رحلة لا عودة بعدها
عمران نت / 31 / 7 / 2019
// مقالات // خــوله العُفيـــري
عندما لاح الفجر وتسلل الضوء إلى أرجاء المدينة، وأرسلت الشمس خيوط أنسجتها معلنة إبتداء يوم جديد؛ خرجت كوكبة من الأطفال الملتحقين بإحدى المراكز الصيفية في صباح يوم طال انتظارهم لمجيئه لكي يذهبوا إلى أحد الأماكن التاريخية القديمة. رحلة أعدتها أدارة المراكز نهاية الدوره الصيفية للطلاب ليذهبوا معاً الى ذلك المكان.
في ذلك الصباح والوقت الذي لا يوجد بهِ سوى أصوات زغردة العصافير وقطرات الندى وهدوء الحي استيقظ الطلاب فرحين مستبشرين بيوم رحلتهم التي لا يعلمون بأن لا عودة بعدها
تناول البعض منهم فطوره والبعض الاخر اصطحبه معه ليتناوله أثناء السير أو في ذلك المكان. ودع الأطفال اهاليهم ولكن لم يعلموا بانه الوداع الأخير. جهزت الأمهات حقائب اولادهن من ثم ودعنهم ليذهبوا؛ ولم يعلمن ما في حقائب وجعب ذلك اليوم ..
وبينما الحافلة تسير
وقلوب الاطفال من الفرحة كادت أن تطير وفي داخلهم مدينة يملؤها الضجيج كسوق مزدحم من شدة الفرح فجاء ما ينهي ذلك الضجيج ويشتت ذلك الإزدحام ويمزج اللحم مع العٌظام، ويسفك الدماء كزخات مطر تهطل من السماء وجع لا مثيل له، ويوم كُتب تأريخه بدماء الطفولة من أبناء تلك المدينة المكلومة التي فُقدت ابنائها وفقدت إبتسامة كانت مرسومة على وجنتيها بغارة او قنبلة عنقودية محرمة شرعاً ودولياً على حافلة مكتظة بالأبرياء الذي ببرائتهم صعدوا الى السماء
لم تحكِ الحروف ذلك الألم ولم تصف الكلمات عمق الجرح والوجع. لقد كتبت بضع من ملامح الفاجعة حيثُ لا شيء أمامي سوى مشهد الدماء والأجساد المفحمة. ولا شيء خلفي غير صراخات الأطفال وعويل ذويهم ذاك يصرخ يايوسف والأخر يتعرف على جثمان طفله من بين قطع الاشلاء وموائد الدماء والناجين من تلك الجريمة النكراء.
إنهُ الوقت الذي بهِ تذرف أحرفي دموعي؛ وحبر قلمي تنساب منه الدماء لهول المجزرة والمشاعر كادت أن تتجمد من حيث الفاجعة. والحزن على براءة دفنت وأرواح زهقت وتلاشت وأحلام تبخرت مع تبخر فرحتهم. فقد رسمت دماءهم الندية مدى همجية ووحشية العدو. فركاب هذه الرحلة لم يعد منها سوى الأشلاء وشلالات الدماء.
اتحاد كاتبات اليمن**