عام جديد… ونصرٌ أكيد
عامٌ كاملٌ من عمر العدوان على يمن الحكمة والإيْمَان والذي قد يكون لخّصهُ آخرُ شهر فيه، شهر الثاني عشر من 2017 م والذي من كثرة ما حصل فيه لم نعد نعرفُ هل كان الشهر الثاني عشر أم أنه كان اثني عشر شهراً في شهر؟
شهر ديسمبر من العام الذي انقضى قبل يوم سيخلد في ذاكرة كُلّ يمني ولن يُمحى ولن ينسى مهما تعاقبت الأعوام شأنه شأن كُلّ أيام وأشهر العدوان بيد أنه أكثر من غيره حصلت فيه وقائع وأحداث مفصلية كان لها دورها المهم وأثرها البالغ في تغيير المجريات على المدى القريب والبعيد، وَلعلَّ أبرزها وأهمها هو إسقاط آخر أوراق العدوان وأخطرها وأهمها وأكبرها لديه من كان يراهن عليها رهاناً كبيراً يفوق كُلّ الوصف والتصورات في إسقاط اليمن بأكمله واحتلاله وامتهان شعبه وإذلاله وهو ما لم يستطع هذا العدوان الغاشم تحقيقه بفضل الله وثبات شعب اليمن وتضحيات رجاله خلال ألف يوم من العدوان رغم كُلّ إمْكَانياته وعدوانه وحصاره وتواطأ العالم بأجمعه معه وقد تمثلت في ورقة ميليشيات الغدر والخيانة والتي كان في سرعة إنهائها والقضاء عليها في زمن قياسي وخيالي عبرة لأولي الألباب لكي يعلم القاصي والداني في عالم الآلة والماديات الذي نعيش فيه أن هناك قوةً أُخْـرَى تقاتل في هذه الحرب الكونية على اليمن وأنها أكبر من أمريكا وكل من تحالف معها أَوْ انضوى تحت لوائها وهي قوة الله التي لا تقهر.
وبعد 1000 يوم من العدوان الذي كان قد أعلن في بداية أيامه عن تحقيق أهدافه والتي كان من أهمها وعلى رأسها تدمير الصواريخ ومنصات الصواريخ التي لم يكن يعرف أنها صدور الرجال وسواعدهم شاهدنا في ذات الشهر القوة الصاروخية اليمنية تضرب بصواريخ قاصمة ومزلزلة مواقعَ حساسةً في عواصم العدو المتمثلة في الرياض وأبو ظبي.
تطورت الأحداث بعد ذلك سِراعاً، فكان أن فقد هذا العدوان المتغطرس الجبان ما بقي له من صواب نتيجة الصفعة القوية التي تلقاها من اليمن قيادةً وشعباً وتأريخاً وجيشاً ولجاناً، والمتمثلة في إسقاط آخر أوراقه ورهاناته ليوغل أكثر في دماء هذا الشعب عن طريق ارتكاب مجازر إبادة جماعية في كُلّ يوم وفي مناطق متفرقة وبكل وحشيةٍ وجُرأة لم يسبق لها مثيل في تأريخ الإنْسَان.
وبكل غباء تناسى أن اليمن مقبرةُ الغزاة وأرضُ الإباء والعزة، وأنه لعشرات ومئات المرات تم سحقُه بكل جحافله وأوهامه تحت أقدام رجالها العظماء الأباة، جمع العدوان كيده وتآمره علّه يحفظ شيئاً من ماء وجهه بعد الإهانات والهزائم التي يتلقاها أمام العالم أجمع طيلة عمر العدوان، ومحاولاً أن يحقق ولو نصراً يتيماً بعد مرور أكثر من 1000 يوم منه، وعلى الرغم من أنه حشد لذلك كُلّ ما استطاع من عدة وعتاد كالمعتاد وراهَن بكل ثقله، وكان الهدف هذه المرة هو معركة الساحل الغربي “الخوخة”، فكانت النتائج كالعادة لا يحمد عقباها في ملحمة أسطورية سطرها أبطال الجيش واللجان الشعبية والقبائل الأحرار في معجزة تضاف إلى معجزاتهم وبطولاتهم التأريخية والتي قالوا لهم فيها إنْ كانت “صنعاء” بعيدة فإنَّ “الحديدة” أبعد، وقد عكسوا فيها قواعد اللعبة وقلبوا الطاولة على الغزاة والمرتزقة وعملوا فيهم وفي ترساناتهم العسكرية العملاقة مجازر بالجملة وأحالوها إلى أرض محروقة على البغاة والمعتدين وآلياتهم التي تصرف عليها الملايين، لكنها كانت نصراً حاسماً وبردا وسلاما على العظماء من المجاهدين ف-سَلَامُ اللهِ عَلَـيْهِ-م في كُلّ وقت وحين.
