والهيمنة الأمريكية في المنطقة ومخطّطاتهم، وهذا ما توجب على محور المقاومة من فرض معادلته بقوة والعمل كالبنيان المرصوص بمواقف عملية واستراتيجية موحدة وبخطوات ثابتة وحسابات مدروسة للقيام بعمليات متنوعة تضرب العدوّ وتشتت قوته وتفشل أهدافه وتجره إلى معركة واسعة ومصيرية خارج حسابات العدوّ ورهاناته، ما يعني بداية النهاية الحتمية للهيمنة والغطرسة لتحالف الشر على كافة المستويات “العسكرية والجغرافية والاقتصادية والسياسية”، التي عمل على فرضها لعقود من الزمن؛ ما يعني انتصارَ القضية الفلسطينية وانتصار محور المقاومة في ترسيخ ذلك عمليًّا.
وبنفس السياق تصاعدت العملياتُ بقوة وأحدثت نقلة نوعية في قوة المحور أربكت العدوّ وغيرت قواعد المعادلة في المنطقة، وهو الحدث الأهم للعملية العسكرية للقوات المسلحة اليمنية من استهداف بالصواريخ والطائرات المسيَّرة على أهداف عسكرية وحساسة داخل عمق الكيان في منطقة أم الرشراش في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وما تبعها من عمليات استراتيجية في البحر الأحمر قامت بها قوات البحرية اليمنية، في ترجمة عملية وتنفيذية لتوجيهات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، من رصد وتتبع واستهداف السفن التابعة للكيان الصهيوني والسيطرة عليها، في عملية نوعية فاجأت العدوّ وأذهلت العالم وأظهرت القدرة التكتيكية والجاهزية العالية والقوة العسكرية لمختلف الوحدات العسكرية اليمنية، ومصداقية الموقف الشجاع والقوي التي اتخذته القيادة، مستندة بجيشها وشعبها في مناصرة القضية الفلسطينية وإسناد المقاومة في غزة تمثل في بسط السيطرة على أهم ممرٍّ بحري للاقتصاد العالمي الذي يمثل الشريان المهم للكيان الإسرائيلي على المستوى الأمني والاقتصادي، والمسرح العملياتي الأبرز للقوات الأمريكية في المنطقة.
هذه العمليات شكلت نقلة نوعية وغيرت موازين القِوى، الذي تجلى في هشاشة الكيان وأنظمته الدفاعية بمختلف مسمياتها أمام قدرة وتفوق السلاح اليمني، أضف إلى ذلك ضعف الأسطول البحري الأمريكي وحاملات طائراته وعجزهم أمام القوات البحرية اليمنية التي أوصلت الرسالة أن اليمنَ هو من يمتلك القرار في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، رامياً كُـلّ التهديدات الأمريكية والضغوط الأمريكية عرض البحر ومن كان له الجرأة في تنفيذ تهديداته؛ فَــإنَّ ساحة النزال في البحر قد سُجرت وَحمم البراكين قد سُعِّرت والطوفان في أوج هيجانه، وإنهم لمدرَكون وإن جندَنا لهم الغالبون.