مبادرة سلام شجاعة وليست شيكاً على بياض
افتتاحية الثورة
المبادرة الأحادية التي أعلنها فخامة الأخ الرئيس مهدي المشاط في خطابه أمس باليوم الوطني للصمود 26 مارس 2022 – الذي ينقضي به العام السابع للصمود في مواجهة العدوان الإجرامي الأمريكي الغادر على اليمن ونلج منه إلى العام الثامن-تعتبر خطوة شجاعة إلى الأمام يفتتح بها الرئيس المشاط العام الثامن من الصمود في مواجهة الحرب العدوانية السعودية الأمريكية ، فاتحا أبواب السلام على مصراعيها بخطوات عملية تشمل كافة جوانب الحرب العسكرية والميدانية والاقتصادية والأسرى.
وحتى لا تستبد الأوهام والظنون بالنظام السعودي ومنظومة العدوان بشكل عام ، فالمبادرة انطلقت من موقع القوة والاقتدار ، لم تأت من ضعف ولا تراجع ولا إخفاق ، ففيما لم تحقق الحرب العسكرية بالغارات والصواريخ المحرمة والمحظورة أهداف تحالف العدوان ، فشلت حرب التجويع والحصار والخنق والضغوط القصوى في ذلك ، وكما ارتدت الحرب العسكرية على عمق السعودية تحديدا فقد ارتدت حرب التجويع عليها كذلك ، وما أحدثته هو أنها جعلت اليمنيين مكرهين في التوجه إلى الجبهات للقتال ومواجهة العدوان بعدما شعروا بأن القتال ضرورة مقدسة.
من الواضح أن مبادرة الرئيس ليست مجرد مبادرة فحسب ، بل كانت قرارا أحاديا شجاعاً بوقف العمليات العسكرية تجاه السعودية ، ووقف العمليات الهجومية في مختلف الجبهات الميدانية ، ووقف العمليات باتجاه مارب ، علاوة على الاستعداد في الإفراج عن الأسرى على قاعدة الكل مقابل الكل ، لكنها في الوقت نفسه ليست شيكا على بياض، فوقت المبادرة ينتهي بـ 29 مارس ، وهي تقتضي من تحالف العدوان أيضا أن يبادر إلى الخطوات نفسها ، وهي كذلك ترسم طريقا واضحا إلى السلام الذي يجب تحقيقه ، وهي كذلك ترمي بطوق نجاة لتحالف العدوان والسعودية على وجه أخص.
وفيما لم تكن المبادرة مجرد إعلان خطابي أُطلق في الهواء ، فقد جاءت مقرونة بالخطوات العملية الفورية التي برهنت المصداقية في رغبة السلام باتخاذ الخطوات المؤدية إليه وفق خارطة موضوعية وزمنية في آن تبدأ بتعليق الضربات الصاروخية والطيران المسيّر ، ولكافة الأعمال العسكرية باتجاه السعودية براً وبحراً وجواً لمدة ثلاثة أيام ، والمطلوب لتتحول هذه الخطوة إلى التزام نهائي ودائم ومستمر أن تلتزم مملكة العدوان السعودية بإنهاء الحصار ووقف الغارات العدوانية بشكل نهائي ..
أما قرار الرئيس بوقف العمليات الهجومية في كافة الجبهات والمحاور الميدانية ولمدة ثلاثة أيام هي خطوة ثانية تقود إلى وقف الحرب الميدانية والمواجهات ، وتحولها إلى سلام دائم ونهائي مرهون بإعلان السعودية سحب جميع القوات الخارجية للتحالف من أراضينا ومياهنا ووقف دعم المليشيات الارتزاقية في بلادنا ، فهل يتخذ تحالف العدوان والسعودية على وجه أخص هذه الخطوة ، وهل في سحب الجيوش الغازية والمليشيات الارتزاقية ووقف تسليحها مطالب تعجيزية على السعودية، أو ضرر بها؟.
