أمام أتباع التقشف والإفلاس في السعودية
خالد الجيوسي
أمام اتباع “التقشف” وإعلان “الإفلاس” في السعودية: المُواطن “مصدوم” والشارع بدأ يستشعر الخطر.. خُطّة حكومية لتكريس نمطية الفقر والإعلام “العاقل” يدعو إلى “حمية اقتصادية”.. حديث حول ترشيد الإنفاق والأزمة المالية “انتكاسة عابرة”.
من يسير في شوارع العربية السعودية هذه الأيام، يُدرك تماماً مدى التغير الحاصل في وعي الشارع، تُجاه ما يحصل من متغيرات سياسية، واقتصادية على وجه التحديد، المواطن السعودي “مصدوم”، بدأ يستشعر خطر “الإفلاس” الذي يقترب من بلاده، وهو كما يقول أحد المواطنين لـ”رأي اليوم” يعلم أن التصريحات حول الإفلاس أقرب إلى الصحة لما يُعايشه من إجراءات يومية رسمية تقشفية، من تلك التي سارعت إلى نفيها، والحديث هنا عن تصريحات اقتراب الإفلاس خلال 3 سنوات من قبل الحُكومة، ونفيها من قبلها.
الحكومة توعز للجميع ببدء الترويج لخفض الرؤوس أمام عاصفة الإفلاس، الإعلام، والإعلام الجديد ونجومه “لعُقلاء” أو الناطقين شبه الرسميين باسم الحكومة، بدأوا نوعاً ما بخُطة لتكريس نمطية الفقر، والاعتياد عليها، كما أنهم يعملون على حملات توعية، تدفع المواطنين إلى التعايش مع أسلوب حياة مُتقشف، فمثلاً يدعو أحد “نجوم اليوتيوب” إلى عمل “حمية” اقتصادية، فبرأيه بدلاً من تناول الطعام خارج المنزل مرّتين، أو ثلاثة، لا بد على السعودي، أن يتناوله مرة واحدة، وهكذا يُمكن أن يكفيه “لراتب”لآخر الشهر.
المحللون الاقتصاديون على القنوات المُختلفة في بلاد الحرمين، يسيرون أيضاً وفق تعليمات نهج “صدمة الإفلاس”، فتجدهم تارةً يتحدثون عن أولويات الإنفاق، والترشيد في الصرف والاستهلاك، وتارةً أخرى يُقلّلون من شأن وأهمية التخويف من “لإفلاس” لا بل ويؤكدون أن الأزمة المالية التي تمر بها البلاد مُجرد انتكاسة عابرة، مرت بها كل الدول المُتقدمة، والسعودية دولة كغيرها، يوم لها، ويوم عليها.
خبراء يُشككون في قُدرة المملكة السعودية على الصمود بوجه العاصفة الاقتصادية، فالسياسات التقشفية جاءت مُتأخرة، وتأتي بلا فائدة مع استمرار الهدر العام، والفساد في مؤسسات الدولة، وتواصل الحروب الخارجية ذات التكلفة الباهظة، كما أن البدائل عن النفط في موارد المملكة، ليست كافية، أو غير مُتوفرة بالأحرى، والثروة النفطية التي تتعرض لانتكاسات في مداخيلها كانت، ومازالت هي الأساس في ارتفاع منسوب التفاؤل باستمرار الرفاهية، والإحباط من حملها حقائبها، وعدم العودة نهائياً إلى بلاد الحرمين.
أحد العاملين في مجال المقاولات، ومُطلع على طبيعة عمل المشاريع الحكومية في السعودية، قال لـ”ري اليوم” سياسة التقشف، دفعت بأصحاب الشركات إلى “تفضيل” ترسية المشاريع “الخاصة” على شركاتهم، بدلاً من مشاريع الحكومة التي كانوا يسارعون لترسيتها في الماضي، وهي اليوم توقفت، أو ستتوقف بطبيعة الحال أملاً بالتوفير، والخروج من عنق الزجاجة، ويُبين المقاول أن تأخير الدفعات للمُقاولين القائمين على مشاريع الحكومة من جانبها، أدى إلى عدم قُدرتهم على دفع رواتب مُوظّفين الشركات، وبالتالي تسريحهم، والتقليل أيضاً من إمكانية قيامهم بمشاريعهم الخاصة.
مُعارضون لنظام السعودية الملكي، يَنتقدون سياسة التقشف باعتبارها سياسة ليست عادلة، ونظاماً لا يُطبق العدالة البشرية في بلادهم، وهم لا يطمحون إلى العدالة الإلهية كما يقولون بالتأكيد لأنهم بالنهاية بشر، ويعيشون على كوكب الأرض، المعارضون يؤكدون أن حتى العدالة البشرية ستخجل حينما تتعامل مع حالة “الانفصام” التي تتبعها حكومة الحرمين، في توزيع الثروات بين أبناء الأسرة الحاكمة، وأبناء الشعب، حيث يُطلب من المواطنين التقشّف، بينما بحسب معارضين، تُصرف على أيدي الأمراء الملايين في الداخل، والخروج، فأي تقشّف هذا الذي به يُطالبون، يتساءل معارضون.
نقلا عن – رأي اليوم