وهكذا تختم فصول عام 2017 م لا جديدَ فيه سوى المزيد من الجرائم التي لم ولن تمحى مع التقادم، والهزائم المدوية والخزي والعار الذي سيظل يلاحق أولئك البغاة الحمقى وكل من سكت عنهم أَوْ تواطأ معهم طيلة أيام حياتهم وحتى بعد مماتهم، ليبدأوا عامَهم الجديد بالهزائم وحتى الشتائم من أبناء شعوبهم الذين أهلكوا مقدرات وخيرات بلدانهم وهم يستخدمونها في ارتكاب الجرائم بحق الأبرياء من أخوتهم وأبناء ملتهم ويقدمونها قرابينَ بين يدي الملوك والرؤساء أمثال ترامب وغيره من الأدعياء ليُفيقوا على ارتفاع كامل في النفط ومشتقاته، وهم من المفترض بهم أن يكونوا به أثرى الأثرياء!
وفي الجانب الآخر وفي البلد المنكوب المحاصر نجد أن هناك تنامياً كبيراً في الثبات وتعزيز للصمود والتلاحم في مختلف الجوانب والجبهات منها سواء كانت اجتماعية أم سياسية أم عسكرية، وتنامياً أكبر في قوة الردع وهذا يعني تدشين لمرحلة جديدة ومنعطف جديد سيكون فيه تصاعد قوي وكبير في المواجهة، وذلك من خلال رفد أكبر لجميع الجبهات بالمال والسلاح والرجال، وتلاحم أكبر بين أبناء الشعب الواحد سواء من خلال الإصلاحات السياسية والتي قد بدأت بشكل فعلي وأَيْضاً من خلال زيادة التكاتف والتلاحم والتراحم بين أبناء الشعب اليمني العظيم الذي يخوض معركة التحرر والاستقلال الكبرى وقد أَصْبَح بثباته وصموده وصبره وبذله من النصر قاب قوسين أَوْ أدنى، والأهم من ذلك هو التصعيد في قوة الردع كما ذكرنا والتي قد تشهد دخول سلاح الجو والطيران في المعركة، وقد رأينا كيف فعل بهم المقاتلُ اليمني الشرس الأشعث الأغبر حافي القدمين وهو يسيرُ فكيف به عندما يطير؟
والأهم من ذلك أَيْضاً أن القوة الصاروخية لن تسكُتَ على مزيدٍ من الحصار أَوْ الجرائم وستكون هناك ضرباتٌ قوية وموجعة ستصل إلى عقر دار هذا العدو الأحمق المتغطرس الذي رمى به غرورُه وأربابُه إلى حافة الهاوية، فهل سيعملون على استنقاذه منها؛ لأنهم لا يزالون يرون فيه أداتهم المرجوة في تحقيق خططهم ومشاريعهم في المنطقة؟
إذاً وأمام المعطيات السابقة، فلم تعد هناك الكثير من السيناريوهات المتوقعة أمام هذا العدوان، لذلك نستطيعُ أن نجزمَ بفضل الله وبمزيد من الثبات والتلاحم والصمود والتصعيد من قبل هذا الشعب ورجاله العظماء أن هذا العام “2018م” سيكون عامَ الحسم والنصر المؤزر بإذن الله.
فبعد أن استخدم العدوان جُلَّ أوراقه التي باءت كلها بالفشل، ليس أمامه إلا:
1_الاستمرار في ارتكاب الجرائم أثبت أنه لن يجديَ نفعاً في إركاع الشعب اليمني أَوْ إخضاعه، كما أنهم لن يستطيعوا الاستمرارَ إلى ما لا نهاية في ارتكابها، إضافة إلى أنهم سيحاسبون عليها جَميعاً، وأول من سيحاسبهم عليها هم مَن أعطوهم الضوء الأخضر في ارتكابها، إضافة إلى أصحاب الثأر الحقيقيين الذين من المستحيل أن ينسَوا ثأرهم أَوْ يتنازلوا ولو عن قطرة دم يمنية واحدة.
2_ليس أمامهم وهو الخيار الأقرب والأنسب إن لم يجدوا أنه الأوحد سوى الرضوخ إلى المفاوضات السياسية، وهو اعتراف ضمني بالفشل الذي يكابرون حتى لا يعترفوا به، على الرغم من أن العالم بأجمعه بات يعرفُ عن فشلهم وخسارتهم، حيث أن الفشل له تبعاته وفضائحهم أَصْبَحت بجلاجل، فلا شيء حققوه طيلة فترة العدوان سوى انكشاف سوءاتهم وظهور وجههم الحقيقي القبيح أمام العالم كله من خلال جرائمهم البشعة في اليمن والتي يندى لها جبين الإنْسَانية، ولا يمكن أن تنسى مع التقادم، ناهيك عن الخسائر الفادحة والانهيار الاقتصادي؛ بسبب تكاليف العدوان والذي يمثل شرارة انهيار هذه الأنظمة الديكتاتورية العميلة من الداخل.
