كشف مستقبل الحرب الطويلة – الدوافع والتوقعات وآثارها على الجيش الأمريكي.(الجزء الثاني)
عمران ن/ 08 مايو 2018م
ملخّص دراسة :
“كشف مستقبل الحرب الطويلة – الدوافع والتوقعات وآثارها على الجيش الأمريكي”.
اعداد: مركز الحرب الناعمة للدراسات
الجزء الثاني
لقراءة الجزء الاول
مسارات الحرب الطويلة:
فيما يلي وصف لبعض آثار تلك المسارات المترتبة على الجيش الأمريكي:
أ – الحالة المستقرة:
في مسار “الحالة المستقرة” ستهيمن الالتزامات المستمرة تجاه أفغانستان والعراق على دور الجيش. ومن غير المرجح أن يزداد عدد الجيش في هذا السيناريو إذا لم يحدث توسع في عمليات انتشار الجنود في أفغانستان أو العراق.
إذا اختارت الولايات المتحدة المشاركة أكثر في عمليات حفظ السلام والدعم لمنع نمو السلفية الجهادية، فإن الجيش سيحتاج بعض المهارات المختلفة عن تلك المطلوبة في العمليات القتالية الكبرى وبعض المعدات المتخصصة قد تكون مفيدة أيضا(مثل الأسلحة غير القاتلة )، أما إذا قررت الولايات المتحدة أن تقدم الدعم للحكومات في محاولة لتقليل عدد حركات التمرد وعدم الاستقرار في بلدان معينة فإن مثل هذه العمليات قد تضم أعدادا كبيرة من الجنود ولكن ليست كثيرة مثل العراق.
الاستخدام المستمر لقوات العمليات الخاصة للقيام بعمليات عالمية ضد تنظيم القاعدة يمكنه أن يفرض زيادة في هيكل قوة (قوات العمليات الخاصة) بدرجة أكبر من تلك المخطط لها حاليا.
ب- حرب الأفكار:
حرب الأفكار هي المسار المفضّل لأنّ الحملة الفكرية يجب أن تكون وسيلة مثالية ومنخفضة التكاليف وغير ظاهرة لإحتواء أيديولوجيات القاعدة ومنظّري السلفية الجهادية. الإحتواء هنا سيكون في المجال المعلوماتي اكثر منه في المجال المادي حيث يتم إجراء العمليات العسكرية.
سيكون هناك اثنان من الآثار المترتبة على الجيش هنا:
أولا : سيحتاج الجيش إلى تحسين جميع جوانب قدراته المعلوماتية بما في ذلك تحليل الجمهور المستهدف، وصياغة رسالة وتوصيلها. كما سيحتاج الجيش أيضا إلى معرفة كيفية إجراء تزامن بين خطوط العمليات المعلوماتية الاستراتيجية والتكتيكية.
ثانيا: لإحراز تقدم ملموس في “حرب الأفكار ” فإن الجيش سيحتاج إلى بذل قصارى جهده للحد من الأضرار الجانبية أثناء العمليات الحركية، وهذا يعني الحاجة إلى نظم أفضل لدمج الاستخبارات، وكذلك الحاجة إلى أسلحة لدعم الطبيعة المميزة للحملات المعلوماتية وتقليل الأضرار الجانبية غير المرغوب فيها.
ج – دولة إسلامية كبرى تنهار:
إذا كانت الولايات المتحدة تنوي اختيار استراتيجية الاحتواء، فإنها ستحتاج إلى أصول الاستخبارات والمراقبة ISR) ) والاستطلاع، بالإضافة إلى الاستخبارات البشرية لكشف ورصد تدفق الأسلحة ومكونات أسلحة الدمار الشامل والناس عبر حدود “الأمة السيئة”.
وبما أنه من غير المحتمل أن تلتزم الولايات المتحدة بدوريات الحدود على المدى الطويل، فإن عملية تأمين الحدود في نهاية المطاف ستحتاج إلى أن تتولاها قوات الدول المجاورة، و قد تكون هناك حاجة للجيش لتولي التدريب أو أدوار الرصد.
يمكن تصور ما لا يقل عن ثلاثة عناصر استراتيجية استباقية، تشمل الحاجة إلى الإمكانيات لتوجيه ضربات
على منشآت أسلحة الدمار الشامل لمنعها من الوقوع في أيدي الحكومة الجديدة (والتي لن يتورط فيهاالجيش بكثافة)، بالإضافة إلى قوات العمليات الخاصة وعمليات الاستيلاء والحماية، أو عمليات تحقيق الاستقرار والتي قد تتطلب دورا أكبر للجيش.