وبخصوص مارب فإن المبادرة تقضي بتعليق العمليات الهجومية مع إعادة عرض ما تضمنته مبادرة قائد الثورة بخصوص مارب ، والكرة الآن في ملعب أبناء مارب ، إذ أن المبادرة التي طرحها قائد الثورة على الوفد العماني فيما يخص مارب هي مبادرة عادلة ومنصفة لأبناء مارب في المقام الأول ..
وتتعلق بتأمين الطريق وتشغيل الكهرباء والاستفادة من الثروة الغازية والنفطية بما يعود على أبناء مارب بالخير الوفير وعلى بقية الشعب اليمني بتوفير الحد الأدنى من الاحتياج ، ولا تتضمن أي مطالب خاصة بأنصار الله أو بحلفائهم ، بل هي ترعى مصلحة الشعب اليمني بشكل عام ومصلحة أبناء مارب على وجه الخصوص. وفيما يتعلق بالأسرى فإن الرئيس أكد استعداده للإفراج عن كافة الأسرى بما فيهم شقيق هادي وكل أسرى مليشيات المرتزقة وبما فيهم الجنسيات الأخرى ، مقابل الخطوة نفسها من قبل العدوان في الإفراج الكامل عن كافة الأسرى لديه..
ووجه الرئيس دعوته إلى المبعوث الأممي للعمل على تيسير تبادل الكشوفات والاتفاقات التنفيذية كدفعة كاملة ، أو على دفعات وبما يضمن الإفراج الكلي عن كافة الأسرى من الجانبين ، لما في ذلك من جوانب إنسانية يفترض مراعاتها ، فهل سيقبل تحالف العدوان بتنفيذ الإفراج الكامل مقابل الإفراج الكامل ، لا نفترض فيه رحمة بأسرانا لديه، فقد قام بإعدام بعضهم وتعذيبهم جميعا ، لكن السؤال المطروح، هل يكترث بمعاناة أسراه وأسرى مرتزقته ومليشياته أو بمصائرهم أو بحياتهم خلف القضبان ، أم لا يكترث لكل ذلك؟ الجواب سنعرفه في كيفية تعاطيه مع الملف.
تحقيق السلام مرهون بالخطوات الجادة التي تؤدي إلى إرساء دعائمه وقد سبق الأخ الرئيس المشاط إلى ذلك ، وإذا كانت السعودية ومنظومة العدوان تسعى إلى السلام فعليا ففي مبادرة الرئيس وخطواته العملية والشجاعة سلام حقيقي طريقه واضح وسهل ، وبات تحقيق السلام اليوم مرهون بالخطوات المنتظرة من السعودية وتحالف العدوان ، والمتمثلة في وقف العدوان ورفع الحصار وسحب القوات الغازية وهذه حقوق أساسية ثابتة ومكفولة للشعب اليمني في كل مواثيق وقوانين الدول ومبادئ السيادة والاستقلال ، وليست شروطا ولا فروضا على السعودية وحلفها ، ولا هي مطالب تعجيزية يصعب تنفيذها.
على السعودية إثبات جديتها في السلام بالتعاطي الإيجابي مع مبادرة الرئيس الشجاعة ، وعليها أن تبرهن رغبتها بخطوات عملية مماثلة ، في الاستجابة بوقف اطلاق النار ، وإزالة الحصار بإطلاق السفن المحتجزة والالتزام بعدم قرصنتها ، وبإخراج القوات الأجنبية من أراضينا ، وبإعلان الاستعداد للإفراج عن الأسرى ، وعليها الإدراك أن مبادرة الرئيس هي امتحان مكشوف لها ، قد تنجح فيه بالتعاطي الإيجابي ، وقد تسقط بركوبها الغي والعناد والكبر حينها فإلى حيث ألقت رحلها أم قشعم ، ومصارع السوء بانتظارها ، وقادم الحرب إن استمرت ستكون وبالا عليها وحرائق وخسائر وضربات لا قبل للسعودية بها بعون الله وبتأييده وبتوفيقه.