نماذج من مميزات ومواصفات المتقين في القرآن الكريم (2)
عمران نت – تقارير – 18 رمضان 1443هـ
يواصل السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله” في محاضراته الرمضانية الحديث عن مميزات ومواصفات المتقين، ويؤكد بأن القرآن يأتي بنماذج من مواصفات المتقين؛ ليعرفنا على المتقين، وفيما يلي نواصل بيان أبرز النماذج من مميزات ومواصفات المتقين في القرآن الكريم في ضوء المحاضرات الرمضانية للسيد القائد:
الصبر على السير وفق منهج الله:
في محاضرته الرمضانية التاسعة، تحدث السيد القائد “يحفظه الله” عن الصبر كعامل مساعد على التقوى وهو صفة اساسية للمتقين، ويؤكد أن الصبر عنوان مهم وهو من لوازم الايمان، وهو وسيلة على أداء الأعمال والنهوض بالمسئوليات، لذلك لا بدَّ من الصبر في تحقيق التقوى، يقول السيد القائد: “{الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ}[آل عمران: من الآية17]، {الصَّابِرِينَ}، الصابرين وهم يؤدون مسؤولياتهم العملية عندما يواجهون المشاق، أو الصعوبات، أو التحديات، الصابرين على ظروف هذه الحياة، التي يواجهونها وهم يستمرون في السير وفق منهج الله وتعليمات الله “سبحانه وتعالى”؛ لأن الكثير من الناس مشكلته في الصبر، أمام شهوات نفسه ورغباتها لا يصبر، فيرتكب المحرم، أو يقف في صف الباطل، أمام البعض من العوائق، أو الصعوبات، أو المشاق، في أداء المسؤولية، في فعل ما أمرنا الله به، لا يصبر، فيتقاعس عن ذلك، أمام أي مشاق، أو متاعب نفسية، أو جسدية، لا يريد أن يصبر، فيفرط في عملٍ مهم، أو يفعل ما هو من المحرمات”.
الصدق في القول والعمل:
يؤكد السيد القائد أن الصدق من أهم العناوين التي تترتب عليها مصداقية الإنسان في انتمائه الإيماني، ويُبيَّن أن الصدق عنوانٌ إيمانيٌ مهم، وأساسيٌ في تحقيق التقوى، وأن المتقين هم أهل صدق، ويتحرون دائماً الصدق، يقول: “{وَالصَّادِقِينَ}، الصادقين في إيمانهم، عندما قالوا آمنا قالوها بصدق، آمنوا فعلاً، آمنوا بالله، آمنوا بوعده ووعيده، وكان لإيمانهم ثمرة هي التقوى، والصادقين في إيمانهم، في فهمهم لدينهم، فهموه بصدق، ولديهم المصداقية في أدائهم العملي، في التزامهم الإيماني، فيما عليهم أن يعملوا، وفيما عليهم أن يتركوا، مصداقية في الانتماء، في العمل، في الموقف، وهم من يتحرون الصدق فيما يقولون، من يتحرون الصدق في أدائهم لمسؤولياتهم، الصدق من أهم العناوين التي تترتب عليها مصداقية الإنسان في انتمائه الإيماني، الصدق عنوانٌ إيمانيٌ مهم، وأساسيٌ في تحقيق التقوى، ولذلك واقع المؤمنين المتقين أنهم أهل صدق، ويتحرون دائماً الصدق. {وَالصَّادِقِينَ}، في التزاماتهم الإيمانية، والعملية، وانتماءاتهم، ومواقفهم، ويتحرون الصدق فيما يقولون”.
الْقَانِتِينَ:
يؤكد السيد القائد أن القانتين هم دائماً في حالة خضوعٍ لله سبحانه وتعالى، وخاشعين لله، ولذلك لديهم استعداد في طاعة الله في كل شيء، يقول من قوله تعالى: “{وَالْقَانِتِينَ}، هم دائماً في حالة خضوعٍ لله “سبحانه وتعالى”، خاضعين لله، خاشعين لله، ولذلك لديهم استعداد في طاعة الله في كل شيء، ليس هناك بالنسبة لهم تأثيرات سلبية لمزاجهم الشخصي، أو لنوازعهم وعقدهم الشخصية، فيأنفون من تنفيذ أي شيءٍ فيه رضاً لله، أو أمر الله به “سبحانه وتعالى”، المهم بالنسبة لهم هو رضوان الله، كيف يرضى عنهم، مقابل أن المهم لدى الكثير من الناس هو الناس وليس رضا الله، رضا الله هو المهم بالنسبة لعباده المؤمنين المتقين، ولا يأنفون، ولا يستنكفون، ولا يستكبرون من أن يعملوا ما هو رضا الله “سبحانه وتعالى”، ولو كان مزاجهم الشخصي قد لا ينسجم مع ذلك، أو كلام الناس، أو إثارة الناس، وبالذات أن البعض من الناس لديهم خبرة شيطانية في استثارة الإنسان تجاه عمل قد يكون مهماً، وفيه مرضاةٌ لله “سبحانه وتعالى”، فيأتون لاستثارة الإنسان؛ ليعيقوه عن ذلك العمل، مهما كان عظيماً ومهماً.
