أحفاد الأنصار.. ارتباطٌ وجداني وتاريخي بالرسول والرسالة
فهد شاكر أبو راس
ليس غريباً على أحفادِ الأنصارِ الارتباط والتفاعل والمحبة والتعلق الحميمي والوجداني برسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم).
كيف لا ونحن من وهبنا الله سبحانه وتعالى شرفاً عظيماً في تاريخ الإسلام بأن جعلنا ذُخراً لنصرة الدين وأنصاراً لرسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم) في أول التاريخ وفي آخره.
ففي أول التاريخ كان أجدادنا الأوس والخزرج ذُخراً للدين وأنصاراً للرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم) بعد أن أبقى عليهم الملك (تُبع اليماني) في المدينة ليكونوا ذُخراً لخاتم الأنبياء والمرسلين محمد (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم) وفعلاً عندما جاء الوعد الإلهي وأتى النبي محمد (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم) إلى المدينة مهاجراً استجابوا له بكل رغبة وكانوا له الأنصار والمدد حين بايعوه على النصرة والجهاد ورفع راية الإسلام والإيواء له ومن هاجر معه فكانوا بذلك كما قال الله عنهم في كتابه الكريم {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أنفسهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} تبوأوا الدار، سكنوا المدينة منذ القدم وسبقوا إليها منذ زمن بعيد تواجدوا فيها منذ أجيال بعيدة ليكونوا ذُخراً للدين وأنصاراً لله ورسوله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم).
فعندما أتى الموعد كانوا هم الأوفياء مع ذلك الوعد الإلهي حين استجابوا وسارعوا في الاستجابة لله ورسوله {تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} استوطنوا الإيمان كما استوطنوا الدار من قبل فكان إيمانهم راسخاً وثابتاً {مِن قَبْلِهِمْ} إيمان من قبل إيمان المهاجرين ومن قبل الهجرة ومن قبل البعثة بكلها وليس فقط من قبل الهجرة، الهجرة التي حكى الله عن ما قبلها من تعنت الكافرين بمكة وتعنت قريش في تلك الفترة، فترة ما قبل الهجرة بقوله سبحانه وتعالى {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ} مسؤولية عظيمة وجليله إلى درجة أن الله سبحانه وتعالى كان قبل البعثة المحمدية والهجرة من مكة إلى المدينة قد أعد لحمل هذه المسؤولية رجالاً جديرين بحمل تلك المسؤولية وأنصاراً للدين وأنصاراً للرسول والرسالة، وهذا شرف عظيم لنا نحن اليمنين أن جعلنا الله أنصاراً لنبيه وذُخراً لنصرة دينه من قبل بعثة الرسول والرسالة إلى يومنا هذا وإلى قيام الساعة، شرف عظيم وارتباط وثيق ووجداني وتاريخي بنصرة دين الله على مر العصور.
وما نجد كُـلّ هذا التميز والاحتفاء الكبير لشعب اليمن وأحفاد الأنصار بذكرى المولد النبوي الشريف إلا تعبير بسيط عن الفرحة والارتياح وإظهار للبهجة والسرور وعن الارتباط الوثيق والوجداني والتاريخي برسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) من حَيثُ هذا التفاعل الكبير مع هذه الذكرى والاحتفاء بها على النحو المتميز بالاجتماع الحاشد والكبير جِـدًّا جداً في اليوم الثاني عشر من هذا الشهر، برغم المعاناة الكبيرة إثر العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم والظالم، وبرغم كُـلّ تلك المعاناة الكبيرة لا يزال شعبنا اليمني متمسكاً بتفاعله الكبير والمتميز مع هذه الذكرى وإن جن جنون تلك القوى التكفيرية والظلامية من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بمُجَـرّد أنهم لا يرونه طرفاً من تلك الأطراف التي ترتبط تلك القوى بها أَو تنتمي إليها فيحل لها كُـلّ شيء قالوا عنه بدعة.. وكُـلّ شيء يرتبط برسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وتعظيمه يقولون عنه بدعة.
فهنيئاً لنا نحن شعب اليمن هذا الشرف العظيم وهنيئاً لنا أن نستمرَّ ونحذوَ حذوَ أجدادنا الأنصار في نصرتهم للإسلام وفي التمسك بمبادئ الإسلام وبقيم الإسلام وبالارتباط الحميمي والوجداني وبالمحبة العظيمة لنبي الإسلام محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وبالتمسك بعزة الإسلام وبحريته، الإسلام الذي جعل منا شعباً مستقلاً لا يقبل بالتبعية لأعداء الله ولا بالتبعية للمنافقين ولا بالتبعية لمن عبدوا أنفسهم لأمريكا وإسرائيل أعداء البشرية والإنسانية أعداء الإسلام والمسلمين.
هنيئاً لنا هذا الاستمرار على نهج الأنصار برغم ما فيه من تضحية وعناء إلا أننا سوف نجعل من هذه الذكرى محطة نتزود منها الكثير والكثير بعطائها العظيم، العطاء المعنوي والتربوي والأخلاقي الذي يعزز من ثباتنا وصمودنا في موجهة التحديات الكبيرة والصعوبات العظيمة حتى نكون فعلاً وعلى الدوام كما قال رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عنا: (الإيمان يمان والحكمة يمانية).