حفلة وارسو.. “تاريخ الصهاينة وجغرافيا المطبعين”
عمران نت // مقالات //
إسماعيل المحاقري
لم يكن للعرب حضن يوم الإعلان عما اسموها “عاصفة الحزم” من واشنطن على لسان عميل الموساد عادل الجبير وفق تصنيف موقع “اوديسي الأمريكي” حتى يعود اليمن إليه، فالحضن حضن الصهاينة والأيادي أياد سعودية إماراتية. فلا الشرعية المزعومة ممثلة بالفار هادي علمت بهذه العاصفة في حينه ولا حتى الجامعة “العربية” كانت على دراية، إذ جاء اجتماعها الأول بعد أسابيع من انطلاقة عمليات القتل والتدمير ليضفي الملك السعودي وولي ولي عهده آنذاك البعد العربي والقومي على معركة أمريكا في اليمن.
حقيقة كانت بالنسبة للعارفين بخفايا كواليس الحرب والسياسة في عصر التطبيع أوضح من أن يغطيها غربال عدوان جاء ليصنع تاريخا لكيان العدو الصهيوني الغاصب في وارسو وأزال عن نتنياهو ما كان يشعر به من قلق عميق في أعقاب انتصار ثورة 21 من أيلول/ سبتمبر عام 2014م، وما تشكله من تهديد لباب المندب كما يزعمون.
وقبل أن تخرج للعلن، كانت علاقة السعودية ومن يدور في فلكها بكيان العدو طويلة الأمد وأكثر من عميقة وأكبر مما يكتب عنها إذ تجاوزت حد تعبير المسؤولين الصهاينة عن تقاطع المصالح الاستراتيجية بين الكيانين والرغبة في انشاء تحالفات إقليمية ودولية إلى الافصاح عن الكيان الاسرائيلي شريكاً غير رسمي في العدوان على اليمن، وهو ما نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية بناء على معلومات استخباراتية في الكونغرس الأميركي بعد يوم من إتمام حفلة وارسو بفضحية وزير خارجية الفار هادي، المدعو اليماني بجلوسه إلى جانب نتنياهو وحديثه المبتذل عن مشتركات مع الصهاينة دفعته للمشاركة في هذا المؤتمر.
وكشفت الصحيفة الصهيونية عن تقنيات ومدربين تابعين لشركة مملوكة لـ”إسرائيل” يديريون مجموعات من المرتزقة من كولومبيا ونيبال جندتهم الامارات للمشاركة في الحرب في اليمن بتنسيق من مستشار ابن زايد محمد دحلان الذي يمثل رجل التنسيق بين الاستخبارات الصهيونية والاماراتية، حسب “هآرتس” التي أشارت إلى أن “اسرائيل” دربت في النقب مجموعات من المرتزقة شاركت في الهجوم على مدينة الحديدة وعملت في مناطق قتال أخرى إضافة إلى تزويد السعودية بصواريخ محرمة دولياً.
لم يكن ذلك سوى فصل من فصول العلاقات العميقة والحميمية بين الرياض و”تل أبيب” في إطار التآمر على قضايا الأمة باعتبار بقاء النظام السعودي ضمانة لأمن “إسرائيل” وتوسع كيانها كما قاله ترامب وأوضحه نتنياهو بحديثه عن أطماع بلاده في تحويل البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط إلى ممرين عبريين خلال مراسم تخرج فوج من ضباط البحرية الصهيونية بقاعدة حيفا مطلع نوفمبر العام الماضي وما تلا ذلك من تعهد صهيوني بالمشاركة في تحالف دولي لمواجهة تهديدات إغلاق باب المندب استجابة لنداءات سعودية في اعقاب ضرب إحدى بوارجها الحربية في السواحل اليمنية.
هذه الحقائق لم يكن لها أن ترى النور بهذا الشكل المتسارع وعلى نحو أظهر الأنظمة الخليجية مجرد أدوات وظيفية وقفازات أمريكية لتمرير مشاريعها وأجنداتها في المنطقة لولا الصمود الاسطوري للشعب اليمني في وجه العدوان قبل كل شيء وبعده ثم فوبيا إيران البديل الذي طرحته الصهيونية العالمية أمام العربان لتدمير وتقسيم البلدان وتمرير صفقة القرن.
والسعودية التي تسخر ثرواتها وتكرس كل طاقاتها وإمكاناتها لاقناع العالم بما تسميه خطر التمدد الإيراني في اليمن لا تجهل أن الإيرانيين يديرون معارك شرسة على مقربة من قواعد الأمريكيين في العراق ضد التنظيمات “الإرهابية” المسماة ” قاعدة” و”داعش” ولا تنسى أن طهران أيضا حليف استراتيجي لسوريا في الحرب ضد المشروع التكفيري وفي مواجهة الكيان الصهيوني ضمن محور المقاومة والممانعة.
وبارتماء النظام السعودي في الحضن الصهيوني ظنا أنه حبل نجاته، سقطت أقنعة الكثيريين ممن كانوا ولا زالوا يعتبرون هذا النظام الوكيل الحصري للعرب والمسلمين وتلونت وجوههم إلى ألوان متعددة في المرحلة الماضية قبل أن يكتمل المشهد في وارسو ويستوفي المطبعون نصابهم بما تسمى الحكومة الشرعية كهدف حقيقي من أهداف العدوان على اليمن ليخرج بعد ذلك نتنياهو بمزيج من الشعور بالنشوة والغرور وهو يقول إن سفراء وممثلي أكثر من ستين دولة جلسوا مع “إسرائيل” اتخذوا الموقف الذي حددناه ضد إيران مدركا بذلك مكمن الخطر الوجودي على كيانه الغاصب.