أو أحياناً في سياق العمل في سبيل الله وطاعة الله، والأعمال التي هي أعمالٌ منسجمةٌ مع التقوى، وقائمةٌ على أساس التقوى، قد يأتي من يثير فيك الحساسيات الشخصية، والحسابات الشخصية، والعقد الشخصية؛ لينفرك منها، ويجعل حساباتك فيها حسابات شخصية، مناصب، مواقع وهمية، مسميات معينة، حسابات معينة، وبالتالي تأنف، أو أحياناً بدافع العقدة تتوقف عن عمل معين، {وَالْقَانِتِينَ}، فهم في حالة خضوع تام لله، وانقياد تام لأمر الله “سبحانه وتعالى”، لا أنفة فيهم، لا كبر فيهم، لا عقد لديهم.
روحية العطاء والإنفاق باستمرار:
يُبيَّن السيد القائد أن المسألة بالنسبة للمتقين هي أنهم يتعاملون في مسألة الإمكانات المادية كوسيلة وليس كغاية، فهم يبتغون الدار الآخرة فيما مكنهم الله منها، ويستشعرون مسؤوليتهم فيها، ولهذا فهم في حالة إنفاق من كل ما رزقهم الله، حيث يؤكد أهمية وصف المتقين بأنهم منفقين حتى تكون نظرتنا صحيحة إلى مسألة الإمكانات المادية، فالمتقين يحملون روحية الإنفاق، والعطاء، ويجودون مما رزقهم الله سبحانه وتعالى ضمن التزاماتهم الإيمانية، التي في مقدمها الإنفاق في سبيل الله، يقول: “{وَالْمُنْفِقِينَ}، فنلاحظ مثلاً وصفهم بالمنفقين، حتى تكون نظرتنا صحيحة إلى مسألة الإمكانات المادية، أن المسألة بالنسبة للمتقين أنهم يتعاملون بها كوسيلة وليس كغاية، فهم يبتغون فيما مكنهم الله منها يبتغون الدار الآخرة، يستشعرون مسؤوليتهم فيها، فهم في حالة إنفاق من كل ما رزقهم الله، ومن كل إمكاناتهم التي مكنهم الله بها “سبحانه وتعالى”، وبشكلٍ مستمر، روحيتهم روحية عطاء”.
الاستغفار في الأسحار:
من قوله تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}، يؤكد السيد القائد أن الاستغفار هو صفة مستمرة للمتقين، فهم يستمرون في الاستغفار، وطلب المغفرة، ويتخيرون لذلك أحسن الأوقات المعروفة بالاستجابة والقربة، حيث يقول: “يأتي أيضاً قوله تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}[آل عمران: من الآية17]، كصفة مستمرة، فهم يستمرون في الاستغفار، وطلب المغفرة، بل ويتخيرون لذلك أحسن الأوقات المعروفة بالاستجابة والقربة، أو من أحسنها، بالاستجابة والقربة إلى الله سبحانه وتعالى”.
وفي ضوء ماسبق، يؤكد السيد القائد في محاضراته الرمضانية المتعلقة بآفاق التقوى بأن: “هذه النماذج يقدمها الله “سبحانه وتعالى” يعرفنا بها عن التقوى والمتقين، إضافةً إلى ما وعدهم الله به “سبحانه وتعالى”، هذه كلها في متناولنا جميعاً، في متناول الفقير والغني، في متناول المسؤول والشخص العادي مثلاً الذي هو مواطن ليس في موقع مسؤولية معينة، وهذه المواصفات في قوله: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ}، هي تفيد الاستمرارية، هم هكذا بشكلٍ مستمر، البعض من الناس يصبر مرحلة معينة، بعد ذلك يتغير تماماً، يكون قانتاً منطلقاً بتسليمٍ تام لأمر الله، في طاعة الله، فيما هو رضا لله، لمراحل معينة، في مراحل يتغير، تصبح عنده أولويات، اعتبارات أخرى، يريد مناصب، يريد مكاسب، يريد أهدافاً شخصية، أو البعض من الناس يصل إلى مستوى معين فيدخل في عقد وإشكالات فيتوقف؛ أما هؤلاء فمواصفاتهم هذه تفيد الاستمرارية”.