عمران نت/ 26 / اكتوبر 2018م
بعد ان كسرت الجرة وكشف المستور فاحت منها رائحة كريهة لتصاب الجاني بصدمة نتيجة تهورها من هول جريمتها البشعة التي ارتكبتها على مرأى العالم، والسبب يعود الى انها كانت متعودة على فعل جرائمها دون رادع دولي واقليمي، دون ان تدرك ان الواقع العالمي قد تغير.
ويبدو ان الجريمة الاخيرة بحق الصحفي الاعلامي جمال خاشقجي ستكون القشة التي ستكسر ظهر البعير.. فهل سيفتح العالم وخاصة صحفه وكتابه العالميين ملفات تاريخ السعودية المليء بالاغتيالات والتعذيب والحروب المدمرة ضد كل من يقف امامها؟ وهل حان وقت المحاسبة أم مسؤولين كبار كأمثال ترامب سيقومون بلملمة الجريمة ورتقها؟
لعبة الداخل كانت اسرع من الخارج بعد ان أصدرت النيابة العامة السعودية بيانها الأول في قضية “خاشقجي”، الذي تضمن إقرارا بمقتل الرجل داخل قنصلية المملكة في إسطنبول، لكنها قالت إن الأمر حدث جراء “شجار وتشابك بالأيدي”، وأعلنت توقيف 18 شخصا، كلهم سعوديون؛ للتحقيق معهم على ذمة القضية.
اذاً.. هي نية مبيتة للفريق السعودي الذي كان متهيأً لخاشقجي.. حسب بيان النيابة العامة السعودية طبعا.. وهي المرة الاولى التي تتحدث فيها الرياض عن نية مسبقة بالعملية.
البيان الذي جاء عن لسان النائب العام السعودي والذي نشرته وكالة الانباء الرسمية اعلن أن المشتبه بهم في القضية أقدموا على فعلتهم بنية مسبقة. موضحا ان ذلك يستند إلى معلومات واردة من الجانب التركي. مؤكدا على ان التحقيقات مع المتهمين متواصلة في ضوء ما ورد من حقائق.
غير أن تلك الرواية السعودية الرسمية، التي جاءت بعد 18 يوما على وقوع الجريمة، قوبلت بتشكيك واسع من دول غربية ومنظمات حقوقية دولية، وتناقضت مع روايات سعودية غير رسمية، منها إعلان مسؤول بالمملكة، في تصريحات صحفية، أن “فريقا من 15 سعوديا تم إرسالهم للقاء خاشقجي في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري؛ لتخديره وخطفه، قبل أن يقتلوه بالخنق في شجار عندما قاوم”.
ولكن مهما كان صوت السعودية المتظاهر بالبراءة، فإن الأعمى فقط هو من سيصدق أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لم يأمر بالعملية التي كلفت خاشقجي حياته.
وقال الباحث دانيال بنجامين، الباحث في مركز التفاهم الدولي بكلية دارموث في مقال له نشرها موقع “فورين أفيرز” حول اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي: إن العمل يقترب من النهاية للبحث عن ورقة التين وتبرئة المجرم من الجريمة. ويبدو أن السعودية قد تحصل على قصتها بشأن ما حدث أثناء التحقيق الذي خرج عن الخط، ولكن لا علاقة له بولي العهد السعودي محمد بن سلمان. أما الرئيس دونالد ترامب، فقد حصل على المبرر الذي يجعله يواصل بيع السلاح للسعودية، ويحافظ على علاقته مع السعوديين. وربما حصلت تركيا على حزمة من المساعدات المالية لاقتصادها المريض مقابل عدم الكشف عن دليل الجريمة التي حدثت في اسطنبول.
من جانبها، اكدت الصحافية ميغان سبيشيا في مقال لها نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز”، بأنه بعد أن اختفى خاشقجي في القنصلية يوم 2 تشرين الأول/ أكتوبر، فإن السلطات التركية بدأت بالتسريب الاستراتيجي للمعلومات لوسائل الإعلام الموالية للحكومة في البلد، لافتة إلى أن هذه الاستراتيجية المحسوبة ضمنت بقاء القصة في عناوين الأخبار يوما بعد يوم، في الوقت الذي أنكر فيه المسؤولون السعوديون ابتداء أي معرفة حول مصيره.
وتلفت الكاتبة إلى أن التسريبات قدمت تلك تفاصيل مروعة لما حوته التسجيلات الصوتية، التي كشفت أنه تم تقطيع جثة خاشقجي، وقطع رأسه وأصابعه، ما أثار حفيظة المجتمع الدولي، وأضاف لهذه الدراما الكلام عن شخص انتحل شخصيته، والبحث عن الجثة أو بقاياها، والطائرات الخاصة التي أخرجت المسؤولين السعوديين.
وتورد سبيشيا نقلا عن المخابرات الأمريكية والتركية، قولها بأنها تعتقد بأن الأشخاص المتورطين في قتل خاشقجي مرتبطون بولي العهد، مشيرة إلى أنه مع أن السعودية تنكر ذلك إلا أنها سلطت الأضواء على ما يقوم به ولي العهد.
وتقول الكاتبة: “أصبح موت رجل واحد يختزل الرؤية الإشكالية لولي العهد السعودي لبلد يستطيع زعيمها أن يستهدف المعارضين السياسيين وينجو من المحاسبة”.
وتجد سبيشيا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رأى في قضية خاشقجي فرصة لوقف الأمير عند حده، والحد من نفوذ منافس إقليمي، مشيرة إلى أن الروايات المتشعبة لموت خاشقجي تركت أمريكا عالقة بين حليفين، وأرسل الرئيس ترامب إشارات مختلطة، متحولا بين الدفاع عن السعودية والضغط للحصول على أجوبة كي يقنع بها الرأي العام العالمي.
* ا.ع