قوافلُ الإباء
عبدالسلام عبدالله الطالبي
انطلاقاً من قول الحق جل وعلا: “إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأموالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالقرآن وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” صدق الله العظيم، فما من أحد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات إلا الشهيد لما يرى من الكرامة.
وحديث السيد القائد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي، عن الشهادة بأنها أوسمة شرف ومقاليد عزة وكرامة ودعوة كريمة للولوج إلى ضيافة نادرة في عطائها وسخاء مأدبتها، كما أنها محطات فخر واعتزاز سطرها القرآن الكريم في الآيات المحكمة المنزلة على أشرف الأنبياء والمرسلين الذي جاء بالحق وبالحق نزل، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به.
ليؤكّـد ذلك الرحمة المهداة والنعمة المسداة في وصفه بأن الشهيد هو الوحيد من يتمنى أن يعود إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة في الجنة، وليتوارث هذا العطاء النخبة الطاهرة من سلالة المد النبوي الطاهر ليتوارث نهجاً ومبدأ وسلوكاً، بداية في شخصية الإمام الشهيد العابد وذي الفقار الفدائي المجاهد الإمام علي -عليه السلام- الذي أجاب على الرسول الأكرم -صلوات الله عليه وعلى آله- عندما أخبره بأنها ((ستخضب لحيته من دم رأسه)) فأجابه (أفي سلامة من ديني يا رسول الله) قال: نعم، فقال: ((إذاً لا أبالي وقعت على الموت أم وقع عليَّ الموت)).
والذي ختم شهادته بمقولته الشهيرة (فزت وربِّ الكعبة) ليمتد من بعده وعلى نهجه هذا المشروع النهضوي في مواجهة الطغاة والمستكبرين في كُـلّ زمان ومكان تحت عنوان الجهاد في سبيل الله ونصرة المستضعفين حتى يحكم الله بحكمه وهو خير الحاكمين، لنجد أن هذا المسار مترابط ومتصل بتوجيهات الله ورسوله وأعلام بيته.
لذلك جاءت مواكب الإباء على هذا النحو ما شد الأغلب للتسابق على موائد الشرف لرجاء نيل هذا الوسام، تجلى ذلك في واقعة كربلاء والأُمهات يبعثن بفلذات أكبادهن في مقتبل العمر للجهاد مع الإمام الحسين بن علي -عليهم السلام- والتحَرّك تحت لوائه حتى وإن آل بهم ذلك للاستشهاد.
نعم، سباق يبعث على الدهشة والغرابة لمن يجهل معنى الشهادة في سبيل الله والمكانة والمقام الرفيع الذي وعد الله به الشهداء الأخيار الذي نهانا في محكم كتابه عن أن نقول بأنهم أموات، وهَـا هو التاريخ يعيد نفسه مع واقعة اليوم في تصدي اليمن لهجمة دول الاستكبار العالمي وحربهم الشرسة التي لا ترقب في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمة.
ورغم الفارق في العدة والعتاد وسطوة اعتداء دول التحالف التي يستخدم فيها أفتك أنواع السلاح، إلَّا أنه يلحظ ورغم الاقتراب من الولوج في العام الثامن على التوالي إلَّا أن هناك اندفاعاً غير مسبوق ومنقطع النظير للشباب الأحرار الذين يتسابقون على الالتحاق بميادين البطولة والشرف حباً وكرامة ورجاء لنيل شرف الاستشهاد.
مواكب إباء توثق بل وتعرض على مرأى ومسمع وعبر كافة الوسائل الإعلامية دونما خجل أَو ارتياب في ظل قضية عادلة يعتز ويفخر الإنسان بالانضواء تحت لوائها.
فأين هي مواكب الأغبياء والمرتزِقة؟ لماذا لا نجد لهم مواطن للاحتفاء بشهدائهم؟
والسؤال لأقارب من قتلوا في صف العدوان: هل يتاح لكم معرفة مصير ذويكم؟ أم أن هناك روضات شهداء كروضات شهداء الجيش واللجان، يتسنى لكم زيارتها وأخذ صور تذكارية لكم ولأولادكم بجانب مراقد شهداءكم، فالوفاء لتضحيات الشهداء أقل معاني الوفاء!
* رئيس الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة
