إعدام الأسرى جريمة حرب
زيد الشُريف
إعدام الأسرى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، حتى ولو كان الأسرى من غير المسلمين، فما بالك عندما يكون الأسرى من المسلمين؟ والله تعالى حرَّم قتل الإنسان بشكل عام إلا بالحق وحرَّم قتل الإنسان المسلم عمداً بدون أي ذنب إلى درجة أن الله سبحانه وتعالى أعد عذاباً عظيماً ووجَّه لعنة خاصة لمن يرتكب جريمة القتل بحق إنسان مسلم، قال تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، وفي هذه الآية ما يوضح ويكشف حرمة قتل الإنسان المسلم حتى ولو كان أسيراً في المعركة، لأنه لا يجوز قتل الأسير على الإطلاق، وقد فصل الله تعالى كيفية التعامل مع الأسرى بقوله تعالى {فَإِمَّا مَنَّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}، وقوله تعالى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}، وفي هذه الآيات ما يشهد على أخلاق الإسلام الذي يحرم قتل الأسرى ولا يبرر قتلهم نهائياً بل يؤكد أن من يفعل ذلك فإنه يتعدى حدود الله ويعتبر من المفسدين في الأرض، بل هو من المجرمين الذين ينتهكون حرمات الله فيحق عليه غضب الله وغضب عباده.
جريمة إعدام عشرة أسرى في الساحل الغربي من قبل مرتزقة تحالف العدوان هي جريمة حرب مركبة تم ارتكابها عمداً على طريقة داعش والقاعدة، وتم تصويرها ونشرها بهدف ترويع الناس والظهور في وسائل الإعلام بشكل يكشف وحشيتهم وعدوانيتهم، يريدون من خلالها أن يثبتوا للناس أنهم أقوياء، ولكن هذه الجريمة أثبتت للجميع أنهم أضعف وأحقر المخلوقات لأن الجرائم ليست من صفات الأقوياء ولا من أفعالهم وليس لها علاقة بالشجاعة ولا بالبطولة ولو كان أولئك القتلة المجرمون يملكون ذرة من الشجاعة والبطولة لما قاموا بقتل الأسرى وتركوا جبهات الحرب المشتعلة، وهذا أكبر دليل على أنهم جبناء أذلاء في ميدان المعركة ولا يملكون من قيم الدين الإسلامي أي صفة ولا يملكون من الإنسانية سوى الاسم، أما المضمون فإنهم ضباع بشرية تقتل أبناء جلدتها بكل وحشية وبدون ذنب وبدوافع وغرائز شيطانية ما أنزل الله بها من سلطان.
إعدام الأسرى جريمة وحشية يمقتها ويستنكرها كل البشر بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم وهي جريمة بحق الإنسانية وجريمة مستنكرة ومرفوضة وفق ما تنص عليه المواثيق الدولية حتى في ميدان المعركة بين أي دولة وأخرى، وفوق هذا كله تعتبر جريمة كبرى وفق قوانين الشريعة السماوية ويحرمها الإسلام والقرآن الكريم ورسول الإسلام محمد- صلوات الله عليه وعلى آله وسلم- وكل المسلمين بمختلف أطيافهم ومذاهبهم ولا يوجد من المسلمين من يرتكب هذه الجريمة فهي حصرية على الطواغيت والمجرمين والتكفيريين الذين يقولون زوراً وبهتاناً أنهم ينتمون للإسلام إلا أن مواقفهم وأفعالهم تشهد على أنهم أبعد الناس عن الإسلام، بل حتى أبعد الناس عن الإنسانية وهم عندما يمارسون مثل هذه الجرائم البشعة يتعمدون تشويه الإسلام والمسلمين والإساءة إلى هذه الأمة وإلى كتابها وإلى نبيها ولكنهم اُضحوا اليوم في اليمن وفي سوريا وفي العراق وصار الجميع يعرف حقيقتهم وعدم صلتهم بالدين الإسلامي..
ولهذا تعتبر الجريمة التي ارتكبها مرتزقة العدوان في الساحل الغربي المتمثلة في إعدام عشرة من أسرى الجيش واللجان الشعبية من أشد الجرائم بشاعة وفظاعة وهي جريمة وحشية أثارت حفيظة الشعب اليمني واستفزت مشاعر أبنائه لأنه شعب الإيمان والحكمة ويعرف جيداً أن من يرتكبون مثل هذه الجرائم هم أبعد الناس عن الإيمان والحكمة وهو يرفض هذه الجرائم جملة وتفصيلاً، والأمر الذي يجب أن يكون مرتزقة العدوان مرتكبوا هذه الجريمة على يقين منه هو أن الشعب اليمني ورجاله أبطال الجيش واللجان الشعبية لن يتهاونوا في الانتقام للأسرى والانتصار لمظلوميتهم ولأهاليهم كواجب شرعي ووطني وإنساني لا بد من القيام به انطلاقاً من قول الله تعالى {ومَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطانًا} صدق الله العظيم.