تحريرُ مأرب.. ومبادراتُ الحل في اليمن
محمد صالح حاتم
بعدَ الانتصارات العسكرية التي حقّقها الجيشُ اليمني واللجانُ الشعبيّة في البيضاء وشبوةَ ومأربَ، والتي عُرفت بعمليات فجر الحرية، وربيع النصر، وأصبح الجيش اليمني على أبواب مدينة مأرب، وإن دخولها مسألة وقت كما أعلن عنه وزير الدفاع العاطفي.
اليوم تغيّرت موازينُ القوى على الأرض، خَاصَّةً بعد دخول الجيش اليمني مديريات العبدية والجوبة وجبل مراد، وأصبح السؤال: ماذا عن فرص تحقيق السلام في اليمن بعد تحرير مدينة مأرب؟
تحريرُ مأرب يعني سقوط مشروع الأقلمة الذي كان مؤتمرُ الحوار اليمني قد أقره رغم معارضة بعض القوى السياسية ومنها أنصار الله، وكذلك السيطرة على آخر معقل حزب “الإصلاح”، والتي كانت تأوي الكثير من عناصره، كما تعد مأرب النفطية والغازية مورداً اقتصاديًّا كَبيراً كانت تذهبُ لجيوب القيادة الإخوانية، كُـلُّ هذا يجعل منها محافظةً استراتيجيةً عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، ومن يسيطر عليها سيقلب موازين القوى.
السيد عبدالملك الحوثي قدّم مبادرةً لمحافظة مأرب مكونة من تسع نقاط، يجنِّبُها ويلاتِ الحرب ويحقن دماء أبنائها وأبناء اليمن، هذه المبادرة لاقت تجاوباً وترحيباً من قبائل مأرب، وهي التي وقفت إلى جانب قوات الجيش اليمني ولجانه الشعبيّة في معركة تحرير مديريات مأرب (العبدية، الجوبة، وجبل مراد،) وثلاث مديريات في شبوة (عسيلان، وبيحان، والعين).
هذه المبادرة ليست الأولى فقد تم تقديم عدة مبادرات من جانب الوفد الوطني المفاوِض، كما قدمت السعوديّة مبادرات بمثابة فرض الاستسلام على الجانب الوطني، وكذا المبعوث الأمريكي والأممي.
لكن مبادرة السيد ستكون هي المبادرة المرحَّبَ بها ليس في مأرب وحسب! ولكن في جميع المحافظات اليمنية التي تسيطر عليها قوات التحالف السعوديّ الإماراتي.
كما إن معركة تحرير مأرب ستسقط القرار الأممي 2216 الذي صدر في عام 2015م بعد شن عاصفة الحزم على اليمن، وهذا ما أعلن عنه السفير البريطاني في اليمن ريتشارد أوبنهايم في حواره الأخير مع صحيفة الشرق الأوسط، وهذه هي المرة الأولى التي يعلن مسؤولٌ عن ضرورة تغيير القرار 2216 وأنه لم يعد صالحاً؛ كون خارطة السيطرة على الأرض تغيرت، في إشارة إلى قُرب تحرير مأرب، كما ستسقط معها باقي مرجعيات الحل في اليمن التي كان يشترطها العدوان الأمريكي السعوديّ، وحكومة هادي في أي حوار أَو مفاوضات سلام، وهي مخرجات الحوار والمبادرة الخليجية.
الوضع يصب في صالح صنعاء، وَباتت على وشك كسر العُزلة السياسية الدولية المفروضة عليها، وهذا ما ألمح إليه الرئيس مهدي المشاط في خطابه بالعيد الـ58 لثورة 14 أُكتوبر، وتمكّنت حكومة الإنقاذ في صنعاء من الحفاظ على سعر العُملة الوطنية أمام الدولار، واستقرار أسعار المواد الغذائية، كُـلُّ هذا يصُبُّ في صالح المدافعين عن الوطن، ويجعل من مبادرة مأرب خارطة طريق للحل في اليمن.