قابلية الإستحمار
عمران نت / 10 / فبراير 2019م
// مقالات // صوتي حر
مما أتذكر كلام منسوب لنابليون (سأسرد معنى الكلام لا النص الحرفي)… عندما تم سؤاله ..لماذا قررت إحتلال مصر وليس (لا أتذكر بالضبط أي دولة)؟
قال:
في الدولة الأخرى (شعب حر) صاحب مصلحة أن تم إحتلال بلدهم سيقاتلنا الصغير و الكبير و المزارع قبل الجندي….؛ أما في مصر فهناك شعب قابل للاستعمار فابنائه مجرد عبيد سيطيعون من غلب.
بالفعل بمجرد أن هزم نابليون السلطة الحاكمة في مصر و أشاع انه (اعتنق الإسلام) خضعت له مصر. !!
تذكرت كلام نابليون و انا أحاول فهم سيكلوجية المنافقين أو المرتزقة في اليمن …؛
تفكرت في عدة نماذج لدول تعرضت للإحتلال وأجريت مقارنة بينها لكي اتوصل لمقاربة موضوعية حول سيكلوجية بائعي الاوطان.
أمريكا و روسيا إحتلتا ألمانيا بعد حرب عالمية اضطرتا فيها للقتال في كل شبر على امتداد الدولة الألمانية… لم يجدوا ألماني واحد يقاتل معهم…. بل قاتلوا بجنودهم لم يرفع ألماني واحد صوته ليقول:
( هتلر دخلنا جحر الحمار)..
و لو قالها لصدق؛ …
لم يسقط جنوب ألمانيا بسهولة لان سكانه يكرهون سكان الشمال… حتى( تعز ألمانيا ) لم تجد في الاحتلال الأمريكي الروسي فرصة للتخلص من حكم أصحاب مطلع وقبائل (الجرمن) ؛…
ولا رفع قواد ألماني عقيرته بالقول:
إن أغلب الحزب النازي من هاشميي النمسا الموردين و التعاون مع الاحتلال فرصة للتخلص من النمساويين.
بعد احتلال ألمانيا تعامل المحتلين مع الألمان( بأحترام) فأطلقوا مشروع مارشال لإعادة الأعمار…
و عاد الشعب الألماني المحتل ليبني وطنه وهو تحت الإحتلال لتصبح ألمانيا من أغنى وأقوى الدول في العالم …و كل مطالب الاحتلال الأمريكي انحصرت في ربط الاقتصاد الألماني بالامريكي و ان تكون السياسات الدفاعية والدولية لألمانيا تابعه للسياسات التي ترسمها امريكا .
وبالمثل حدث في اليابان التي ضربت بالقنابل النووية نهض الشعب الياباني تحت الإحتلال و أصبح اقتصاد اليابان من أقوى اقتصاديات العالم وبنفس الشروط التي وضعها الأمريكان على الألمان.
و الآن يعيش الشعبين الألماني والياباني في رخاء …موفوري الكرامة ولهم كامل السيادة الداخلية على أرضهم فهم من يحكمون ويكتفي الأمريكان ببضع قواعد عسكرية إضافة للسيطرة على السياسة الخارجية لكلا البلدين.
الآن ننتقل لنماذج إحتلال من نوع آخر؛ …
عندما احتل الأمريكان العراق انقسم الشعب العراقي بين مؤيد و معارض للإحتلال …و عمل الأمريكان على إطلاق شرارة الفتنه الطائفية بين السنة و الشيعة و استطاعوا بفعل الشحن الطائفي من تحويل السنة الى جيش داعشي بربري متوحش أحرق الأخضر و اليابس و اكتسح ثلثي العراق قبل أن يتحرك الشيعة لمواجهة داعش ويكسرونها لتتحول العراق من دولة الى كيان طائفي هش ينخره الفساد و يتحكم فيه الأمريكان و يسلب ثرواته وليعيش العراقيين حياة البؤس والتخلف والتنازع والتشرذم .
في النموذج الليبي حدث شئ مشابه و ان لعب الأمريكان على وتر الصراع القبلي بين مختلف القبائل لأن لا طوائف في ليبيا وفعلآ تلاشت الدولة الليبية و أصبحت مجرد خزان كبير لشفط النفط منه بالمجان بينما يعيش شعبه حياة أقرب للجحيم.
