مع العلم القائد: مبدأُ التعاون
هنادي محمد
تحدّث السيدُ القائد -يحفظُه اللهُ ويرعاه- في محاضرته الرمضانية الخامسة عشرة حول موضوع “التّعاون على البرِّ والتّقوى”، أنّهُ مبدأٌ إسلاميٌّ مهم تحتاجُهُ الأُمَّــةُ لصلاح واقعها، ويعني بشكلهِ العام: تجميعُ الجهد على نحوٍ جماعيّ للقيام بعملٍ أَو مسؤوليةٍ معينة، وهو من حَيثُ مستوى الإنجاز والتكامل والكلفة أخفّ بكثير على الشخص، وهو ضروريٌّ لإتمام الأعمال الكبرى.
في المقابل يبقى الجهد الفردي محدود في القدرة والمستوى على الفرد نفسه، وبطبيعة الواقع البشري الحياة فيه مشتركة، وفيها من الأعمال ما يستحيل إنجازه بالجهد الواحد، والمجتمعات الأكثر نجاحًا وقوةً وتقدّمًا وإنجازاً هي التي تمكّنت من رفع مستوى التعاون بوتيرة أعلى وأفضل وفق رؤى.
بينما نجد الحالة السلبية السائدة في واقع مجتمعنا المسلم، بعثرة وتوجّـه فردي إلى أبعد الحدود لدرجة فقدنا فيها الهمّ الواحد، ونحنُ الذين خاطبنا الله -جلَّ شأنهُ- وقدّم لنا أعظم المبادئ والقيم والأخلاق والأهداف التي خير ما تجتمع عليه الأُمَّــة، ولم تنفع فينا كُـلّ هذه المقومات الجامعة بالرغم من أننا أُمَّـة ضخمة في قدراتها وثرواتها المادية والبشرية وشملنا من عطاء الله الكثير، نجد مدى خسارتنا نتيجة ضياع هذا المبدأ.
كلنا يعلم أنه لو تظافرت جهود المسلمين بتوجّـه جاد واعتماد على الله لما كانت فلسطين يدنسها اليهود والنصارى وتعاني أنواع الاضطهاد والظلم والقهر، وتوحد الغربيون بفعل تفرق الأُمَّــة ولم يعد من المؤمل فيما هم عليه المسلمين اليوم من حواجز وتفرق، وما يعوّل عليه ويمكنه أن يثمر هو نشر الوعي وترسيخه في أوساط الأُمَّــة من قبل أبنائها الأحرار من الذين يحسّون بمسؤوليتهم تجاه أُمَّتهم، ويجب أن ندرك جيِّدًا؛ باعتبَار هُــوِيَّتنا الإيمَـانية ثمرة التعاون ونحنُ من أدركناه في مواجهة العدوان، وهو ما أسهم في تعزيز صمودنا وأوصل العدوّ إلى الإخفاق والفشل والهزيمة، التعاون بالنهوض بالمسؤولية الجماعية، الجهاد في سبيل الله، ولا بركة إلّا بالجهد الجماعي وهو لا يلغي خصوصية الفرد، وما أكثر ما يحصل من التعاون بالإثم والعدوان هو في مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت من الميادين التي يجب أن يتم التعاون فيها على البرّ والتقوى، وهنا توجيه مهم جِـدًّا من العلم القائد يجب أن يُنظر إليه بعين المسؤولية الإيمَـانية وبجدّية الانتماء، والعاقبـةُ للمتّقيـن.