آيات الله تحكم واقع حركة رسول الله في كل الجوانب
الآيات تأتي وما أتت به ليكون هو المتَّبع، الثقافة تكون هي الثقافة القرآنية، الفكرة تكون هي تلك التي قدمها القرآن الكريم، العقيدة تكون هي تلك التي قدمها القرآن الكريم، السلوكيات تكون منضبطة ملتزمة على أساس تلك المضامين القرآنية والتوجيهات التي أتت في القرآن الكريم، وهكذا كانت حركة الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- لم تكن تلاوته مجرد تلاوة صوتية يستمع الناس إليها ليستحسنوا ذلك الصوت الجميل، أو مجرد تلاوة يتأثر الناس بها وجدانيًا فحسب وينتهي الموضوع. |لا|، ما يقدم للواقع العملي ليتم الالتزام به عمليًا، يعني: تلاوة لهدى يسير الناس عليه، يتمسكون به، يلتزمون به، مشروع للحياة، منهج للحياة، وهكذا كانت حركة رسول الله من موقعه كرسول، موقعه في الرسالة الإلهية كرسول يتحرك ويقدم هذا الهدى إلى الناس، يتلو عليهم آيات الله ليهتدوا بها، فيغير بتلك الآيات الكثير من الأفكار الظلامية والخاطئة، والرؤى الخاطئة, وليصلح بها في واقع هذه الحياة، وليقدم بها تعليمات وتوجيهات وأوامر من الله -سبحانه وتعالى- إلى ميدان الحياة وإلى واقع الحياة، وهذا ما يجب أن نركِّز عليه في واقعنا من جديد، واقعنا العربي، واقعنا الإسلامي الذي ابتعد كثيرًا عن طبيعة هذه العلاقة مع آيات الله، علاقة الاهتداء والاتباع، كم هناك من أفكار، من أطروحات تقدَّم في الساحة بعيدًا عن القرآن الكريم، كم هناك من مواقف لدى الكثير من الناس والأطراف والجهات بعيدة عن القرآن الكريم، كم هناك من ولاءات وعداوات وتوجهات، كم ظهرت في الساحة من مشاكل نتيجة هذا الابتعاد عن القرآن الكريم.
{يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ}، فهو كان- كرسول من عند الله- قناة وصل مع الله، لا يقدم من تلقاء نفسه، وليس له أهداف شخصية أبدًا، يدعو إلى الله، ويأتي بهدى الله، ويتحرك على هذا الأساس، آيات الله، كلماته، نوره، هديه، الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، آيات الله التي هي من كتابه الحكيم، كلها آيات أحكمت، كلما فيها: حكمة، وحق، وخير، وهداية، ونور، آيات الله التي ينقذنا بها، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الحديد: من الآية9]، {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: من الآية1]، الظلمات بشكل مفاهيم مغلوطة، أفكار ضالة، اتجاهات خاطئة، عقائد باطلة، سلوكيات منحرفة، كلها ظلمات يحتاج الإنسان إلى الإنقاذ منها، تؤثِّر على حياة الإنسان، وتشكِّل خطورة على الإنسان في الدنيا وفي الآخرة.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة محاضرات المولد النبوي 1440هـ (2)