النظام السعودي عرّاب “صفقة القرن” والتآمر على القضية الفلسطينية
عمران نت/ 2 مايو 2018م
عامر الحسن
الرابع عشر من مايو 2018م، يوم يسجله التاريخ، يوم وضعت فيه اللبنة الأساس لتتويج ما سمي “صفقة القرن”. صفقة بموجبها بدأت عملية تصفية القضية الفلسطينية، لحساب إقامة تحالف علني على كافة المستويات بين الكيان الصهيوني وأنظمة العمالى في المنطقة وفي مقدمتها النظام السعودي ومَنْ يدور في فلكه من أنظمة الخليج، برعاية الولايات المتحدة الأميركية. منذ دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض جهر بتبنيه ودعمه الاحتلال الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية. السياسة “الترامبية”، التي بدأت منذ اللحظة الأولى بطمس القضية الأساس للأمة العربية، خاصة مع توقف “مفاوضات السلام” بين الفلسطينيين وكيان الاحتلال، استتبعت باللعب على وتر العلاقات مع السلطات السعودية من أجل تمرير مصالح الصهاينة على حساب نزيف الدم الفلسطيني، وتضييع المقدسات الإسلامية في الأراضي المحتلة. يرى مراقبون أن النظام السعودي يُمثل رأس الحربة في المشروع الاميركي – الاسرائيلي، حيث ظهر السعي الحثيث للتطبيع مع كيان الاحتلال الذي لعب عبر داعميه الدور الأبرز في الابتزاز والضغط من أجل الموافقة على ما يسمى “صفقة القرن”، التي أوكل ترامب تنفيذها إلى صهره ومستشاره جاريد كوشنر، الذي بادر إلى تنفيذ ما طُلب منه على وجه السرعة بعد زيارة ترامب إلى الرياض وتل أبيب عقب توليه منصبه في مايو 2017. بعد أن تلقّى محمد بن سلمان تعليمات ترامب في الرياض، والتي حملت رسائل طمأنة على إيصاله إلى حكم العرش الذي يطمح إليه، اتصل بكوشنر وعَرَض نفسه عليه على أنه سيكون رجله في “السعودية”، ليتفقا على خلق قنوات اتصال مع الفلسطينيين و”الصهاينة”، وانطلقت رحلة ابن سلمان في الضغط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للقبول بالصفقة، حيث رفض الأخير املاءات التخلي عن شرقي القدس المحتلة. لقاءات وخطوات “سعودية” وأميركية و”إسرائيلية” واضحة جرت بالسر قبل تسريبها إلى العلن فيما بعد، تحدثت عن لقاء كوشنر ابن سلمان في الرياض للتنسيق حول كيفية إعلان وتنفيذ الصفقة، وكانت الرياض محط استقبال المسؤولين الأميركيين، حيث استقبل مدير الاستخبارات الأميركية سابقاً ووزير الخارجية الحالي مايك بومبيو في زيارات متعددة. بموازاة ما كان يجري في الرياص من تنسيق ولقاءات، لعبت القاهرة الحليف البارز للرياض دوراً في تنفيذ الصفقة، ودُعي محمود عباس إلى مصر ومن ثم إلى “السعودية” وذلك في بداية ديسمبر الماضي، وأُبلغ عباس أن الأميركيين يريدون تنفيذ “صفقة القرن”، التي اطلع على تفاصيلها في الرياض خلال لقاء ابن سلمان ووالده، لكن عباس رفض ما جاء من عروض وبنود في الصفقة. عباس الذي رفض ما تم إطلاعه عليه، لم يكن ليشكل عائقاً أمام الاحتلال و “عرابوا” الصفقة، إذ بدأت الرياض عبر أبواقها الإعلامية بالترويج لضرورة إيجاد الفلسطينيين لحل مع الصهاينة، وقد برز ذلك في مقابلة كانت الأولى من نوعها أجرتها صحيفة “إيلاف” السعودية مع رئيس أركان جيش الاحتلال غادي أيزنكوت، ما فتح الباب أمام سرب التطبيع الإعلامي، وبعدها، جاء إعلان ترامب بعزمه نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة. إعلان ترامب بنقل السفارة، دفع بمفاوضات “السلام” للدخول بمرحلة جديدة من الجمود، لتبدأ معها الرياض بالسعي إلى إتمام صفقة القرن بإصدار بيان رسمي “شكلي” يعلن رفضها لقرار ترامب! بيان الرفض جاء بتوقيع من ابن سلمان وكوشنر اللذين يحيكان إتمام صفقة القرن، وفق ما يقول متابعون، مشيرين إلى أن الموقف “السعودي” الرسمي اتضح لاحقاً وبشكل علني مع انعقاد مؤتمر القمة الإسلامية في تركيا، حيث غابت الرياض وأبوظبي عن القمة بحجة مشاركتهما بمؤتمر لمكافحة الإرهاب في دول الساحل والصحراء الأفريقية، والذي انعقد في باريس، في خطوة كانت تكشف عن تهرّب الطرفين من المشاركة في قمة تتعلق بالقضية الفلسطينية. تلاحقت سلسلة اللقاءات التي لم يكن آخرها زيارة ابن سلمان إلى الولايات المتحدة، على الرغم من تنفيذ ترامب لإعلانه عن تدشين السفارة، إلا أن هذا التدشين لم يكن سوى مقدمة لتنفيذ كامل الصفقة التي يرفض بنودها الأوروبيون، فيما يُلفت متابعون إلى أن الدور الذي أدته الرياض ولا تزال سرّع بالدفع لتنفيذ العملية الأميركية وتأمين مصالح تل أبيب على حساب القضية الفلسطينية. يُلفت مراقبون إلى أن الحضور الباهت لممثلي السفارات المعتمدة في الكيان الصهيوني لمراسم افتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلة يعكس طبيعة التأييد الدولي لقرار ترامب القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب، والذي ضرب بعرض الحائط جميع الأعراف الدبلوماسية وتناسى دفعة واحدة جميع قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقدس والقضية الفلسطينية.