السيد القائد” ما أحوجنا لمعرفة الرسول المعرفة الصحيحة وأن نتعرف على رسالته ومنهجه”
عمران نت – اليمن – 1ربيع الاول 1443هــ
أوضح السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ، في كلمته اليوم التي دشن من خلالها فعاليات المولد النبوي الشريف العديد من النقاط والأساليب التي تحدث القرآن عنها في كيفية التعامل مع الرسول محمد صلوت الله عليه وعلى آله.
وقال السيد : إن الرسول محمد وهو خاتم الأنبياء والمرسلين وهو الذي بلغ أعلى مرتبة بين كل الرسل في كماله ومنزلته عند الله وفي تجسيده لكل القيم والمبادئ الإلهية العظيمة، فأن يكون قدوتنا وقائدنا ومرشدا وهادينا هو خير البشر فهو أرشد البشر وأزكاهم وأعظمهم وأعلاهم في مراتب الكمال الإنساني والبشري والاعظم منزلة عند الله واتقى خلق الله.. مؤكدا أن هذا شرف ونعمة عظيمة ومبعث اعتزاز نعتز به وتبقى المسؤولية علينا في الاقتداء به وفي الحرص على معرفته من خلال القرآن وما كان متوافقا مع القرآن من المرويات والأخبار وما ورد في السير فنحن في أمس الحاجة والعالم بكله في أمس الحاجة إلى معرفة الرسول معرفة صحيحة وأن نستوعب كماله ومنزلته العظيمة عند الله وأن نتعرف على رسالته ومنهجه الذي نحن ملزمون أن نتمسك به في الحياة .
وأضاف السيد ” المنة من الله برسوله كلها تتجه بمضمون رسالته التي تتجه الى نفوسنا لتزكيها وهي نورا نستضيء به في الحياة “.. موضحا أن من اول ما يركز عليه القرآن أن نستشعر عظمة الرسول.. مضيفا أن الحديث في القرآن يوضح علاقتنا بالرسول وأنها ذات أهمية ومن فوائد ذلك أن نستوعب عظمة الرسول وما يعنيه لنا الرسول وأن تكون علاقتنا بالرسول علاقة قوية يعززها الوعي والمعرفة الكبيرة برسول الله وكماله ودوره.
كيف تكون علاقتنا برسول الله
ولفت السيد إلى أن حالة الإقرار العام والاجمالي برسول الله بانه رسول من الله والتي نعبر عنها بالشهادتين هي عنوان الايمان وبدايته ولكنها اجمال فلا يكفي مجرد الإقرار بأنه رسول الله، فذلك لا يعزز العلاقة بالرسول الذي يكون ثمرته التأسي والاعتزاز بكل يقين وهذه مشكلة عانا منها المسلمون حتى في زمن الرسول بالبعض كانوا يشهدون أن محمد عبد الله ورسوله ويشهدون برسالة الله ، ولكن القرآن توجه بخطاب إليهم فيه تنبيه عن قصور في علاقتهم بالرسول على مستوى الاحترام وطريقتهم بالتعامل مع رسول الله ومستوى الاتباع والالتزام والتفاعل وعلى المستوى العملي فميدان العمل يعزز علاقتنا الايمانية برسول الله .
نماذج من تعظيم الرسول
ذكر السيد القائد عددا من الآيات القرآنية التي تؤكد أهمية تعظيم الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، ومنها قول الله (لتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ)، فعلاقتنا بالرسول أن نعظمه ونعرف أنه ليس انسانا عاديا بل ننظر اليه بمستوى مكانته عند الله وأنه عبد الله ووليه وخيرة خلقه والله يأمرنا في القرآن أن نعظمه وأنه قرن الإيمان به والتعظيم والنصرة والتوقير لرسوله ..ومما جاء في القرآن وهو يخاطب المسلمين المعاصرين للرسول ” لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم” فالسلوكيات والتصرفات وطريقة التخاطب مع الرسول لا تأني بطريقة مجردة من الاحترام والتقديس فسلبيات ذلك أنه يحبط الأعمال والتي من ضمن هذه الأعمال الصلاة والصوم والحج والجهاد والانفاق ، فالأعمال كلها معرضة أن يحبطها الله وأن تبقى بلا قيمة بمجرد أن يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي.