لماذا (اختلف السلوك الأمريكي) فأنتج الإحتلال لبعض الشعوب دول متقدمة وقوية وانتج في النوع الآخر أطلال دول وشعوب ممزقة جائعة دخلت في دوامة صراع جهنميه ستستمر إلى يوم القيامة ؟
هنا أعود لما قال نابليون عندما قرر احتلال مصر وردة فعل الشعب المصري الذي أكد مقولة نابليون وأكد سهولة استحمار بعض الشعوب فقد صدق الشعب إشاعة (إسلام نابليون) و اعتبرها مبرر كافي للخضوع فسلم الشعب أرضه وثرواته للغازي المحتل و قبل بعيش الكفاف و معيشة العبيد.
في حالة ألمانيا واليابان أدرك الألمان بأن هناك شعوب واعية لن تقبل بأستعبادها واستباحة أرضها و ثرواتها و أنها ستقاوم المحتل و تجعل عملية الاحتلال (جحيم) لايطاق لجنود الإحتلال لهذا قبل المحتل بأقل حد ممكن من المصالح و هو السيطرة على القرار السياسي الخارجي لهذه البلدان لكي لا تتحول لقوة معادية في المستقبل تهدد الهيمنة الأمريكية على العالم .
في حالة العراق وليبيا وجد الأمريكان شعوب غير واعية يسهل استحمارها ودفع بعض أبنائها لقتال البعض الآخر .. و بالتالي لا مانع من استباحة هذه الدول و ثرواتها و إنهاء وجودها كدول و تحويلها لمجرد قطعان متناحرة يفسد مترفيها ويموت مستضعفيها. .
هنا انتقل لحالة هي الاسواء في التاريخ البشري من حيث قابلية الإستحمار وفي نفس الوقت هي الحالة الأفضل في التأريخ البشري من حيث الوعي ورفض الإستحمار والاستعمار أو أي شكل من أشكال الخضوع للمستعمر الأجنبي.
هذا البلد الذي جمع النقيضين قمة الرقي الإنساني و قاع السقوط الحيواني هو اليمن ؛
فقد أدرك أحد اليمنيين سر قابلية بعض الشعوب للإستحمار و وجد أن قابلية الإستحمار ناتجه عن نقص الوعي الناتج عن الثقافات المغلوطة التي تسود الشعوب المستحمرة؛
هنا حدد مجموعة من المعالجات لرفع الوعي وتوحيد الشعوب وجعلها حصينة في وجه الإستحمار الجالب للإستعمار.
هذا اليمني هو الشهيد القائد حسين بن بدرالدين الذي رفع الصرخة وأطلق الشعار لكي يقول لكل يمني و كل مسلم عدوك ليس في الداخل فاحذر من الإستحمار… عدوك في الخارج امريكا و اسرائيل و أطلق الملازم لترسيخ الثقافة القرآنية وجعل القرآن الجامع المشترك لكل اليمنيين والمسلمين وطلب من الجميع أن يقدم تنازلات للقرآن لا للمذاهب والطوائف؛
كن سني أو شيعي زيدي أو شافعي ليس المطلوب لنتوحد أن يتنازل الشافعي للزيدي أو الشيعي للسني عن بعض معتقداته فيما عرف بالتقريب بين المذاهب بل الجميع يقدم تنازلات للقرآن ليصبح هو المرجعية الحاكمة للجميع.
بثنائية العدو في الخارج ومنهجية توحيد الجميع تحت الجامع المشترك خلق وعي وحصانة لكل من استجاب له؛ … فيما المعرضون سهل على الغازي الأجنبي استحمارهم و من فرط هوانهم وسقوطهم الى ما دون الحيوانية لم يرسل الأمريكي جنوده ولا الإنجليزي جيشه بل كان من هوانهم على الناس أن سلط عليهم اقلية من العربان المخنثين ليستحمرونهم و يستعبدونهم و يستعمرون أرضهم و ينهبون ثرواتهم بل ويحولونهم إلى مجرد قطعان حيوانية لقتال من حملوا الوعي و قرروا مواجهة الإستعمار بعد أن (عجز عن استحمارهم)