أثبتت الأحداث عبر التاريخ أن التربية الإيمانية لا تكون إلا في ظل أهل بيت رسول الله وعلى أيديهم
عمران نت/ 15 ديسمبر 2017م
من هدى القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
بالأمس كان حديثنا حول (دعاء مكارم الأخلاق) للإ مام زين العابدين عليه السلام الذي قال فيه: ((اللهم صل على محمد وعلي آ له وبلغ بإيماني أكمل الايمان) وتحدثنا كثيراً حول هذه النقطة بالذات، وأن من كمال الإيمان الوعي والبصيرة، وأن كمال الإيمان يحتاج إلى هداية من الله سبحانه وتعالى، يهدي هو.
عندما تعود إلى كتابه الكريم يهديك هو إلى المقامات التي من خلالها تحصل على كمال الإيمان، يهديك إلى من يمكن أن تحصل بواسطتهم على كمال الإيمان، وفيما يتعلق بهذا الموضوع الذي يحتاج إلى أن يكون هناك في الأمة من يعمل على تربية الأمة ليصل بها إلى كمال الإيمان، أو ليترقى بها في درجات كمال الإيمان.
الشيء الملاحظ في تاريخ الأمة أن كل أولئك الذين حكموا المسلمين بدءاً من أبي بكر، أولئك الذين حكموا المسلمين – من غير الإمام علي عليه السلام ومن غير أهل البيت, ومن كانوا في حكمهم أيضا – خارجين عن مقتضى الإيمان، هم من أضاعوا إيمان الأمة، بينما نجد أهل البيت (عليهم السلام) كالإمام علي عليه السلام ومن بعده من أئمة أهل البيت هم من عملوا على تربية الأمة تلك التربية التي ترقى بها في درجات كمال الإيمان.
فالذي اتضح جليا أن الكثير من حكام المسلمين بما فيهم حكام هذا العصر لا يمكن -بواسطتهم ومن خلالهم – أن يقوموا بتربية الأمة تربية إيمانية تترقى بهم في درجات كمال الإيمان، ونحن نجد أنفسنا، وكل واحد منكم شاهد على ذلك، بل ربما كل مواطن عربي في أي منطقة في البلاد العربية شاهد على ذلك: أن الناس متى ما انطلقوا ليربوا أنفسهم تربية إيمانية من خلال القرآن الكريم بما في ذلك الحديث عن الجهاد في سبيل الله، وعن مباينة أعداء الله، وعن إعداد أنفسهم للوقوف في وجوه أعداء الله فإنهم كلهم يحسون بخوف من سلاطينهم ومن زعمائهم.
أليس الجهاد في سبيل الله هو سنام الإسلام كما قال الإمام علي عليه السلام؟ أليس الجهاد في سبيل الله شرطا أساسيا من شروط كمال الإيمان؟ هذا هو ما أضاعه سلاطين المسلمين في هذا العصر، وإلغاؤه هو ما كان ضمن مواثيق [منظمة المؤتمر الإسلامي] ألا يكون هناك حديث عن الجهاد، وهم من استبدلوا بكلمة (جهاد) كلمة: نضال، ومناضل، ومقاومة، وانتفاضة، وعناوين أخرى من هذه المفردات التي تساعد على إلغاء كلمة (الجهاد) التي هي كلمة قرآنية، كلمة إسلامية.
أي انسان يمكنه أن يقول: أن بإمكانه أن يكون مؤمنا دون أن يكون إيمانه على أساس مواصفات المؤمنين في القرآن الكريم؟ لا يستطيع أحد أن يدعي ذلك.
إذاً فهل هؤلاء يسعون إلى أن يربوا الأمة تربية إيمانية؟ لا. التربية الإيمانية لا تكون إلا في ظل أهل بيت رسول الله، لا تكون إلا على يد أهل بيت رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) هذا ما شهد به التاريخ، وارجعوا أنتم إلى التاريخ كله بدءاً من يوم [السقيفة] إلى الآن، هؤلاء هم من لا يريدون للناس أن يتحدثوا عن الجهاد في سبيل الله، وعن الإنفاق في سبيل الله.
ألم نكن نسمع أنهم يسخطون إذا أحد أنفق في التعاون لمدارس علمية؟ ألم نكن نسمع أنهم يعملون دعاية على أن هناك علماء يستلمون الزكاة، فيصرفونها في مدارس علمية فيسخطهم ذلك، وينطلقون في عداء شديد لأولئك العلماء، بينما هم يعلمون علم اليقين أن هناك [مشا يخ] آخرين يأكلون الزكاة، يأكل بعضهم زكاة أصحابه، يستلمها ويأكلها فلا يزعجهم ذلك، ولا يتكلمون بكلمة واحدة ضده؛ لأن القضية لديهم ليست قضية زكاة، المشكلة هي أن هذا أو ذاك من العلماء قد يستلم الزكاة، هذا هو الذ ي يخيفهم. لو كان يشتري بها [الكباش] وكل يوم يأكل هو ومن يفد عليه أكثر من كبش لما آلمهم ذلك، لكن خوفهم من أن تمول مدارس علمية دينية تعلم الناس دين الله، تعلم الشباب دين الله، تعلم أبناءنا القرآن الكريم، هذا هو الذي يزعجهم.
