محطاتٌ من حياة العالم الرباني بدر الدين الحوثي
أميرة السلطان
في مثلِ هذا اليوم من كُـلّ عام، نستذكرُ ولو بالنزر القليل حياةَ العالم الرباني وبقية البقية من أهل بيت النبوة، نجمٌ من نجوم أهل الأرض، إنه العالم الرباني/ بدر الدين بن أمير الدين بن الحسين بن محمد الحوثي، تحَرّك السيد بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه في زمن خضع فيه الكثير من العلماء فانقسم الكثير منهم فأصبحوا إما علماءَ لسلاطين الجور والنفاق والعمالة كما هو حال علماء الوهَّـابية، وإما علماءَ سكتوا وجعلوا من الحياد الحل والمخرج مع علمهم أن لا حياد في الحق والدين.
فكان من أقواله “رضوان الله عليه” والتي تدل على شجاعته في قول الحق أمام الجبابرة: (أي منكر أعظم من منكرات الجبابرة الذين يقتلون الأبرياء ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ويأكلون أموال الناس بالباطل ويتخذون العمال الظلمة ويسعون في رفع كلمة الباطل وإضاعة الحق، فيعم الطغيان والفساد جميع أقطار البلاد -إذَا تركوا وشأنهم- ويثبتون قواعد الباطل لمن بعدهم).
صدع السيدُ بدر الدين الحوثي بالحق أمام الكثير من العقائد الباطلة والثقافات المغلوطة، فكان هو من تصدى للفكر الوهَّـابي الذي بدأ ينتشرُ ويُغيِّر من عقائد وثقافات الناس والذي عرف خطورته وتحَرّك بكل جهده لمواجهته فكان مما قاله: (في هذا الزمان استقوى الكفار، وتسلطوا على المسلمين، وحاولوا إبطالَ الإسلام وإضاعته وتمييعه، وأن لا يبقى منه إلا جسد بلا روح، فعلينا أن ندافع عنه بقدر ما نستطيع، لينصرنا الله ويعزنا، ولنقوم بالواجب علينا قبل أن نرجع إلى الله يوم القيامة ويسألنا ونكون قد فرّطنا في حماية الدين، وقصرنا في الجهاد، وهو قد أمرنا في القرآن أمراً بأن ننصُرُ دينه وندافع عنه ونحميه).
وهو الوحيدُ الذي لم يكن يداهن أَو يجامل نظام علي صالح والذي حاول اغتياله أكثر من مرة وتعرض للنفي خارج اليمن، إلا أن كُـلّ هذه المضايقات من الظالمين لم تُثنِ هذا العالم الرباني من إكمال مسيرتِه الجهادية وقول الحق؛ لأَنَّه كان من العلماء الذين لا تأخذُهم في الله لومة لائم فجسد قول الحق سبحانه وتعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}.
عُرف السيد المولى بدر الدين الحوثي بين الناس بالورع والتقوى واستشعاره الكبير للمسؤولية والمسارعة في الأعمال الصالحة والإصلاح بين الناس وحل مشاكلهم والاستماع إلى قضاياهم، إن هذه المسيرة القرآنية التي تحَرّك بها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه مَـا هِي إلا ثمرة من ثمار جهود العالم الرباني السيد بدر الدين الحوثي فكان هو المساند والمربي، والمعلم والقُدوة الحسنة والمرشد والموجه والداعم والمدافع عن هذه المسيرة القرآنية بحركته الجهادية، وبقلمه ولسانه وبصحته وبأولاده وأمواله.
فإذا كان الإمام زين العابدين عليه السلام قد ربَّى وأنشأ الإمام زيداً الذي كان عَلَمَ زمانه وحليفَ القرآن، فالسيد بدر الدين الحوثي قد ربى وأنشأ ثلةً من الأبناء الطاهرين والذين منهم السيد الشهيد القائد/ حسين بدر الدين الحوثي والسيد القائد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي رضوان الله عليهم أجمعين.
ترك السيد بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه العديدَ من الكتب والمؤلفات التي تعتبر مرجعاً مهما لمن أراد أن يأخذ العلم صافيا نقيا ومن مؤلفاته رضوان الله عليه “التيسير في التفسير”، “السلسلة الذهبية في الرد على الوهَّـابية”، والتي تحتوي على العديد من العناوين والكتيبات وغيرها من المؤلفات الكثير.
كان يتمنى السيد بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه أن يختمَ حياته بالشهادة في سبيل الله فكان دائماً يقول: “الشهادة سعادة” لكن الله سبحانه وتعالى اختار له نهاية طبيعية ليكون حجّـة للعلماء الذين كانوا يتصورون أن من يجاهد ويصدع بالحق ويقف في مواجهة الظالمين سيقتل.