خداع الذات بالتفاهات
عمران نت / 4 / 7 / 2020
// مقالات // عبدالملك سام
كما جاء في الحديث الشريف : “الحلال بين ، والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات” ، وهو حديث يصف الواقع في كل زمان ومكان ، إلا في عقول المرتزقة ؛ فكل قضية حق تدخل في باب الأمور المشتبهة ، أو كما وصفهم الله بأنهم لا يتبعون إلا الظن ! فلا شيء مؤكد لديهم فيما يخص القيم والأخلاق والمبادئ ؛ فهم لا يعرفون – أو يدعون أنهم لا يعرفون – أين الحق وأين الباطل !
لو كان هذا الموقف الدائم لهم فأننا قد نتهمهم بالجهل ، ولكن للأسف الشديد نجد أن هذا موقفهم فقط مع القضايا المحقة والواضحة والجوهرية ، قضايا تمس العقيدة أو الوطن أو العدل وغيرها من القيم والمبادئ المثلى .. لكننا نتفاجأ بهم حين ينطلقون وراء الباطل دون تردد أو حتى تأني ! وهذا ما يدلنا بوضوح أن هؤلاء ليسو ممن غرر بهم وتم خداعهم ، بل هم بالتأكيد يحملون نفوس نجسة تدفعهم للأنطلاق في الباطل بحماس وتفان !!
الدافع الأغلب لهم هو الطمع في المصالح سواء كانت أموال أو سلطة ، وهم مستعدون في سبيل هذا أن يضحوا بالجميع ، وهذا تعبير عن ضعف الإيمان وعدم وجود يقين حقيقي في قلوبهم بأن هناك حساب وعقاب .. أما الأقلية فهم ممن خدعوا فأنخدعوا ، أو كما يقال : “جعل فأنجعل” ، بمعنى أنهم كان لديهم ميول نحو الباطل ، فيأتي من يبرر لهم هذا بكلمة أو شبهة أو فتوى زور فتكون كافية ليندفع هؤلاء في ومع الباطل والمجرمين ، ولكن عاقبتهم غالبا تكون وخيمة ، ولكن لا أحد يريد أن يتعض ! وكم رأينا من حوادث وعبر حدثت لمجرمين ظنوا أنه لن يقدر عليهم أحد ..
مما ساعد أيضا على أنتشار هذه النفسية هي ثقافة المجرمين التي عملوا على نشرها بين الناس ؛ فقدموا جانب الخير دائما ضعيف ، والمؤمن مقهور ، وصاحب الحق مسكين مستكين ! وهذا هو ما جعل الناس وبمساعدة علماء السوء يخافون من موقف الحق ، بل ويعتبرون أن يقف موقف الخير والعدل كمن يضحي بنفسه ويرمي بها في طريق المهالك !!
الحقيقة التي يجب أن نعمل على توعية الآخرين بها هو أن الحق يزهق الباطل ولو كان أتباعه قليل ، فالعاقبة للخير لا للشر والأشرار .. كما يجب أن يفهم الجميع بأن المؤمن عزيز وكريم ، وأن النتيجة الحتمية هي في مصلحة الخير والعدل والقيم الإنسانية الخيرة ، أما نتيجة الوقوف في صف الباطل فهي الخزي في الدنيا والآخرة بالتأكيد ، وهناك الكثير والكثير من العبر والدروس التي نجدها في التاريخ أو في واقعنا ، ولكننا لا نقرأ الأحداث كما يجب ..
كما يجب أن نفهم أن موقف الحق الذي نأخذه حتى ولو قل عدد أتباعه أو أضطررنا لأن نضحي في سبيل تحقيقه فهذا هو الخير لنا ، ونتيجته الفلاح حتما والضامن هو من بيده الأمر كله ، وهذا هو التصرف والموقف الذي أتينا لأجله والذي يليق بنا ، ونعوذ بالله أن نكون من المعاندين الخاسرين ، فلا أسواء أن تقبل على الله في يوم وأنت في موقف باطل وتقدم أعذار واهية لا تغني عن الحق بشيء .. فلنكن أصحاب موقف لنضمن الخير في الدنيا والآخرة .. ودمتم بود .