كيف فتحت الامارات نافذة للصهاينة لكيّ الوعي العربي؟
الامارات غرقت في وحل التطبيع منذ عدة أشهر وكان الأمر صادماً للشعوب العربية، على اعتبار ان التطبيع جرى في ظروف غامضة، ولاسيما أن الامارات لا تملك حدودا مشتركة مع فلسطين المحتلة وليس هناك حرب بينها وبين العدو الصهيوني، وبالتالي كان التطبيع مجرد بطاقة عبور وهدية ثمينة للكيان الاسرائيلي لاختراق المنطقة الخليجية على الخصوص، والتطبيع كما تعلمون له تبعات واتفاقيات مختلفة يتضمنها هذا التطبيع، منها اقتصادي وسياسي وسياحي وعسكري وثقافي، والامارات تعمل على هذه الملفات واحداً تلو الأخر، ومؤخراً وقعت مذكرة تفاهم مع قناة اسرائيلية، ليتم فيما بينهم تبادل المعلومات والأخبار والأهم بث ما يريده الاسرائيلي من تزوير للحقائق إلى العالم العربي.
الجميع يعلم ان الاعلام لا يقل تاثيره اطلاقا عن الاسلحة بل يتجاوزها بكثير على اعتبار انه “قوة ناعمة” تعمل على كي عقول الناس وبناء حالة مجتمعية جديدة وفقاً للايديولوجيا التي تريدها القناة الاعلامية، والاتفاق الذي وقع بين الامارات واسرائيل لايخرج عن هذا الاطار، وبهذا سنشهد في الشهور المقبلة روايات اسرائيلية في شتى المواضيع غايتها الاساسية تشويه الحقائق.
عن هذا الموضوع قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أنور أبو طه، إن الاتفاق الإماراتي، البحريني مع الاحتلال الصهيوني يتجاوز التطبيع إلى إعادة رسم الدور الإماراتي في المنطقة ووضعها ضمن تحالف جديد. واعتبرت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الثلاثاء، أن توقيع مذكرة تفاهم إعلامية بين شركة إماراتية وقناة إسرائيلية “تساوق مع التهويد وترويج للرواية الصهيونية”.
الاتفاقية الاعلامية الجديدة تم توقيعها يوم الاثنين الماضي بين شركة أبوظبي للإعلام (شركة خدمات الإعلام العامة في الإمارات)، وقناة “آي 24 نيوز” (i24 NEWS) الإسرائيلية، لتحديد أطر التعاون الثنائي بين الجانبين في مجال الأخبار والقضايا الراهنة والتقارير وإنتاج المحتوى، وفق وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.
واعتبرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أن “أنظمة التطبيع لم تزل توغل في السقوط في وحل الخيانة، إرضاء لسادتهم من الأميركان والصهاينة”، متجاهلة “تضحيات الشعب الفلسطيني ودماء شهدائه وجرحاه وعذابات أسراه خلف قضبان سجون العدو”، وقالت الحركة في بيان لها يوم الثلاثاء إن “حكام الإمارات يستمرون بدفع مؤسساتهم والشركات التابعة لهم، لمساعدة الاحتلال من خلال شراكات وتحالفات اقتصادية ورياضية وإعلامية”.
وترى حركة الجهاد أن هذه الشراكات “تخدم التهويد والاستيطان والتطرف اليهودي، من خلال دعم منتجات المستوطنات، وإقامة مشاريع استثمارية داخل المستوطنات الصهيونية المقامة على الأرض الفلسطينية المغتصبة داخل القدس والضفة الغربية، وأيضاً من خلال دعم أحد الأندية الرياضية الأكثر تطرفاً وعنصرية وعداءً للعرب والمسلمين”.
الحركة أكدت أن “هذه المذكرة الإعلامية تعني تقديم خدمة كبيرة للاحتلال، من خلال فتح المجال له للسيطرة على جزء كبير من وسائل الإعلام العربية، واحتلالها احتلالاً ناعماً، لتصدير رواياته المكذوبة في تزوير التاريخ والجغرافيا، والإمعان في التنكر لأصحاب الحقوق، وليقف المطبعون شهود زور وعرّابين لجرائم الاحتلال”.
وأبدت الحركة استنكارها الشديد لـ”تسليم دولة الإمارات وسائل الإعلام العربية إلى العدو الصهيوني، ليعيث فساداً، بما يخدم السعي الصهيوني للسيطرة على الوطن العربي وممارسة نهجه في التضليل وتزييف الحقائق وتحقيق جزء مهم من حلم إقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى”. بيان الحركة دعا “الشعوب الحرة والغيورة إلى الوقوف في وجه هذه المؤامرة الجديدة، وعدم السماح بكيّ وعيهم وتهويد المادة الإعلامية التي تقدم عبر قنوات بلادهم”، كما طالب الاتحادات والمؤسسات الإعلامية العربية بـ”مقاطعة مؤسسة أبو ظبي الإعلامية ووقف التعامل معها”.
يمكننا القول صراحة ان الامارات انسلخت عن بيئتها وأصبحت في مكان آخر بعيدا كل البعد عن المجتمعات العربية، وهناك حالة غضب عامة من الشعوب العربية اتجاه ما تقوم به الامارات، ولا احد يعلم حتى اليوم كيف ذهبت الامارات في هذا الاتجاه، وما هي النتائج التي تنتظرها من اسرائيل، او ما هي الخدمات التي يمكن للصهاينة ان يقدموها للامارات، فالصهاينة لا يثقون حتى ببعضهم البعض ومع ذلك وثقت بهم الامارات وأحسنت ضيافتهم، واستقبلت اعراسهم، واشترت نواديهم الكارهة للعرب، ويدخلون البلاد دون اي تأشيرة بينما غالبية الدول العربية والاسلامية لا يمكنها القيام بذلك، واليوم تسمح للاعلام الصهيوني باختراق الوعي العربي وبناء روايته التي يريدها هو، وتشويه تاريخ المنطقة، وفي الحقيقة ما يجري هو اعادة رسم جديد للمنطقة بالعموم واعادة بناء تحالفات جديدة، ويبدو ان المنطقة مقبلة على مخاض مؤلم، سنشهده في الوقت القريب.
الوقت التحليلي