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَٰتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }
وفي هذه الآية أوضح السيد أنها تؤكد منزلة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وعظمته، فكان هذا التصرف معيارا لمستوى تقوى وإيمان من كانوا في زمن الرسول حيث كان غضهم لأصواتهم عند رسول الله يعبر عن تعظيمهم وادراكهم لعظمة رسول وكيفية العلاقة مع رسول الله والاستفادة من رسول الله والاقتداء والاتباع والعمل وفي هذا قدم القرآن لفتة عن خطورة النظرة الاعتيادية الروتينية التي هي مجرد إقرار.
{ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا }
وأوضح السيد أن الآية تؤكد أنها كانت حالة متكررة وأن المسلمين وعندما يكونوا بمحضر الرسول وفي مقام خطبة الجمعة ورسول الله يتحدث إليهم ويتلوا عليهم آيات الله ويقدم إليهم هدى الله ويرشدهم كان البعض منهم في تلك الأجواء بمجرد ان يسمعوا لهوا أو يشاهدوا تجارة انفضوا إليها وتركوك قائما قاموا بطريقة حتى غير مؤدبة وقيام سريع وعلى عجلة بشكل غير مؤدب الى ذلك اللهو او تلك التجارة وتركوا رسوا الله قائما يخطب ويتحدث ويتركون رسول الله وما يقوله ويقدمه وينفضون بطريقة غير مؤدبة بشكل سريع وعاجل وهذه الحالة تنتج عنما تكون علاقة الانسان برسول الله مقتصرة على مجرد الإقرار لا يستوعب عظمة رسول الله ومستوى العلاقة التي يجب ان تكون بين الانسان ورسو الله.
{ لا تَجْعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
وتحدث السيد عن نموذج آخر فعندما كان الرسول يستدعي الناس الى اجتماع لأمر مهم ولقضايا عملية مهمة فيجتمعون،.. البعض قد يتعاطى مع دعوة الرسول بطريقة غير مؤدبة والبعض قد لا يستجيب او لا يحضر، أبسط سبب يجعله يعتذر عن الحضور والبعض حتى بعد أن يحضر يبدأ الرسول يتحدث يقوم بالتسلل من بين أوساط الناس، و ينسلون بطريقة هادئة ويذهبون وكأنهم يجلسون عند انسان عادي فقبل أن يكمل الرسول حديثه معهم وقبل ان يكتمل الموضوع العام ويخرج بمخرجات عملية يتحركون، و على ذلك الله حذرهم بأشد عبارات التحذير” فليحذر الذين” وهذا وعيد من الله لدرجة أن البعض يفتن ويزيغ عن الحق.
المنافقون
نموذج آخر وهم المنافقون وهم كما حكى عنهم القرآن { إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ} ، فالمنافق ينتمي للإسلام ويقدم نفسه من المسلمين ويشارك المسلمين في أشياء كثيرة بل انهم يؤكدون عندما كانوا يأتون الى رسول الله كانوا يؤكدون شهادتهم بعبارات فيها تأكيد كبير ( نشهد انك لرسول الله) مع ذلك كانت علاقتهم بالنبي سلبية في مقام الاقتداء والاتباع والتعظيم والعمل وكانوا ينشرون في أوساط المجتمع الدعايات التي تسي إلى النبي ومنها أن الرسول ( أذن ) أي أن الرسول يصدق أي شخص ومن جاء من الناس صدق كلامه.. وهناك دعايات مختلفة ذكرها القرآن في سورة التوبة والأنفال والنساء والبقرة وآل عمران أي أنهم يشككون في قرارات وتوجيهات الرسول ويثبطون الناس عن الجهاد وأبرز ما كانوا يتحركون فيها هو الصد عن الجهاد والتخلف عنه.
ولفت السيد إلى أن سورة التوبة مليئة بالآيات التي تحدثت عن الموضوع ووبختهم ، حيث كانوا يتحركون بهذه الطريقة السليبة التي تصد الناس عن رسول الله الى درجة قال الله فيها ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيْتَ ٱلْمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا)، فهم يثبطون الناس عن الاقتداء والجهاد مع رسول الله ويوالون أعداء الرسول ويدخلون في علاقات مع اليهود والنصارى والمشركين والمعادين لرسول الله ويدخلون في علاقات بعضها سرية وبعضها علنية.
