القدس والصهيونية العربية
عمران نت / 2 / 2 / 2020
// مقالات // عبدالله صبري
لم يعد الخطر على القدس صهيونيا أو يهوديا أو غربيا، بل صار للخطر مصدر عربي أيضا ليس منشأه العجز أو التخاذل، بل والتواطؤ الرسمي عن قصد أو غير قصد.
أن تحضر ثلاث دول عربية مراسم الاحتفال بصفقة القرن جنبا إلى جنب مع الأمريكان والصهاينة، فذاك ليس مفاجئا وإن كان مستنكرا، ذلك أن حديث التطبيع العربي الرسمي مع الكيان الصهيوني بات في تصاعد منذ عقود، لكنه اتخذ وتيرة متسارعة مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي سقط معها ورق التوت، وغدت القضايا الكبرى والمصيرية للأمة عرضة للصفقات و”السمسرة” التجارية التي يجيدها ترامب، وخصوصا مع العرب وأمراء النفط.
حضرت الإمارات وعمان والبحرين، وخرجت مصر بموقف رخو، وراوغت السعودية لتخفي حقيقة دعمها وتأييدها لصفقة العار، ولاذت كثير من الدول العربية بالصمت، وقليل جدا منها عارضت ورفضت لكن على استحياء..!
ربما يرجع البعض هذه الحالة العربية المخزية إلى تفاقم الصراعات الداخلية، التي لم تغادر منطقتنا منذ حلول ما يعرف بـ “الربيع العربي”، الذي وإن كان قد بشَّر بصحوة كبرى إلا أن العنف الذي صاحب ثوراته في أكثر من دولة، قد فتح الباب على مصراعيه للتدخلات الخارجية، ولتنامي التنظيمات الإرهابية التي كادت أن تلتهم دولتين عربيتين هما سوريا والعراق تحت راية الخلافة الإسلامية، هذه الراية المزيفة التي لم تنتصر يوما لفلسطين والقدس أو أية قضية عربية محقة.
على أن مسار الخيانة والتطبيع له أسبابه الأخرى، ومن هذه الأسباب “اللوبي” وجماعات الضغط الصهيونية التي لم يتوقف عملها في هذا الإطار منذ ما قبل الإعلان عن دولة الكيان الغاصب وإلى اليوم، وإذ أمكن للصهاينة التغلغل في المؤسسات الأمريكية، والتأثير على الرأي العام الأمريكي وعلى النخبة السياسية وصولا إلى ظهور ما يعرف بالصهيونية المسيحية، فِممَّا لا شك فيه أن تل أبيب قد نجحت في خلق وبلورة ما يمكن تسميته بـ” الصهيونية العربية”، التي لن تقف عند حدود التطبيع السياسي أو الثقافي أو الرياضي، بل وقد تصل قريبا جداً إلى مرحلة الاصطفاف إلى جانب ” اليهود ” في وجه الحركات الإسلامية المقاومة، ونعتها بـ” الإرهاب” وبـ ” التبعية لإيران”، وما إلى ذلك.
هذا ” اللوبي ” لن يعدم فقهاء ومفكرين ومثقفين يعملون تحت جنح الليل أو في رابعة النهار، باتجاه التخلص من عبء اسمه الحق الفلسطيني والعربي ، ومن مسؤولية دينية اسمها المقدسات الإسلامية، أو من قضية إنسانية عنوانها حق العودة..
وبعد التطورات والمستجدات الأخيرة لن يكون مفاجئا إذا رأينا اليهود الصهاينة يحجون فرادى وجماعات إلى بلاد الحرمين، ليلتقي آل سعود بـ ” أولاد العم ” بعد فراق طويل.
هزلت ورب الكعبة..!!