الاعتراف هذا جاء بعد صفقات مخابراتية مع الولايات المتحدة الاميركية وتركيا على ما يبدو وجاء ذلك بعد زيارة قام بها وزير الخارجية الاميركية مايكل بومبيو الذي التقي الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز و ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وكذلك الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وعلى مايبدو ان بومبيو طبخ مع السعوديين بيان الاعتراف السعودي الذي حاول تنزيه الملك وكذلك ولي عهده من اي معرفة بالعملية الارهابية بحق خاشقجي وقال البيان السعودي الذي صدر باسم المدعي العام إن “التحقيقات الأولية في موضوع المواطن جمال خاشقجي أظهرت وفاته -رحمه الله- والتحقيقات مستمرة مع الموقوفين على ذمة القضية والبالغ عددهم حتى الآن 18 شخصا، جميعهم من الجنسية السعودية” واعاد سبب الوفاة الى عراك بالايادي بين خاشقجي واشخاص داخل القنصلية. إبن سلمان ومن اجل التخلص من التهمة قام باقالة عدد من المسوولين السعوديين ابرزهم الجنرال أحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات العامة، ومدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات اللواء رشاد بن حامد المحمادي، ومساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء عبد الله بن خليفة الشايع، والمستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني. الاعتراف والاقالات الشكلية هذه لقيت بشكل سريع ترحيبا اميركيا حيث اعلن البيت البيض انه احيط بالتحقيقات واعلن ترامب ان الولايات المتحدة تحتاج السعودية من اجل الضغط على ايران في اشارة منه الى تجاوز ملف خاشقجي وعدم الضغط على السعوديين او اجراء اي تغييرات في السلوك الارهابي للسعودية تجاه شعوب المنطقة او مواطنيها حتى لو كان ذلك انتهاكا للقانون السياسي والدبلماسي. كما ان الموقف التركي لا يزال غامضا ولم يكن بمستوى الحدث حسب العديد من المراقبين.
واذا كانت الادارة الاميركية حسب بيانها وتصريحات رئيسها قد تجاوزت ملف خاشقجي بهذه السهولة فان السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل يترك العالم بعد كله هذه الضجة الاعلامية والازمة الدبلماسية القاتل نفسه يواصل جرائم القتل والابادة الجماعية بحق اليمنيين؟ خاصة وان ازمة خاشقجي المؤلمة تزامنت مع اعلان الامم المتحدة عن ان اليمن تواجه اكبر ازمة انسانية ومجاعة القرن بسبب استمرار الحرب والحصار. وبما ان القاتل والفاعل والمسبب لهذه الازمة الانسانية والمجاعة الكبيرة في اليمن واغتيال خاشقجي شخص واحد وهو محمد بن سلمان وحاشيته من امثال المقال احمد عسيري وسعود القحطاني وغيرهم العشرات فان الاحرى اليوم بالعالم وخاصة وسائل الاعلام ان تواصل الضغط على إبن سلمان وادارة ترامب لايقاف نزيف الدم والابادة الجماعية بحق اليمنيين. خاصة وان القاتل الذي قتل خاشقجي بابشع طريقة وباسلوب داعشي يمارس القتل اليومي بطريقة ابشع من طريقة قتل خاشقجي في اليمن. ان صور اطفال المجاعة في اليمن تقطع القلوب وتدمي العيون وتبعث الحسرة والالم في قلب كل انسان حر وهي جريمة مضاعفة يرتكبها النظام السعودي بحق شعب باكمله وليس شخص او اثنين. لذلك فمن المفترض ان يواصل العالم الحر الضغط لايقاف هذه الجريمة البشعة التي يرتكبها إبن سلمان باليمن وان لا يترك للقاتل الفرصة في التفنن باساليب القتل بحق الاطفال والنساء.
السعودية والامارات في اليمن استخدمت خلال اربع سنوات جميع الاساليب الارهابية بحق الشعب اليمني فمن لم يمت بالقصف المباشر او في جبهات القتال قتله الحصار السعودي بالجوع والامراض المعدية ولا ننسى هنا موضوع الاغتيالات التي نفذتها السعودية بحق عدد من اليمنيين كان ابرزهم الرئيس صالح الصماد من خلال تنسيق سعودي اماراتي اميركي في 19 أبريل/نيسان الماضي. وكشف مؤخرا عن استاجار الرياض وابوظبي في عام 2015 شركة امنية اميركية اسرائيلية للقيام باغتيال العشرات من الاشخاص جنوب اليمن واغتيال اكثر من 30 قياديا وعضوا بارزا في حزب الاصلاح الاخواني المتحالف معهم بالاصل. لذلك فمن غير المبرر اليوم ان يسكت العالم على هذه الجرائم المرتكبة بحق اليمنيين بعد ان عرف بشكل مباشر تاريخ واسلوب الاجرام لمحمد بن سلمان ومحمد بن زايد وانكشاف اسلوبهم الداعشي بحق كل من يعارضهم. فالسعودية اذا كانت قطعت وذبحت خاشقجي فانها فرمت وقطعت وموتت جوعا الاف اليمنيين ومزقت اجساد مئات الاطفال والاف النساء بشكل مقزز خلال ثلاثة اعوام ونصف من عدوانهم الغير مبرر على اليمن. ان الانسانية والبشرية اليوم مطالبة بالوقوف الجاد والحازم مع اليمن وان لايتركوه ضحية للمطامع المالية التي تجنيها شركات السلاح في الدول الكبرى. ان بشاعة واسلوب إبن سلمان في قتل معارضيه ومخالفيه وتمزيق اجسادهم وقطع رؤسهم بالمناشير والقنابل والصواريخ وقتلهم شعبا كاملا تجويعا وحصارا تمثل وصمة عار ليس فقط على السعوديين والعرب بل على المجتمع الدولي والعالم كله وهذا ما قالته ممثلة الامم المتحدة للشؤون الانسانية في اليمن ليز غراندي في اخر مقابلة لها عندما قالت ان على المجتمع الانساني ان يشعر بالخجل والعار تجاه سكوته عن الاحداث في اليمن حتى ضربته المجاعة والاوبئة والامراض وانتشر الموت في كل زاوية من زواياه.