كما أن المنافقين عملوا على التشكيك في الوعد الإلهي بالنصر ويزرعوا اليأس والهزيمة إلى درجة أن رسول الله ما قبل غزوة الأحزاب وأثناء حفر الخندق للتصدي للأحزاب الذين تحالفوا للحرب على رسول الله والمسلمين وعندما بشر النبي المسلمين آنذاك وفي تلك الظروف الصعبة بأن الإسلام سيصل إلى صنعاء في اليمن والمدائن في العراق وكانت بشرى عظيمة وعجيبة في تلك الظروف شكك المنافقون في هذا الوعد مع أنه وعد من الله فحكى القرآن تشكيكهم ( وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورًا) .. أي أن ذلك كلام غير صحيح ومستحيل ان الإسلام يصل الى صنعاء وصنعاء هي اليوم عاصمة من عواصم الإسلام من يوم ان وصل اليها الامام علي عليه السلام وقرأ رسالة رسول الله وهي في مقدمة العواصم الإسلامية التي تحتفل بذكرى المولد واليمنيون هم الذين قال فيهم الرسول “الإيمان يمان والحكمة يمانية”
الرسل أحرص الناس على الناس
ولفت السيد إلى أن القرآن الكريم أكد أن الرسول صلوت الله عليه وعلى آله نعمة عظمة من الله، والله يقول} لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَٰلٍۢ مُّبِينٍ { فالرسول نعمة الله على المؤمنين بأن بعث فيهم رسولا من أنفسهم وهي نعمة كبيرة لا تساويها أي نعمة أخرى الا ما كان في اطارها وهي نعمة القران الكريم ..
موضحا أن الله بعث رسولا ليكون هو قائدا لمن يؤمن به ويتبعه.. لافتا إلى المجتمع البشري بمختلف مكنوناتهم على مر الأجيال يرتبط برمز معين يتبعه ويتأثر به ويسير في طريقه ويتمسك بتعليماته وتوجيهاته ونجد ان كثيرا من المجتمعات ترتبط برموز مضلين جاهلين مفسدين وطغاة ويترتب على الارتباط بهم الانحراف والظلال والتبعات السيئة، فعندما يبعث الله رسلا من عنده بكل ما للرسول والانبياء من مكانة عظيمة في كل ما منحهم الله من كمال عظيم هم أرشد الخلق وهم الصفوة المتميزة وهم من بلغوا أعلى مراتب الكمال الانساني وهذه مؤهلات عظيمة لقيادة المجتمع البشري وجعلهم في اعداداه لهم على أعلى مراتب الكمال والرشد والزكاء والهداية والطهر ومنحهم مؤهلات تجعلهم أحرس الناس على الناس واكثر اهتماما وعناية بأمر الناس مثلما يقول (لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ).
ولفت السيد إلى أن الرسل بالرغم مما وهبهم الله ومنحهم من مؤهلات راقية لقيادة المجتمع الا انهم لا يتحركون من منطلق آرائهم الشخصية او اطروحاتهم البشرية او يتحركون بمستوى ما يتوصلون إليه من خلال اهتماماتهم الشخصية، بل هم على اعلى مستوى من الكمال بإعداد الله وهم في نفس الوقت حلقة الوصل ما بيننا وبين الله، والله يوصل اليهم رسالته ويقدم من خلالهم تعليماته وهدايته ويوصل الينا من خلالهم نوره وتعليماته وتوجيهاته ويقدم لنا من خلالهم المعارف الصحيحة التي هي نور يضئ دروب الحياة ويكشف الظلمات .
وأضاف أنه ومع الهدى والنور الذي يوصله الله من خلال الأنبياء والرسل، فإن لهم دور رئيسي في تقديم الهدى والحركة على أساس الهدى وهم يجسدون قيمه وأخلاقه ويقدمون نموذجا يجسد ذلك الهدى والنور ، فهم ليسوا مجرد مبلغين انما هم يحملون النور ويجسدونه في أرض الواقع بما فيه من قيم تتجلى وأخلاق تظهر في سلوكياتهم .