أما إذا كانت الولايات المتحدة تنوي أن تنخرط مباشرة في مكافحة الانقلاب، فإنها ستحتاج وحدات من الجيش لتدريب القوات الصديقة أو للعمل كمستشارين. إن المواجهة المباشرة أكثر بين القوات الأمريكية والحكومة الجديدة يمكن أن تشبه عملية “تغيير النظام” في العراق.
الدروس المستفادة من هذه العملية معروفة جيدا و لن يتم تكرارها هنا.
فدولة راديكالية بدون إمكانيات أسلحة أو تأثير دمار شامل قد تستدعي استجابة غير فوريةمن القوات الأمريكية مثل تمركز بضعة ألوية من الجيش الأمريكي في الدول المجاورة أو الدول الإقليمية كرادع للتحركات العدوانية. ويتوقع أيضا أن يشارك الجيش في عمليات معلوماتية مهمة في الدول المجاورة للمساعدة على احتواء آثار الدعاية السلفية الجهادية والحد من تأثيرها.
د – تضييق التهديد:
بسبب طبيعة الجماعات الإرهابية القومية، فإن أي مساعدة ستكون سرية بشكل رئيس وستؤدي إلى تقدّم القدرات المعلوماتية مما يمكّن الجيش من مساعدة جهات الحكومات الأخرى والدول المضيفة في جهودها لتعزيز الانقسامات داخل الحركة الجهادية.
لن يضطلع الجيش بالضرورة بغالبية هذا العمل. ومع ذلك، فإن تضييق التهديد يمكنه أيضا أن يسمح للقوات الأمريكية بتركيز جهودها بشكل أكبر على حملات مكافحة التمرد ضد الإرهابيين العابرين للحدود (العالميين). وفي هذه الحالات فإن الجيش يمكن أن يبحث دورا أكبر لعمليات مكافحة الإرهاب من أجل استهداف الأماكن الأكثر خفاء والتي توفر المساعدات للمتمردين.
ه – تمديد النطاق:
على افتراض أن الالتزامات تجاه العراق وأفغانستان قد انخفضت فإنه من المرجح ألا يزداد عدد قوات الجيش الأمريكي إذا ما انضم عدو جديد للحرب الطويلة.
أما إذا ظلت عمليات انتشار الجنود في أفغانستان والعراق كبيرة، فإن شن الحرب في جبهة جديدة قد يدفع إلى زيادة عدد الجنود.
ستكون الاستخبارات البشرية واحدة من الإمكانات الأكثر أهمية والقادرة على اختراق أهداف غير سلفية جهادية جديدة، وعلى الرغم من أنه من المحتمل أن تتطور مثل هذه الإمكانات بالتعاون مع المخابرات وليس فقط الجيش. إلا أنه سيكون من المفيد للجيش أن يقوم بتسريع أبحاثه في مجال تكنولجيا الصواريخ المضادة والمدفعية ومدافع الهاون.
و – تعليق العمليات:
تواجه الولايات المتحدة في هذا المسار عدوا تقليديا، أو غيرها من التهديدات التي تجبرها علي تقليل تركيزها على الحرب الطويلة.
لن يتم هنا مناقشة آثار التهديدات الأخرى المترتبة على الجيش. أما فيما يتعلق بالحرب الطويلة، فإن الجيش قد يعود إلى الدور التدريبي والاستشاري في البلدان التي ُ يفضل أن يكون فيها تواجد فعال. حيث أنه من المستبعد أمام هذا التهديد الجديد أن تواصل الولايات المتحدة نشر قواتها في الأماكن التي لا يوجد حاجة ماسّة إليها، ولكن إذا استمرّت القوات البرية فى خوض الحرب الطويلة، فسيكون عليها القيام بذلك بموارد ومعدات أقل.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تكون هناك حاجة متزايدة للعمل مع الحلفاء الذين قد يكونون مطلوبين لمساعدة وعمليات مكافحة الارهاب. (FID)الولايات المتحدة في تعويض نقص التزامها تجاه الدفاع الخارجي الداخلي تبعا لطبيعة الصراع التقليدي فإن هذا المسار قد يكون مرهقا جدا للجيش، لكنها لن تكون الحرب طويلة هى من يسبب هذا الإجهاد.
