حالة رهيبة أن يتحول الزعماء العرب إلى مدراء أقسام شرطة عند أمريكا!
عمران نت/ 18 / ديسمبر 2018م
من هدي القرآن الكريم
هذه مصيبة كبيرة، أما أن نخدمهم أيضاً من جديد فيما يتعلق بالإفساد، أو نصبح في حالة معينة متولين لهم. والتولي كما قال الإمام علي: ((الراضي بعمل قوم كالداخل فيه معهم)) أن ترضى بعملهم ولو تحت عناوين أخرى، أن تجد في نفسك ميلاً إليهم، أو إلى أوليائهم، المسألة هي واحدة: تتولاهم أو تتولى أولياءهم؛ لأن من يتولهم منا يصبح منهم، فمن نتولى نحن ممن هو منا متولِّ لهم نصبح الشيء نفسه {منهم} نعوذ بالله.
في أذهان الناس كلما يأتي موعظة، كلما يأتي حديث يتبادر إلينا الطاعات والمعاصي المعروفة، وكأنه ما هناك أشياء أخرى، هناك طاعات وواجبات مهمة جداً جداً نحن مقصرون فيها، بل لا نتذكرها، يوجد عبادات اعتقادية، واجبات اعتقادية، أن تعتقدها كذلك نحن مهملون لها، لا نلتفت إليها، هناك معاص خطيرة خارجة عن الأشياء التي نعتبرها قد هي مألوفة أنها معاصِ هي في نفسها أيضاً خطيرة ونحن لا نلتفت إليها.
نحن اليمنيين بطبيعتنا فينا (تحليل) كثير للأحداث، ومع (تخازين القات) تقريباً في أي بيت في أي مكان يحللون كل الأحداث، ونبدأ من أمريكا إلى أقصى منطقة، حتى أني أذكر مرة ونحن (مخزنون) في صنعاء في بيت (الشايف) و عنده ضيف (سفير عمان) أيام تلك الأحداث السابقة بين الشطرين، أحداث ما بين (علي عبد الله) و(علي سالم) بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر، “والناس ملان تحليل، ملان أخبار، ملان…” فقال: أنتم اليمنيين توجدون في نفوسكم قلقاً، وتوجدون في نفوسكم أيضاً رعباً، وتحللون الأحداث بطريقة تكون معكوسة أحياناً ، يخرج الناس وهم يحملون هماً في ما يتعلق بحاجاتهم من [قمح] أو نحوه. قال هذه طبيعة غريبة يلمسها في اليمنيين.
طيب التحليل إذا كان تحليلا إيجابيا وفهما للأحداث على حقيقتها ليكون لي موقف إيماني منها. ألا أتلقى ما يقول الآخرون وأتأثر بالآخرين، ينبغي أن يكون عندي قدرة على أن أفهم الأحداث، وأن أفهم كيف أقف الموقف الإيماني منها، فهذا جيد.
لكن عندما يكون الناس يتحدثون بما يتحدث به الآخرون، ويحللون تحاليل معكوسة يترتب عليها تأييد ومعارضة، هذه هي القضية الخطيرة نفسها، يخرج الناس من مجلس معين بعد (تخزينة) وخاصة إذا كانت (بزغة) جيدة وأذهان صافية و(الأريلات) كلها تستقبل تحاليل ويخرج الإنسان وهو متجه لأن يصلي صلاة المغرب والعشاء وهو لا يدري أنه في علم الله قد يكون ممن قال: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} ما معنى {منهم}؟ ألم يقل هناك: (اليهود والنصارى)؟ جاء بالإسم {لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} فعند ما يقول: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} يعني ماذا؟ فإنه من اليهود والنصارى.
فيخرج الشخص متجها إلى المسجد وقد أصبح – ولا سمح الله – يهودياً من حيث لا يشعر، يهودي بدون (زنانير) أليس كذالك؟ نتيجة التحليلات الخاطئة والفهم الخاطئ وسهولة اتخاذ الموقف على حسب ما يسمع.
الشيء الذي لا بد منه أن الإنسان إذا ما تبينت له الأحداث فلا بد أن يكون له موقف بألا يتخذ من داخل نفسه تأييدا أو معارضة إلا بعد أن يتبين له وجه الحق في المسألة، أو أن يرى ممن يثق بهم في فهمهم في تدينهم من قدواته لهم موقف من هذه المسألة فيقف موقفهم،
غير هذه تكون المسألة خطيرة. تكون المسألة خطيرة كما حكى الله سبحانه وتعالى قال: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ} (النساء140) ألم يقل مثلهم؟ يخوضون في القرآن: يتحدثوا عن آيات في القرآن بسخرية أو بنقد أو بأي شيء من هذه، وأنت هنا تزعم أنك مسلم ومؤمن بالقرآن، لكن جلوسك معهم قد تتأثر، أو جلوسك معهم وأنت ساكت، يعتبر تشجيعا لما هم عليه يحولك هذا الموقف الذي أنت تتهاون به إلى أن يكون حكمك حكمهم.