هل نحن نسمع التربية الإيمانية من التلفزيون أو من الإذاعة؟ لا نسمع شيئا، ليس هناك تربية إيمانية، وإذا تحدثوا عن جوانب معينة كانت من تلك المجالات التي ليس للجهاد فيها أي نصيب، وكأننا أمة ليس لنا أعداء، وكأننا ليس لنا أعداء يملكون أفتك الأسلحة المتطورة: إسرائيل، أمريكا، بريطانيا، وغيرها من دول اليهود والنصارى، من دول الكفر.
الامة في هذه المرحلة أحوج ما تكون إلى تربية إسلامية، أو ليس حكام المسلمين يعلمون أنه من بعد حادث البرجين في نيويورك، حادث [الحادي عشر من سبتمبر] حصلت ثورة داخل المواطنين في أمريكا فقتلوا مجاميع من المسلمين بما فيهم يمنيين، وسجن الكثير، ولا يزال سجناء يمنيون إلى الآن؟ انطلقوا أولئك الأمريكيون في الشوارع بسخط ضد المسلمين، وحصلت أحداث مرعبة ضد المسلمين في أمريكا، وضد المسلمين في بريطانيا، وفي بلدان كثيرة، لكن المسلمين هنا في داخل أوطانهم لا ينزعجون لما يحصل في فلسطين، ولا لما يحصل في أفغانستان، ولا لما يحصل في كشمير، ولا لما يحصل في لبنان، ولا لما يحصل في أي منطقة أخرى،
أعصاب باردة؛ لأنه ليس هناك من يربيهم تربية إيمانية، وإلا فهم يفهمون أن بالإمكان أن يربوا الأمة تربية إيمانية، وهم يفهمون أن الأمة أحوج ما تكون إلى تربية جهادية في هذه المرحلة من تاريخها بالذات لكن لا يمكن هذا على أيديهم، لا يمكن، ولا يتأتى على أيديهم أبداً؛ لأنه هو يخاف من الشعب إذا انطلق ليربيه تربية إيمانية، هو يخاف، هو يعرف نفسه، ويعرف ماذا يعني الإيمان، ويعرف كم بينه وبين الإيمان من مراحل.
لكن أهل البيت في تاريخهم الطويل، كان الإمام الذي يحكم هو من يسطر بيده وجوب الثورة عليه فيما إذا ظلم، وجوب الخروج عليه فيما إذا انحرف عن المسيرة العادلة، كان الإمام الهادي عليه السلام يبايع الناس على ((أن تطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم، بل يجب عليكم أن تقاتلوني)).
والأصل معروف في المذهب الز يدي [الخروج على الظالم] من الذي توارثه جيلاً بعد جيل؟ من الذي كتبه بيده؟ هم الأئمة الذين حكموا، هم الذين كانوا يرون أن القضية ليست قضية مرتبطة بالزيدية، هي قضية قرآنية، أنه يجب أن تربى الأمة تربية جهادية في كل مراحلها، وفي ظل أي دولة كانت، فكانوا هم من ينطلقون ليربوا الناس تربية جهادية، تربية إيمانية متكاملة،
هم لماذا؟ لأن هناك انسجاماً كاملاً بين أهل البيت والقرآن، انسجاماً كاملاً بين مواقف أهل البيت ومبادئهم والقرآن والإيمان، فهو يرى بل يتمنى وإن كان في موقع السلطة – أن ترقى الأمة إلى أعلى درجات الإيمان، هو لا يخاف، هو يعلم أن ما هو عليه، أن موقفه، أن كماله الذي هو عليه لا يتنافى مع الإيمان, هو مقتضى الإيمان فمما يخاف؟ بل يتمنى. ألم يكن الإمام علي عليه السلام هو من يصدع بتلك الخطب البليغة لتوجيه الأمة، وتربيتها تربية إيمانية؟ وكذلك من بعده الحسن والحسين وزيد والقاسم والهادي وغيرهم.
هذه نقطة ملحوظة، وكل طالب علم، وكل شخص ينبغي له أن يتعرف عليها: أنه لا يمكن أن تحصل تربية إيمانية للأمة إلا على يد أهل بيت رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) أما الآخرون فلا يمكن أن يحصل على أيديهم تربية ولا حتى أن يوجهونا للتربية الإيمانية، او يصرفوا أنظارنا إلى الآخرين إذا كانوا هم يخافون.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
(في ضلال دعاء مكارم الأخلاق – الدرس الثاني)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 2/2/2002م
اليمن – صعدة.