ز – صراع سني – شيعي مستمر:
إذا حاولت الولايات المتحدة استغلال هذا الصراع كي لا تضطر إلى مواجهة عالم إسلامي موحد(ربما ستكون هذه الاستراتيجية غير حكيمة)، فلن يكون للجيش أي دور يذكر، باستثناء بعثات الدفاع الخارجي الداخلي لتدريب قوات الأمن في الدولة المضيفة بجانب إضافة مجموعة من المستشارين، إلا أنه من الممكن أن تتولى وكالات أخرى هذا العمل. كما أن الولايات المتحدة قد تسعى إلى إنهاء الصراع من خلال عمليات حفظ السلام.
وهناك خيار ثالث وهو أن تنحاز أمريكا لأحد الجانبين في الصراع، غالبا بأن تقوم بدعم الحكومات السنيةالمتسلطة ضد عداء إيران المستمر.
سيحدد مستوى التدخل الأمريكي نوعية عمليات الجيش، والتي قد تطلب في حالة الحد الأقصى أن يزيد الجيش من عدد القوات ويوفر الدعم اللوجستي وغيرها من أنواع المساعدة أو التدخل المباشر في الصراع الذي قد يكون شبيًه ا جزئيا بحرب العصابات وجزئيا بالحرب التقليدية. أما في حالة الحد الأدنى، فإن الجيش الأمريكي سيستدعي أنظمة الضربات الموجهة السريعة، وسيحتاج إلى تحقيق التوازن بين العمليات الهجومية والحملات المعلوماتية.
ح – حركات تمرد متكررة / عدم الاستقرار:
إذا اختارت الولايات المتحدة أن تواجه عددا كبيرا من حركات التمرد، فإن الجيش قد يزداد من حيث أعداد (PSYOPS) والعمليات النفسية ( CA ) و قوات الشؤون المدنية ( SF) أفراد قواته الخاصة مثل القوات الخاصة. وكلما ازدادت الأعداد فقد تصبح مكافحة التمرد هي العمل الرئيسي للجيش وفي مثل هذه الحالة قد يفكر الجيش في إعادة هيكلته بصورة كبيرة ليركز قواته على مكافحة حركات التم رد بدلا من عمليات القتال الكبرى، حيث أن القدرات المطلوبة لمكافحة التمرد تختلف عن تلك المطلوبة للحرب التقليدية، وسيتطلب من الجيش أن يغير بعض تدريباته ومعداته. ستحتاج الولايات المتحدة أيضا إلى إعادة بناء البنية التحتية الخارجية والتي تضررت أثناء الصراع وقد جرت العادة أن تضطلع جهات غير الجيش بهذا الدور، ولكن غالبا ما يقوم الجيش به (عمليات البناء).
ملاحظات عريضة:
بالنظر في آثار المسارات المقترحة على الولايات المتحدة، فإننا نستنتج عددا من الملاحظات العريضة.
oمن الضروري أن يقوم الجيش بوضع وتحديد أهداف مناسبة لأي اشتباكات متعلقة بالحرب الطويلة حيث يلتقي (الحكم، والإرهاب، والأيديولوجيا)
oيجب على الجيش التخطيط والاستعداد للمشاركة في جميع جوانب نظرية الإرهاب والحكم والأيديولوجيا.
oيجب على الجيش أن يحرص على مجموعة من البعثات تسمح له بإحداث تأثير استباقي على جميع عناصر نظرية الحكم والإرهاب والأيديولوجية.
oسيتم إجراء هذه البرامج كجزء من نهج مشترك بين الوكالات لمعالجة الوضع، وقد تكون هذه البرامج بعيدة كل البعد عن أي قتال حربي.
oينبغي على الجيش أن ينظر في صدق الفرضية القائلة أن عمليات القتال الكبرى ستكون أكثر القضايا إلحاحا على المدى الطويل والمتوسط.
oيجب على القوات المسلحة – وبشكل أكثر تحديدا الجيش – أن يخطط للمشاركة المحتملة في عمليات تحقيق الاستقرار المتوسطة وواسعة النطاق بالإضافة إلى المشاركة في عمليات بناء الدولة.
oينبغي على الجيش أن يستمر في تحديد وتبني القدرات اللازمة لمواصلة الحرب الطويلة.