لاحظوا لخطورة المسألة كيف أن القرآن يتحدث: {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} {إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ} {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} يقول لك: أنت مثل هذه الجهة التي أنت تقف موقفها، أنت مثل هذه الجهة التي تتولاها، أنت حكمك حكم هذه الجهة التي تطيعها ولو في مسألة واحدة مما هي معصية لله سبحانه وتعالى.
في هذا الزمن أصبحت القضايا خطيرة جداً جدا ًبشكل رهيب فيما يتعلق بأعمال اليهود والنصارى لم تعد تقف عند حد، أن يصبح مثلا أي زعيم عربي عبارة عن مدير قسم شرطة، يقولون له: نريد فلانا، يقول: أبشروا بنا! نريد زعطان، يقول: تفضلوا (خذوه) كلهم جميعاً هكذا! هذه الحالة رهيبة جداً.
وحتى نحن إذا كنا نفرح بأنهم إعتقلوا فلانا، وفلان قالوا إنه مطلوب لأمريكا تحت عنوان خطير – قد يشمل أي إنسان يتحرك في هذا الموضوع – إرهابي, أليسوا يقولون: إرهابي؟ إرهابي لمن؟ أي إرهابي لأمريكا، لمصالح أمريكا، إرهابي يحمل عداء لأمريكا، كيف ما كانت وضعيته، إفترض أنهم اليوم إعتقلوا فلان، أعجبنا؛ لأن فلانا نحن نكرهه، لكن العنوان مفتوح، والقضية مفتوحة: أن هذا الزعيم أو ذلك الزعيم مكلف بأن أي شخص تسميه أمريكا إرهابيا يلقى القبض عليه ويسلم لأمريكا فيتحول الزعماء العرب إلى مدراء أقسام شرطة عند أمريكا!
هذه الحالة رهيبة جداً جداً، إذا افترضنا بأننا نفرح إذا إعتقلوا فلانا أو فلانا أو كذا أو… فمعنى هذا أن الموضوع أقفل أمام الجميع، وأن القضية نفسها ممكن أن تطبق مع الجميع تحت عنوان (إرهاب) ضد أمريكا، مطلوب من (بوش) مطلوب لا أدري من أين، فمن مكالمة تلفونية: نريد فلانا، قال: تفضلوا، (خذوه) معنى هذه القضية بأن الناس في الأخير يكممون أفواههم عن الحديث عن أمريكا وإسرائيل، عن اليهود والنصارى وخطورتهم، وأنت تلمس فسادهم يصل إلى كل بيت، إلى كل رأس. لأنه إذا ما تحرك هذا أو هذا أو هذه الفئة أو هذه الفئة تحرك باعتبار واجب إسلامي، أن ندافع فساد هؤلاء، أن نقاوم فساد هؤلاء، فساد تجاوز الحدود المعقولة أصبحت المسألة تهدد المقدسات الإسلامية كلها، تهدد البلاد الإسلامية كلها، تهدد المبادئ الإسلامية كلها.
أليس العرب الآن (حانبين) في قضية القدس؟ احتمال فيما بعد يظهر لنا ثلاث مشاكل هي القدس ومكة والمدينة، الكعبة ومسجد رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) والأقصى.
وهؤلاء اليهود هم يفهمون أنه عندما يقبل لهم شيء فإنهم يطمعوا إلى ما هو أكبر منه. يوم أن ضربت أمريكا أفغانستان حظيت بتأييد من كل الدول الإسلامية ألبست هذه واحدة؟ تطرقوا إلى أكثر من هذه: أنه بدلا من أن نتحرك بطائراتنا وأدواتنا إلى البلد الفلاني نكلف الزعيم الفلاني أو الملك الفلاني أو الرئيس الفلاني (هات فلانا وفلانا وفلانا، طارد فلانا وفلانا) فيتحرك بكامل قوته – ولم يعد تلك الدولة الضعيفة – يضرب هذه القرية ويضرب هذه ويضرب هذه ويعتقل فلانا ويعتقل فلانا من أجل أمريكا. أليس هذا يعني تجاوزاً؟
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
(الموالاة والمعاداة)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: شهر شوال 1422هـ
الموافق: ديسمبر2001م
اليمن – صعدة.