3_الاستمرار في الحصار جواً وبراً وبحراً، والاستمرار في الضغط بالتجويع، إضافة إلى كُلّ المشاكل المتفاقمة الناتجة عن الحصار سواءً بالنسبة للحالات المرضية الخطيرة أَوْ غيرها، وهو كما ذكرنا سابقاً لن يتم السكوتُ عنه وسيكون هناك تصعيد كبير في قوة الردع من قبل رجال الجيش واللجان الشعبية ستصل إلى عقر دارهم وكل مناطقهم الحيوية وهو ما لن يقدروا تحمله.
4_هناك تسريبات وتعالي أصوات من قبل هذه الأنظمة التي تكونت على حين غفلة من التأريخ (المهلكة والحمارات)، مما أدى إلى استنهاض أهل الحضارة والتأريخ وصانعيه ومشيديه عبر آلاف السنين في القدم إلى تعريف أولئك بحقيقتهم وإعَادَة الأمور إلى وضعها الطبيعي، حيث أن هذه الأدوات القذرة باتت تدرك حجم الورطة التي وقعت فيها والتي لم تعد ترى أملاً للخَلاص منها سوى الاعتراف بالهزيمة وهذا ما يتعارض مع كبرها وعنجهيتها؛ لذلك نجدها بدأت تستدعي وتسترجي أربابها من دون الله وعلى رأسهم الشيطان الأكبر أمريكا في التدخل العسكري المباشر من أجل إنهاء هذه الحرب التي طالت كَثيراً خلافَ ما كان مؤملاً لها عن طريق ما يسمونه بـ “مصيدة العقرب”.
ولكن كما أوضح الله في كتابه الكريم: (كمثلِ الشيطانِ إذ قال للإنْسَان اكفُر فلمَّا كفرَ قال إنِّي بريءٌ مِنك..).
وكما يقول المثل اليمني “من أشار عليك بالقتل ما ساعدك في الدية”.
والسؤال هنا: هل من الممكن أن نرى تدخلاً عسكرياً أمريكياً مباشراً في اليمن تحت غطاء الأمم المتحدة أَوْ بقرار من مجلس الأمن؟
كل المعطيات والمؤشرات تقول بأن هذا الأمر مستبعَد جداً، خَاصَّة في الوقت الراهن، ف مثلاً الإنزال الجوي (إن حصل إنزال جوي فهناك أسود منتظرة بارزة أنيابها لتنهش لحم الغزاة فإن وصل شيء منهم إلى البر فلن يكون إلا عظاماً ورفاتاً).
وعلى الرغم من ذلك فإنه في حالة الإنزال الجوي لا بد أن يتبعه زحفٌ عسكري بري كبير، والأمريكان الذين خسروا في الصومال وفي العراق وغيرهما من المناطق من المستبعَد جِــدًّا أن يكرروها في اليمن خَاصَّة، لأنهم جبناء ولأنهم يعرفون حقيقة اليمن وشعبه ويعرفون جيداً من هم رجال اليمن ويراقبون مجريات المعارك في جميع الجبهات عن كثب، ناهيك أن كُلّ ترسانتهم العسكرية الضخمة من مدرعات ومجنزرات وغيرها أَوْ ما يعرف بفخر الصناعة الأمريكية بكل هيلمانِها باءت بالفشل بل تحولت إلى أضحوكة ومسخرة على يد المقاتل اليمني الذي واجهها بالكلاشينكوف بل وأحرقها بما هو أقل من ذلك مثل “الولاعة”، وهذا يعني أن كُلَّ وسائلهم البرية المتطورة قد فشلت فشلاً ذريعاً، أما إن حاولوا ذلك على الرغم من أنه مستبعَدٌ كَثيراً، فلن يكون حالهم أفضل من حال آلياتهم.
أما لو تحدثنا عن التدخل عن طريق البوارج والطيران، فهذا ما هو حاصل فعلاً ومنذ أكثر من ألف يوم من العدوان، فقد جرّبوا الضرب من البوارج كما أن الاستهدافَ بالطيران أكثر دقة في إصابة الهدف وهو ما هو حاصل على مدار 24 ساعة منذ ما يقارب الثلاثة أعوام، ولكن دون فائدة ودون تحقيق أي هدف، وفي هذه الحالة يبقى الرضوخ إلى حل المفاوضات السياسية هو الأجدى بالنسبة لهم.
وفي الختام أقول بأن اليمني الذي عينُه وقلبُه وروحُه موجَّهة صوبَ قضيته الأساسية رغم كُلّ ما يحيط به من ظروف ومؤامرات وهي قضية الأقصى وفلسطين من المستحيل أن يتركَ ولو موضعَ قدم واحدة محتلة من بلده وخَاصَّة في المناطق الجنوبية، وأن المسألة مسألة وقت فقط، وصدق الله العظيم القائل “وكان حقَّاً علينا نصرُ المؤمنين”.