الأهداف الإسرائيلية لعمليات الدرع الشمالي
عمران نت/ 6 / ديسمبر 2018م
تناقلت وسائل الإعلام المحلية والدولية التحركات العسكرية للکيان الإسرائيلي على طول الحدود الشمالية مع لبنان أو ما يسمى بالخط الأزرق – يوم أمس – على الفور وبشكل مكثف وكأن الإعلام كان ينتظر أي خبر من تلك الجبهة التي بقيت هادئة طوال العشر سنوات الماضية تقريباً.
“الخط الأزرق” الذي يجري الحديث عنه اليوم يرسم الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد وضعته الأمم المتحدة في أعقاب انسحاب كيان الاحتلال عام 2000 من جنوب لبنان ونهاية 22 عاماً من احتلال تلك المساحة الجغرافية.
وبالعودة للتحركات الإسرائيلية على طول الحدود مع لبنان فقد قيل أنها بهدف تدمير أنفاق كان قد حفرها حزب الله اللبناني تخترق الأراضي المحتلة وتصل إلى العمق الإسرائيلي، وكشف الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أنه أطلق عملية عسكرية (الدرع الشمالي) على حدوده مع لبنان لتدمير أنفاق حفرها حزب الله اللبناني لتنفيذ هجمات على “إسرائيل”، مؤكداً أنه أقام منطقة عسكرية مغلقة في القطاع المعني من دون إصدار أي تعليمات خاصة للسكان المدنيين الإسرائيليين.
لكن بداية هذه العملية في هذا التوقيت، مع الأخذ بعين الاعتبار سياسات للکيان الإسرائيلي الوحشية والتهديدات المتكررة ضد حزب الله اللبناني على مدى الأشهر القليلة الماضية، أثارت العديد من التساؤلات التي كان أبرزها؛ هل تستعد تل أبيب فعلاً لتنفيذ هجوم جديد على جنوب لبنان؟.
في هذه الأثناء، فإن وجود بعض المؤشرات يدعم مثل هذا التحليل، وبعض المقترحات تظهر استحالة بداية الحرب من قبل الصهاينة، وبالتالي، لا يمكن للمرء أن يتبنّى جزءاً فقط من الواقع، ويجب علينا النظر في جميع الجوانب من أجل إجراء تحليل يتناسب مع طبيعة المرحلة.
الدفع نحو الحرب
لا شكّ بأن “إسرائيل” تتعرض خلال هذه المرحلة إلى أكبر تحدٍّ مرّ عليها منذ نصف قرن، فلم يعد كيان الاحتلال بمأمن من صواريخ المقاومة اللبنانية والفلسطينية وكذلك ضربات الجيش السوري الذي كان يردّ على كل اعتداء تشنّه قوات الاحتلال نحو الأراضي السورية، يضاف إلى هذا أن خطط “إسرائيل” برمّتها فشلت في سوريا فلم يسقط النظام السوري ولم ينهر حزب الله الذي يشارك أيضاً إلى جانب حليفته دمشق في الحرب السورية وما حصل كانت نتائجه عكسية على كيان الاحتلال فها هو الجيش السوري يخرج أقوى من أي وقت مضى وعناصر حزب الله اكتسبوا خبرات قتالية جديدة وتوسّعت خبراتهم في حرب الشوارع ناهيك عن القدرات الصاروخية غير المعروفة العدد والمدى والقدرة التدميرية والتي ترعب الإسرائيليين من دون أدنى شك، فلا نعرف إن كان ما تقوم به “إسرائيل” حالياً على الجبهة الشمالية هو بمثابة اختبار جديد لجسّ نبض “حزب الله” قبل الدخول في المعركة أو هو مجرد تحذير ومحاولة إسرائيلية لاستباق أي حدث قد يأتي من الجانب اللبناني، أم هو أمر طبيعي اعتدنا عليه من قبل كيان محتل يعشق الحروب والتدمير والاعتداء، فهل يتحقق له ما يريد؟.
الوضع الحالي في الداخل الإسرائيلي معقّد وليس على ما يرام، والأسباب كثيرة في هذا الإطار منها أن الجيش السوري حصل على نظام دفاع جوي روسي قادر على منع أي طائرة إسرائيلية من التحليق فوق سمائه وهذا مرهق لكيان الاحتلال الذي اعتاد قصف مواقع سوريّة حساسة، ولكن بعد الحصول على هذه المنظومة أصبح اختراق الأجواء السورية أمر معقد، يضاف إلى هذا أن وضع نتنياهو في الداخل الإسرائيلي ليس بأحسن حالاته فهناك أزمة حقيقية داخل الحكومة الإسرائيلية بعد استقالة وزير الحرب ليبرمان، فضلاً عن موضوع الانتخابات القادمة، والأمر الوحيد الذي يخدم نتنياهو حالياً هو وقوف المسؤولين الأمريكيين إلى جانبه بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يحاول توفير كل شروط الدعم لـ”اسرائيل”، لذلك قد يقدم نتنياهو على حرب جديدة للخروج من أزماته المتراكمة والحصول على نقاط إضافية لمصلحته من الشارع الإسرائيلي الذي لم يعد يثق به كما السابق خاصة بعد قضايا الفساد التي تلاحقه وعدم قدرته على إبعاد خطر المقاومة الفلسطينية واللبنانية عن الداخل الإسرائيلي.
في هذه الحالة، يأمل نتنياهو من خلال إعلان الحرب أن يتمكن أولاً من تقليص جزء من قوة حزب الله العسكرية المتزايدة، وثانياً عودة جنود حزب الله إلى لبنان عندما تبدأ الحرب، وتغطية قضية الأزمة السياسية في مجلس الوزراء وقضية الفساد الاقتصادي.
العوامل الرادعة للحرب
على الرغم من تفاقم الأزمات السياسية في الداخل الإسرائيلي والحاجة الماسة لبدء حرب لكن هناك مجموعة من العوامل تجعل من نتنياهو يفكر ألف مرة قبل بدء هذه الحرب التي ستكون بمثابة حبل المشنقة لمسيرة نتنياهو السياسية، خاصة أن لا أحد يعلم ماذا يخبّئ حزب الله من مفاجآت غير معلن عنها للحرب القادمة وكم عدد الصواريخ التي يمتلكها، ناهيك عن تصريحات المسؤولين في حزب الله بأن الحرب المقبلة ستكون داخل العمق الإسرائيلي، وبالتالي نستبعد أن يغامر نتنياهو بمثل هذه الحماقة وإن كان بحاجة إليها.