ترجمان الروح
عمران نت/ 21 / نوفمبر 2018م
بقلم/ زينب عبدالوهاب يحيى الشهاري
رفيق دربي الوفي أعلم استعدادك الدائم للتعبير عن مكنون صدري فأنت ترجمان الروح و لسان القلب، قلمي العزيز أراك اليوم على استعداد خاص و جهوزية عالية على غير العادة متلهفا مثلي لتنقش شعوري و تقاسمني الشرف و السعادة، لا أستغرب منك هذه اللهفة و لا أتعجب منك هذا الحماس فستكتب عن مناسبة فاقت الوصف و إن سطرت في عظمتها الكتب و ألفت في جمالها المجلدات، لكن يكفي أن أغمسك في روحي الممتلئة بمشاعر المحبة و الفائضة بأحاسيس التوقير فترش منها على أسطري البيضاء هذه ما يزينها من جميل العبارات و ما تتألق به من بديع المعاني و ما تتباهى به من خير الأوصاف عن مناسبة جاءت لتذيب كدر النفوس و تجلي أوجاع القلوب.
و كأني بك يا ترجمان الروح و قد سافرت بعيدا و انتقيت من رياض الأرض الغناء أروع العطور فملأت بها جوفك و حلقت نحو العلياء و اغتسلت من مزن السماء و عدت مهرولا نحوي يسبقك الشوق لتحتضن سطوري و تسكب عليها من عذب البيان ما تخطه عن مناسبة بهيجة قدمت لتزيل عن اليمنيين ألم معاناتهم و تداوي قلوبهم الموجوعة و تواسي نفوسهم المرهقة و تشدهم لحبل اليقين و الصبر أكثر و أكثر، و تذكرهم بالقدوة و تثبتهم على الطريق، مناسبة توصلهم نحو مفتاح النجاة و تقربهم نحو مشكاة الهدى و تبوح لهم بسر الفلاح، مناسبة أتت ليضيء نور الإيمان أيامهم التي كحلتها الكروب و غشتها الظلمات و ازداد فيها جور الظالمين فتتبدل الغمة فرجا و الإحباط عملا و الألم أملا و الصمود نصرا.
دعنا نطوف لنلمس ذلك الحب المتدفق في أرواحهم، و نستطلع مشاعر الإجلال و التقديس التي تنطق بها أعينهم و تتزين بها أفعالهم، دعنا نغرف من البهجة التي سكنت نفوسهم و البشرى التي كست وجوههم، ها هي يمن الإيمان ترتدي أبهى حلة و يستعد الصغير و الكبير ليعبر عن العشق المحمدي الذي سكن المهج، اسمع معي هذه الأناشيد ترتل اسم الحبيب محمد و انظر إلى الأقلام تطرز من بديع الكلام في وصف خير الأنام، انظر إلى اليمن الحبيب الذي أبى إلا أن ينال هذا الشرف و يحتضن هذا العشق و تكون مجالسه و فعالياته و مساجده لسان المحبين لخير الورى و تحيي هذه المناسبة بأروع صورة، هلم نحجز لأنفسنا مكانا بين العاشقين و نتسابق مع غيرنا في سلالم الولاء فنعطر جوارحنا بروحانية أيام استبشرت بقدوم خير البشر و نستنشق نسائم الإيمان التي فاحت بها الأرجاء و انتشى بها الكون و ازدان بها الوجود حين أطل سيد الأخلاق منقذ الناس و هادي الأمة، رحمة العالمين هدية رب السماوات و الأرضين للبشرية.
ها نحن اليمانيون سيدي أتيناك و قلوبنا العطشى تتلهف لتغرف من نور هداك فنروي ظمأ جوارحنا و نجلو هم أرواحنا و نغسل أحزان قلوبنا..
