“جامعة الدول العربية” غربية بثياب عربية !
عمران نت/ 22 إبريل 2018م
وكما كان متوقعاً أتت القمّة العربيّة الهاربة من عاصمتها الرياض إلى مدينة الظهران من الصواريخ اليمنية البالستية مخيّبة للآمال العربية، حيث يجمع العرب وخصوصاً الفلسطينيون أنّ لرؤسائهم سياستان، الأولى، يضعونك في حُجر ويقولون لك لا تستلم، والثانية، يرمونك في بئر ويقولون لك استسلم، وهم يعلمون جيداً أن القمّة التي حملت اسمَ القدس لن تقدّم شيئاً للقدس وفلسطين، وأنّ الملايين التي قررت الرياض وضعها لدعم السلطة الفلسطينية ليست سوى محاولة لتأجيلِ حالة الانفجار الفلسطينيّ في وجه مساعي ابن سلمان وترامب في تحقيق صَفقة القَرن، وبعض الدول العربية التي تمدّ خنجرها من الخلف وتبتسم للفلسطينيين من الأمام.
جامعة الدول العربية هي منظمة إقليمية أقامتها بعض الدول العربية البارزة مثل مصر والجزائر والسعودية من أجل تعزيز وتنسيق التعاون فيما بينها لتحقيق المصالح العربية في مختلف التطورات الإقليمية، وخاصة في موقفها الرسمي من قضية احتلال الكيان الإسرائيلي لفلسطين وطرد أبنائها منها.
وفي العقود الأخيرة، اتبعت جامعة الدول العربية أساليب مختلفة في تعاطيها مع المسائل والقضايا العربية الداخلية، فضلاً عن تعاطيها مع القوى العالمية، ففي زمان جمال عبد الناصر ظهرت مصر كقائد للعالم العربي، وتحت شعار محاربة الاحتلال الصهيوني ومؤيديه، سعى عبد الناصر إلى جمع الدول العربية تحت راية واحدة من أجل تحرير فلسطين، إلا أنه بعد ذهاب عبد الناصر ومع قدوم أنور السادات عام 1970، وتوجّه القاهرة نحو الغرب، والرحلة التي قام بها السادات إلى الأراضي المحتلة، كل ذلك أدّى إلى فتح الباب للتطبيع العربي مع الكيان الإسرائيلي، وتم طرد مصر من الجامعة العربية بسبب قيامها بذلك.
وحاولت بعض الدول في الجامعة العربية، مثل سوريا والعراق والجزائر والعديد من البلدان الأخرى، إنشاء جبهة مقاومة عربية في وجه كل من تسوّل له نفسه التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وكانت هذه الدول من أبرز الدول التي وقفت في وجه علاقات مصر مع الكيان الإسرائيلي.
وبعد انتصار الثورة الإسلامية وبدء الحرب العراقية الإيرانية التي دامت 8 سنوات، شهدنا مرة أخرى انشقاقات ومواقف مختلف بين أعضاء الجامعة العربية تجاه الحرب المفروضة على إيران، في ذلك الوقت، عادت مصر إلى جامعة الدول العربية في عهد حسني مبارك ووقفت مع الدول الخليجية، مثل السعودية والأردن، إلى جانب العراق عبر تقديمهم الدعم المالي والعسكري للقوات العراقية في محاولة لكسر ميزان القوى لمصلحة العراق.
وعلى الطرف المقابل، اتخذت بلدان عربية أخرى، مثل سوريا والجزائر، مواقف داعمة للجمهورية الإسلامية في إيران، لذلك، يمكن القول إن الجامعة العربية، بسبب الاختلافات السياسية فيما بينها، فشلت في تحقيق الأهداف والغايات الرئيسية لمؤسسي هذه الجامعة المتمثلة بتعزيز وتنسيق التعاون فيما بينها لتحقيق المصالح العربية والإسلامية في مواجهة الكيان الصهيوني واعتداءات الغرب.
ويقول محللون إن السبب في ذلك يعود إلى أن معظم أعضاء الجامعة العربية يعتمدون سياسياً وعسكرياً واقتصادياً على الغرب، فهم منفذون للسياسة الغربية في المنطقة، وكمثال على هذه الحالة يمكننا أن نقول بأن السعودية بعد تراجع كل من مصر والعراق في الساحة العربية، تحاول اليوم قيادة العالم العربي في محاولة منها للاستفادة من قدرات الغرب في مواجهة إيران وتنفيذاً لرغبات أمريكا وإسرائيل في المنطقة.
لذلك، وفي الاجتماع الأخير للجامعة العربية في الظهران في السعودية، عملت الرياض فيه جاهدة التركيز على دعم العدوان الثلاثي الذي نفذته كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا على سوريا بدلاً من معالجة القضايا الرئيسية التي تواجه العالم الإسلامي، وخاصة القضية الفلسطينية، واعتراف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، كما كررت السعودية موضوع النفوذ الإيراني في الداخل العربي، وتأثيره على الأمن القومي العربي داعية الدول العربية إلى الاتحاد من أجل مواجهته. وبينما كانت بعض هذه الدول، مثل قطر، غائبة في القمة الأخيرة، رفضت دول مثل العراق ولبنان البيان الختامي للقمة العربية باتهام إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وكما هو ملاحظ، إن السعودية تسعى في ظل غياب الوجود المثمر للقوى المهمة في الجامعة العربية، مثل مصر والعراق، ومن خلال شراء السلاح من الشركات الأمريكية، إلى، أولاً- تثبيت الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة. ثانياً- بذل جهود كبيرة في سبيل تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي.
صحيح أن الرياض أعلنت استعدادها لتحقيق السلام مع تل أبيب، لكن يبدو أن آراء الدول العربية حول موضوع الكيان الاسرائيلي وكيفية إقامة العلاقات معه تختلف كثيراً عن وجهة النظر السعودية، ومن هذا المنطلق يمكننا القول إن هناك فجوة تاريخية في الجامعة العربية فيما يتعلق باحتلال هذا الكيان للأرض الفلسطينية، وحول طبيعة العلاقات المستقبلية معه، ومن جهة أخرى هناك خلافات أيضاً حول تنظيم العلاقات مع الجمهورية الإسلامية في إيران.
ختاماً، الأمر المحزن في كل ذلك هو أن السعودية تقوم بجرّ بعض الدول العربية بقوتها المالية إلى توثيق علاقتهم مع اللوبي الصهيوني والبيت الأبيض، في محاولة لإيهام العالم بأنها دولة رائدة في إحلال السلام والأمن في المنطقة، وبغض النظر عن عدد قليل من الدول العربية، فإن معظم دول الخليج وشمال إفريقيا تتوافق مع الأهداف الطموحة للرياض، وكما يقول الشاعر “أوَ ليس َ عاراً أن ْ تُسمى قمةً.. وجميع ُ مَن ْ فيها مِن َ الأقزام ِ؟ هي َ قمة ٌ.. أو نُكتة ٌ رُوّادها، خُشُب ٌ مُسَنَّدة ٌ، فسيسْمع ُ الجمهور ُ جعجعة ً بلا طَحْن ٍ . ويَحضُر ُحفلة َ استِزلام، ومَع َ النهاية ِ يخرج ُ العَرّاب ُ يقرأ للعدو ِّ وثيقة َ استسلام ِ”.