إعدامات وتعذيب: نشطاء السعودية يعانون بصمت
عمران نت/ 27 / نوفمبر 2018م
آثار التعذيب على أجسادهن كما لو كنّ في سجون “غوانتانامو”؛ تحدّثت عنهن منظمتا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، ووصفتا لنا طرق التعذيب التي يتعرّضن لها داخل السجون، نحن نتحدث عن الناشطات السعوديات في حقوق الإنسان اللاتي تعرضن لأبشع أنواع التعذيب في سجون السعودية في وقت يدّعي فيه ولي العهد محمد بن سلمان أنه يناضل من أجل إعطاء المزيد من الحرية للشعب السعودي، إلا أن العالم لا ينفكّ يسمع عن انتهاكات مؤلمة بحق المواطنين داخل البلاد وخارجها والتي كان آخرها حادثة مقتل خاشقجي الصحافي السعودي الذي قُطّعت جثته داخل قنصلية بلاده في اسطنبول.
ماذا حصل مع الناشطات في السجون
تقول منظمة هيومن رايتس ووتش: إن السعودية عذّبت ناشطات في حقوق الإنسان وتحرشت بهن جنسياً، ونقلت المنظمة عن مصادر مطلعة إن المحققين السعوديين عذّبوا ما لا يقل عن 3 من الناشطات السعوديات المحتجزات منذ بداية مايو/أيار 2018، وأضافت هيومن رايتس ووتش أيضاً إن التقارير تزعم أن التعذيب من قبل السلطات السعودية شمل الصعق بالصدمات الكهربائية، الجلد على الفخذين، والعناق والتقبيل القسريين، كما أعربت المصادر عن قلقها من أنهم والناشطات سيتعرضون للانتقام إذا ما تم الكشف عن هوية النساء علناً.
ومن المستغرب أن تتعرض الناشطات لكل هذا القمع في الوقت الذي كان فيه الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وابنه ولي العهد محمد بن سلمان، قد أشادا العام الماضي بإطلاق حملة لتحديث السعودية، تشمل السماح للنساء بقيادة السيارات، ولكن ما يقلل من حجم هذا الاستغراب أن طرح هذه الأفكار وإطلاق هذه التصريحات ترافق مع قمع المعارضة ورجال الدين والدعاة وحتى الأمراء لم يسلموا حينها من هذا القمع، وحالياً يقبع أكثر من 12 ناشطاً بارزاً أدينوا بتهم متعلقة بأنشطتهم السلمية في السجن لقضاء أحكام طويلة، كما أن هناك تسع نساء على الأقل رهن الاعتقال من دون توجيه تهم إليهن، رغم أن بعض التهم المنتظرة يمكن أن تشمل أحكاماً بالسجن تصل إلى 20 عاماً، حسب هيومن رايتس ووتش.
وحسب المنظمة فإن السعودية أعدمت أكثر من 650 شخصاً منذ الاستعراض الدوري الشامل السابق عام 2013، منهم 200 بسبب جرائم مخدرات لا عنفية، وتطلب المعايير الدولية، بما فيها “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي صادقت عليه السعودية، من الدول التي تستمر في تطبيق عقوبة الإعدام، حيث لا يجب استخدامها إلا فقط في “أشد الجرائم خطورة” وفي ظروف استثنائية.
رئيس هيئة حقوق الإنسان رئيس وفد السعودية الدكتور بندر بن محمد العيبان أعلن من جانبه أن السعودية تلقت 258 توصية في موضوعات حقوق الإنسان المختلفة، مؤكداً أنها تنظر إلى هذه التوصيات بإيجابية واهتمام بالغ، وستحظى بالدراسة في السعودية في إطار لجان وفرق عمل متخصصة تضم الجهات الحكومية وغير الحكومية، وبالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني.
وبالعودة إلى قضية الناشطات فقد قال مايكل بَيْج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “أي تعذيب وحشي لناشطات سعوديات لن يكون له حدود في حملة السلطات السعودية الوحشية ضد المنتقدين ونشطاء حقوق الإنسان، يجب أن تواجه أي حكومة تعذب النساء بسبب مطالبتهن بحقوقهن الأساسية انتقادات دولية شديدة، لا أن تحصل على دعم غير محدود من أمريكا وبريطانيا”.
وأضاف بَيْج: “في الوقت الذي يبحث فيه العالم للحصول عن إجابات على القتل الوحشي لجمال خاشقجي، فإنّ مصير النساء وناشطات حقوق الإنسان في السجون السعودية لا يزال عالقاً، كما أن على قادة العالم دعوة محمد بن سلمان لإنهاء الحملة ضد المنتقدين المحليين، وعلى الدول الأخرى التوقف عن تسليح السعودية طالما أنها تواصل هجماتها غير القانونية في اليمن”.
وتقول المصادر إن محققين سعوديين ملثمين عذّبوا النساء خلال المراحل الأولى من الاستجواب، ولكن لم يكن من الواضح ما إذا كانوا يسعون إلى إجبار النساء على توقيع اعترافات أو كان ذلك لمجرد معاقبتهن على نشاطهن السلمي، وعلى إثر التحقيقات، قالت المصادر إن علامات جسدية على التعذيب ظهرت على النساء، بما في ذلك صعوبة في المشي، وارتعاش غير إرادي في اليدين، وعلامات حمراء وخدوش على الوجه والرقبة، قالت المصادر أيضا إن واحدة من النساء على الأقل حاولت الانتحار عدة مرات.
وقد بدأت حملة قمع نشطاء حقوق المرأة قبل أسابيع من رفع الحظر على قيادة السيارات الذي طال انتظاره في 24 يونيو/حزيران، وهي القضية التي طالب العديد من النشطاء المحتجزين بها، وفي حين أنه تم الإفراج عن البعض بسرعة، لا يزال آخرون رهن الاعتقال دون تهمة، ومن بين هؤلاء: لجين الهذلول، عزيزة اليوسف، إيمان النفجان، نوف عبد العزيز، مياء الزهراني، سمر بدوي، نسيمة السادة، وهتون الفاسي، جميعهن من نشطاء حقوق المرأة، بالإضافة إلى مناصرين ذكور للحملة بمن في ذلك المحامي إبراهيم المديميغ، رجل الأعمال الخيرية عبد العزيز المشعل والناشط محمد الربيعة.
الجميع اليوم ينتظر نتائج التحقيق في قضية خاشقجي وفي حال ثبت تورط مسؤولين كبار في هذه الحادثة فسينعكس ذلك لا محالة على قضايا مشابهة تحدث داخل البلاد ولاسيما موضوع الناشطات الحقوقيات.