المعركـة الأخيـرة ..!
عمران نت/ 16 / نوفمبر 2018م
أحمد فؤاد كاتب مصري
خوض محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي معركته الأخيرة –ربما- على الساحل الغربي لليمن، ممنيًا النفس بتحقيق أي انتصار، لتبرير كلفة بشرية ومادية هائلة لأربع سنوات من القتل والحصار والتجويع للشعب اليمني، معتمدًا على تأييد كامل من مصالح السلاح الغربية، وساعيًا إلى تحقيق إنجاز واحد، يظن أنه يشفع له ساعة جرد الأوراق والحسابات أمام أبناء عمومته، وهي ساعة آتية لا ريب.
الأمير الغارق حتى أذنيه، في فضيحة اغتيال المعارض جمال خاشقجي، أراد فرصة أخيرة لحسم الحرب، والكارثة التي لا يراها إنها بالأسلوب ذاته المتبع سابقًا، والذي أثبت فشله المرة تلو المرة، حسم عسكري مع شعب مقاتل أبي عزيز، فشل تحالف الشر العربي طوال سنوات في إخضاعه، أو التقدم لكيلومترات قليلة داخل أراضيه.
كارتلات السلاح الغربي، التي كانت توفر الحماية ومظلة الأمان لولي العهد، بدأت هي الأخرى في الانحناء أمام العاصفة الإعلامية، “ابن سلمان” أصبح هدفًا عاريًا في الغرب، يستحيل الدفاع عنه بغير خسائر غير محدودة ولا تطاق، وسمعته الملوثة ستحرق كل من يفكر في مواجهة الهجوم عليه.
السعودية في عهد سلمان، كما في كل عهودها السابقة، كانت تعتمد على تمويل مصانع السلاح الغربية، بما يجعل لها الحليف الأوثق في أوروبا الغربية والولايات المتحدة، ومنذ الثمانينات، واعتمادًا على أسعار البترول وفوائضها، بدأت الصفقات الضخمة تعرف الطريق إلى مخازنها، وفي 1985 وقعت أضخم صفقة سلاح مع بريطانيا، المعروفة بـ”صفقة اليمامة”، والتي لا تزال الشكوك تحيط بها حتى اليوم، بتكلفة إجمالية 43 مليار جنيه إسترليني.
ومن اليمامة، استمرت المملكة في نهجها، لكنها اتجهت إلى الحليف الأهم، الولايات المتحدة، لتكسر فاتورة المشتريات السعودية من شركات التسليح الأمريكية في السنوات القليلة التي تلت عاصفة الصحراء حاجز الـ 30 مليار دولار، وفي سبتمبر/ أيلول 2010 كانت واشنطن على موعدها مع اليمامة الخاصة بها، حين فازت بأكبر صفقة عسكرية في تاريخها، بلغت 60 مليار دولار، كان عماد هذه الصفقة مقاتلات الإف-15 إس إي، ابتاعت السعودية منها 84 مقاتلة، إضافة إلى زيادة تسليح قوات الحرس الوطني.
وقبل صعود “بن سلمان” مباشرة، وقعت المملكة مع الرئيس الأميركي الجديد –وقتها- دونالد ترمب، أضخم صفقة سلاح في التاريخ، بقيمة إجمالية بلغت 350 مليار دولار، منها 110 مليارات دولار لصفقات ستدخل حيز التنفيذ فورًا والباقي سيتم التفاوض عليه خلال السنوات العشر المقبلة، كجزء من رؤية المملكة 2030.
نجحت مصانع السلاح المستفيدة من مشتريات الخليج الهائلة –وغير المبررة- في وقف أي جهد دولي للفت الأنظار لمأساة اليمن الإنسانية، رغم أن مؤسسات دولية رفيعة بح صوتها من المطالبة بوقف العدوان، مثل منظمة العفو الدولية ووكالات الأمم المتحدة، واستصدرت عدة إحصائيات تمثل إدانة كاملة لكل مشارك، ولو بالصمت في مأساة اليمن,
في مارس/آذار الماضي، على سبيل المثال، دعت منظمة العفو الدولية إلى وقف فوري وغير مشروط للعدوان على اليمن، وأدانت الولايات المتحدة وبريطانيا، معتبرة إنهم شركاء في الجريمة ضد الإنسانية المستمرة باليمن، بتزويد السعودية والإمارات بالسلاح لاستمرار القصف للمدنيين.
وأعلنت المنظمة الدولية أرقامًا مفزعة للضمير الإنساني، 22 مليون يمني من أصل 29 مليون بحاجة للمساعدة، والبلد تحت الحصار برًا و جوًا و بحرًا لنحو 4 سنوات، والبنية التحتية لليمن أتى العدوان السعودي على أغلب منشأتها في الشهور الأولي من الحرب، ونصف مليون مصاب بالكوليرا، إضافة إلى إصابة الملايين بأمراض سوء التغذية ونقص الطعام والمياه النظيفة.
الغرب لم يتحرك لكل هذه الأرقام، وللمأساة الإنسانية المستمرة، لكنه تحرك فقط عندما شهد جريمة “درامية”، امتلأت بعناصر التشويق، وأضاف لها “أردوغان” مزيدًا من بهارات الإثارة، ورغم ذلك، فوجب على كل مؤمن بقضية اليمن أن يستثمر الضوء الإعلامي المكثف، والمتوجه حاليًا إلى ساحات جرائم السعودية، لنقل جزء من حقيقة العدوان الهمجي على اليمن.
ولكن الرهان الحقيقي لكل مقاوم، وجب أن يبقى على المقاومة اليمنية، على أنصار الله، وعلى الشعب اليمني البطل، الذي لم يكن ينتظر اهتمامًا دوليًا لحسم معركته مع العدوان الإجرامي، باختصار فإن المقاومة الواعية لحقيقة العدوان “الأميركي بيد عربية قذرة” لا خوف عليها وستنتصر.