مجزرةُ تنومة.. الدماءُ لا تجف
سند الصيادي
حَلَّت علينا ذكرى المذبحة الكُبرى لحجاج اليمن في تنومة وسدوان، وفيها سقط أكثر من ثلاثة آلاف شهيد هم جُلُّ حجاج اليمن في تلك المرحلة، وبهذه المذبحة دشّـنت سلطات آل سعود بدايات نشأتها الدموية، وبذبحها لحجاج اليمن على قارعة طريقهم الآمنة نحو الله، قدم أصلاب هذه الأسرة الفضيلةَ قرباناً مبكراً لقوى الشر وَالخطيئة في هذا العالم لترضى عنهم، مع الالتزام بالمزيد.
وَرغم تقادم الجرم والخطيئة إلَّا أنها بُعثت من جديد في الذاكرة الشعبيّة والوطنية؛ بفعل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، بعد أن دفنتها التبعيةُ والعمالة عقوداً طويلة، وَأصبحت اليوم ذكرى سنويةً تُحيَى من قبل الشعب وَمنظماته المدنية وقواه السياسية قبل أن تحييها السلطات.
ورغم تقادم المذبحة، إلَّا أن دماءها لم تجف بعد وَحقها لم يسقط، وَفاعلها لا يزال فاراً من وجه العدالة، وَتداعياتها لا تزال حاضرة على كُـلّ الأصعدة، حاضرة في الذهنية وَفي الإنتاج المُستمرّ للمنهجية الظلامية التي استندت عليها تلك الأدوات والتي لا تزال منابعها تستنسخ المزيد من أُولئك المسوخ القتلة، حاضرة في مكون هذه الدولة وَخطها السياسي المرتهن بعمى للمنظومة الصهيونية الأمريكية، وَإن تغيَّرت الأسماءُ والشخوصُ وَالعناوينُ إلَّا أن المصنَعَ هو ذات المصنع وَالمنتج ذات المنتج.
نستذكرُ اليومَ ضحايا المذبحة بأثرَين رجعي وَراهن، وفي الذكرى يتراءى لنا المشهد الذي قضوا فيه نحبهم بظروفه وَتفاصيله، كما تتوالى أمام أعيننا مشاهدُ القتل المُستمرّة التي حصدت مئات الآلاف من اليمنيين من بعد المذبحة وحتى يومنا هذا، وَمن غاب عن فهمه ومداركه من وراء فعلة الأمس، لن يخطئ تقدير وتحديد من يقتله اليوم جماعاتٍ وَفرادى بكافة أنواع السلاح وَالأساليب الحديثة.
وفي إحيائنا لهذه المذبحة، دوافعُ للقِصاص وَالانتصار لأرواح المذبوحين فيها وَكُـلّ من قتلته هذه الآلة مظلوماً، وَهو ما يجسده شعبنا اليوم بصموده وَتضحياته على طريق العدالة للماضي والحاضر.