هُدنة أم خدعة؟!
أنور المحبشي
المتتبع لمسار وإجراءات تنفيذ بنود الهُدنة الأممية المؤقتة التي أبرمتها حكومتُنا في صنعاء عبرَ وفدها المفاوض مع الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن، وإن كانت تنُصُّ على وقف العمليات العسكرية برا وجوا وبحرا داخل اليمن وعبر حدوده لمدة شهرين مع رفع الحصار جزئيا عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، إلَّا أنها بنفس الوقت اشترطت على الأطراف الالتزام بمقاصد الهُدنة التي بيّنتها ديباجتها بأنه ليس القصد من الهُدنة التوقف لإتاحة الفرصة لأي طرف لإعادة تشكيل مجموعاته أَو لاستئناف العمليات العسكرية.
والحاصلُ بعد دخول الهُدنة حيز التنفيذ أن تحالفَ دول العدوان خالف مقاصد الهُدنة ونكث بها من خلال قيامِه بإعادة تشكيل مجموعاته العسكرية بتشكيل ما أسماه بمجلس قيادة من ثمانية أعضاء هم قادة المليشيات العسكرية التي أنشأها تحالُفُ العدوان لقتل اليمنيين طوال سبع سنوات منذ بدء العدوان، والهدف من هذا المجلس -بسحب البيانات الصادرة عقب تشكيله- هو إعادة تشكيل تلك المجموعات (المليشيات) وتجميعها لتصبح تحتَ قيادة واحدة برئاسة العليمي وعضوية قادة تلك المليشيات لمواجهة الطرف الآخر في الهُدنة وهي حكومة صنعاء.
ولم يكتفِ التحالف بذلك فحسب بل امتنع منذ بدء سريان الهُدنة عن تنفيذ التزاماته المتعلقة برفع الحصار الجزئي عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، فمنذ دخول الهُدنة حيز التنفيذ لم يتم رفع الحصار الجزئي عن مطار صنعاء فلم يسمح للطائرات بالهبوط أَو الإقلاع من المطار براقع رحلتين أسبوعياً حسب بنود الهُدنة، كما لم يرفع حصاره عن ميناء الحديدة لدخول جميع السفن التجارية المحملة بالمواد الاستهلاكية اللازمة للحياة اليومية للمواطنين كسفن النفط وعددها حوالي ثماني عشرة سفينة محتجزة من قبل تحالف العدوات عدا ما أعلنت عنها شركة النفط اليمنية في صنعاء.
وبالتالي أصبح من الضروري على قيادتنا السياسية والعسكرية في صنعاء إعادة النظر في التزاماتها تجاه الهُدنة، خَاصَّة وأن الأمم المتحدة التي تم إبرامُ الهُدنة معها قد رحّبت بتلك الخروقات التي قام بها تحالف العدوان، بما يشير إلى أن الأمم المتحدة باتت تمثِّلُ التحالف وتعملُ لحسابه لمصلحة أمريكا وبريطانيا وغيرها بمعنى أن هُدنتها ما هي إلَّا خدعة هدفُها خلق أجواء هادئة للتحالف لإعادة ترتيب نفسه خلال الشهرين كحد أقصى أَو ربما خلال شهر كحد أدنى تمهيداً لاستئناف عملياته العسكرية ضد اليمن واليمنيين قتلًا وتجويعًا، فالتحالف الذي يسبّحُ بحمد الولايات المتحدة وبريطانيا يرى أن قتل الشعب اليمني وحصاره مُجَـرّد طقوس من عبادته لأمريكا وبريطانيا وبني صهيون.