ثورة ٢١ سبتمبر عنوانُها السلمُ والشراكة
عبدالملك العجري
كما قال السيدُ القائدُ كان السلمُ والشراكة هو عنوانُ ثورة ٢١ سبتمبر.. السلم والشراكة على المستوى المحلي، والسلامُ المتكافِئُ والمصالحُ المشتركةُ مع الجوار والمحيط الإقليمي والدولي.
وفي هذه السلسلة من التدوينات نُقَدِّمُ بعضَ الشواهد على محاولاتِ الثورة لتمثيلِ مطالب الشعب في الإصلاح والسلم والشراكة.
يعتبر اتّفاقُ السلم والشراكة البيانَ الأولَ لثورة ٢١ سبتمبر، ومضمونُه يعكِسُ التساميَ الثوريَّ لأنصار الله والقوى الثورية -وبإمْكَانكم العودةُ لوثيقةِ الاتّفاق المنشورة على شبكة المعلومات-، وينسِفُ مزاعم الانقلاب ونوايا الاستيلاء على السلطة، فكل عوائده لمصلحة الشعب، لا إقصاء، لا انتقام، لا مكاسبَ خَاصَّة.
كانت سياستنا في هذه المرحلة عدم التورط في السلطة قدرَ الإمْكَان، لأسباب داخليةٍ، تتعلق بحداثة تجربتنا السياسية ورغبتنا في أخذ فرصةٍ أكثرَ للتمرُّسِ وبناءِ الكادر السياسي والإداري اللازم، وفي ذات الوقت الاستمرار كقوة ضغط ثورية لحماية مكاسب الشعب والثورة، وعدم السماح بالتراجع أَو الانقلاب عليها.
وثانياً: لإعطاء فرصة لحكومة الكفاءات حتى لا يكونَ حضورُنا في السلطة مبرّراً للأطراف الإقليمية والدولية المنزعِجة من الصعود الصاروخي لأنصار الله، في التنصل من التزاماتها تجاه اليمن في ظروف صعبة يحتاجُ اليمنُ لأي جهد دولي مساعِد.
كانت تشكيلةُ حكومة بحَّاح، التي يُفترَضُ أن تكونَ حكومة كفاءات، أول طعنة غدر وُجِّهت للاتّفاق بانحيازها الكامل لمؤتمر هادي والإصلاح، حاولنا تقبُّلَها على مَضَضٍ إلَّا أن الطعناتِ لم تقفْ عند هذا الحد، وفي خطوة تصعيدية أصروا على المضي في تثبيت الأقاليم دون مراجعة كما نص الاتّفاق، وتعقَّدت الأمورُ أكثر.
كان النظامُ يعرفُ عدمَ جهوزيتنا للإمساك بالسلطة، وحذرنا من التورط في وقت نحن غير مستعدين لها، فقرّر وضعَنا أمامَ فراغ سياسي وتحميلَنا مسؤوليةَ الانهيار الإداري والأمني، وقدَّمَ بحاح وهادي استقالتَيهما لحشرنا في زاريةٍ ضَيِّقَة.
ولمواجهة هذا المأزق الذي حاولوا حشرَنا فيه عملنا على مسارَين: الأول الإعلان الدستوري (البيان الثاني للثورة)، فنحن وإن لم نخطِّطْ للإطاحة بالنظام ولا الاستيلاء على السلطة، لكن بما أنهم حاولوا حشرَنا أمام هذا الخيار فنحن جاهزون لتحمُّلِ المسؤولية وخدمة شعبنا بكل ما أُوتينا من قوة.
والمسار الثاني: تحَرّكنا نحن والمؤتمر والقوى الأُخرى ومع المبعوث الأممي حينَها لإقناع هادي بالتراجُع، وأمام إصراره على الاستقالة عقد المبعوثُ حواراتٍ مكثّـفةً مع القوى السياسية كادت أن تُفضِيَ لاتّفاقٍ ينهي الفراغَ السياسيَّ لم يقطعه سوى إعلان الرياض من واشنطن العدوانَ على اليمن دونَ سابقِ إنذار.