أتيناك نجدف في بحر الشمائل و الخصال فنغترف و نرتقي… أتيناك نسافر في فضاءات الكمال البشري فلنتمس بركاتك و نوثق حبال حبك المدودة في أرواحنا فنصعد في معارج السمو و الطهر و نزداد تقاةً و إيماناً..
أتيناك جماعات و فرادى… تزاحمت الأفواج و غطى سوادنا الساحات نصدح بالولاء و نعلن الانتماء.
و رغم اتساع الألم وعِظمِ المأساة وجور المعتدين، تفوح الجراح بعبق الحرية، وتصدح اليمن بعزٍ وشموخ “واصرخوا في كل ساعٍ ضد كل المفسدين، ضد أمريكا وإسرائيل أشقى الجائرين، كي تفوزوا في خطى المختار والنصر المبين، يا رسول الله إنا قد مضينا ثائرين، واكتسبنا منك عزماً يقهر المستكبرين هدينا القرآن والآل الأباة الصادقين، قد سمعنا قد أطعنا، يا إمام المرسلين”
تصفح معي قلوب اليمنيين المرتوية بحب سيدها والجوارح الساكن فيها عشق حبيبها التي تستميت ثباتاً وتطاول الرواسي صموداً، دماؤها المراقة تفوح نصراً يلوح بريقه في الأفق، فتهفو له قلوب الأحرار في العالم، وترنو إلى شعاع فجره كل الأرواح حينما أوثقوا أرواحهم في معارج السمو وهتفت قلوبهم “الله أكبر إنه النور المبين، ، النور أزهر في الورى عزاً وفضلاً، أشرقت في الكون أنوار النبي المصطفى، يا له نورٌ تجلى بالهداية والصفا، هامت الدنيا به والأفق عشقاً قد هفا، أنت هدىٌ قد تجلى ثورةً في كل حين، أنت للأحرار عزمٌ في ميادين اليقين، أنت في وجه الأعادي صرخة المستضعفين”.
فللإسلام جنود و لمقدسات الإسلام حماة و للحق رجال ألا إنهم أنصار الله، من لم تستطع قوى الكون إضعاف عزيمتهم أو كسر صمودهم، هم معجزة الله في أرضه و هم القوة الضاربة على أيدي الشرك و المضلين و المتكبرين في العالم، هم التقاة الأنقياء، من على أيديهم سينبثق نور عهد جديد لإسلام شوه و حورب و حرف و سلب منه جوهره و أصالته على مدى عصور مضت فيستعيد رونقه و تعود له نضارته و يتوج من جديد بحلل البهاء.
فشعب الإيمان والحكمة أنصارك وأحفاد أنصارك منك يا رسول الله وأنت منه، و ببركتك تغشانا الرحمة و يعمنا الخير و الهدى، و يتحقق لنا بقيادة حفيدك علم الهدى في عصره العز و النصر و التمكين، و مثلما أكرمنا الله بك في مناسبات ماضية بالعديد من الانتصارات، فإن شعار المناسبة لهذه السنة الدال على جهاد الكافرين والمنافقين يوحي لنا، وتنعقد عليه آمالنا بتحقيق النصر الكبير بإذن الله.
و كأني بك قلمي العزيز و قد ارتديت جلباب شعار محبة الرسول الأعظم و حلقت مسافراً عبر الزمن نحو علياء صاحبها عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام و ها أنت تنتقي من رياضه الغناء أروع المعاني، ويسيل بوح شجنك بأعذب البيان عن مناسبة بهيجة تزينت كل أرجائنا بخضرة روحها كي تزيل سكينةُ حلولها عن اليمنيين ألم معاناتهم، ويداوي جراحهم نغمُ بُشراها المتعالي بقدوم النور وانبلاج الهدى.
وفي رحاب النور بسكينةٍ وخشوع يسجد القلب والقلم، ها هي الروح تعلن عن موعد رحلتها نحو ساحة النبي الأعظم المحتفية بميلاد الرحمة المهداة.