نص كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1439هـ
عمران نت/ 30 نوفمبر 2017م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم أرسله الله بالهدى ودين الحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا فبلغ رسالات الله وأقام الحجة وأوضح المحجة وهدا إلى الصراط المستقيم..
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وتحنن على محمد وعلى آل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وسلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وأرضى اللهم برضاك عن أصحابه الراشدين وأنصاره الصالحين وأتباعه الصادقين في كل عصر إلى يوم الدين.
أيها الأخوة والأخوات شعبنا اليمني المسلم العزيز أمتنا الإسلامية كافة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ونتقدم إليكم بأسماء التهاني وأجل التبريكات بحلول هذه الذكرى المجيدة والمناسبة المباركة، ذكرى مولد خاتم أنبياء الله وسيد رسل الله وخير عباد الله وأسمى وأزكى وأرقى وأكمل وأجل إنسان منذ خلق الله البشرية وإلى قيام الساعة الحجة الشاهد والبشير النذير والسراج المنير والمعلم الهادي والقدوة الأسوة والضياء الأسنى رائد النجاح والفلاح وقائد البشرية نحو الخير والصلاح ابتعثه الله رحمة للعالمين ومنقذا ومخلصا للمستضعفين سيدنا وولينا وقائدنا وقدوتنا وهادينا وحبيبنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين الذي بقدومه الميمون وبعثته المباركة فتح الله لعباده أبواب الرحمة بكلها وأنار لهم سبيل الرشد والفلاح والسعادة والكرامة وجلا بنوره الظلمات ودحر الأباطيل والضلالات ومهد للبشرية الطريق نحو خير وعز الدنيا والآخرة فمن استجاب وأناب أفلح واهتدى ورشد ونجى وكان من الفائزين ومن تنكب الطريق واتبع الأهواء وابتعد عن نهج الحق خاب وخسر خاب وكان من الخاسرين.
إن شعبنا العزيز يمن الإيمان وأحفاد الأنصار باحتفاله بهذه المناسبة يعبر عن هويته الإيمانية وعلاقته الوثيقة برسول الله نبي الرحمة والفلاح وعن محبته الصادقة وإعزازه وإعظامه لخاتم الأنبياء وسيد المرسلين وعن تقديره لنعمة الله تعالى بالرسول والرسالة والهداية كما كان ابتهاج وفرح أسلافه الأنصار بفضل الله جل شأنه عليهم يوم قدوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مهاجرا إليهم (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) اليوم يجتمع شعبنا هذا الاجتماع المهيب الحاشد العظيم من كافة أرجاء البلد برغم حجم المعاناة وصعوبة النقل وشدة الحصار وما ألحقه العدوان الأمريكي السعودي من أضرار شاملة بالبلد وبالرغم من الحرب الإعلامية التضليلية الغير مسبوقة إلا أن ذلك بكله لم يثني شعبنا عن هذا الحضور الكبير والاحتفاء من كل مناطقه الحرة بما يليق بعظمة هذه المناسبة ليقول للعالم أجمع أن دافعه في تفاعله العظيم مع هذه المناسبة دافع إيماني وأنه قد عمق هويته الإيمانية بدمائه الزكية وتضحياته العظيمة وليقول لكل طغاة الأرض ومجرمي العالم بأنه شعب يقدس حريته لأنها جزء من إيمانه ويأبى الخنوع لكل المستكبرين لأنه يستلهم صموده وثباته من أعظم قائد عرفه التاريخ وأقدس معلم وقدوة للبشرية رسول الله وخاتم أنبيائه محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله، شعبنا اليوم يقول لأعدائه المستكبرين إن إرادتنا لن تنكسر وان صبرنا لن ينتهي وإن ثباتنا لا تراجع فيه لأن مصدره هذا الإيمان فنحن شعب قدوتنا وأسوتنا هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنهجنا وثقافتنا هو القرآن ونستمد صبرنا من هذا المعين الذي لا ينضب واعتمادنا هو على الله تعالى وهو خير الناصرين.
أيها الأخوة والأخوات الحاضرون جميعا إني أحييكم وأرحب بكم وأحيي فيكم هذا الروح العالية وهذا التفاعل الكبير وهذه الحيوية التي تقدم صورة عظيمة عن شعبنا الصامد الحي المعتز بعزة الإيمان والذي تعجز كل قوى الشر والطاغوت والإستكبار من إماتة حيويته وكسر إرادته وإذلاله وقهره.. فهو شعب لن يهون ولن يستكين ومهما كان حجم العدوان ومستوى التضحيات فهو ذلك الشعب الصامد والشامخ والحي حاضر وبقوة في كل مكان يستدعي الحضور في الجبهات وفي الساحات وفي المناسبات كهذه المناسبة المباركة التي يستلهم منها أعظم الدروس ويستنير منها بنور السراج المنير، يعبر عن وفائه وعرفانه وتقديره لخاتم الأنبياء.
شعبنا العزيز يا أمتنا الإسلامية إن هذه المناسبة المباركة فرصة مهمة لمراجعة وتقييم واقع أمتنا الإسلامية في مرحلة من أهم وأخطر المراحل التي تعاني فيها من انقسامات حادة وصراعات عنيفة ومشاكل كبيرة ليكون منطلقنا جميعا في هذه المراجعة والتقييم إعادة تصويب مسار الأمة التي بقدر ما ينحرف بقدر ما تتداعى التبعات الكبيرة لذلك الانحراف في واقع الأمة ويلحق بها خسائر كبيرة تدفع الأمة الثمن من قيمها وأخلاقها وتتراجع عن مبادئها وينعكس ذلك على كل شئون حياتها ويجب أن يكون الأساس لهذا التصويب هو تعزيز الهوية الإسلامية بمفاهيمها الصحيحة من نحن وماهي قيمنا ومبادئنا وماهو مشروعنا كأمة وماهي معالم هذا المشروع ومن هو المعلم والملهم والقدوة والقائد الذي يجب أن نستحضره بقوة إلى حاضرنا وواقعنا الذي هو بلا شك بموجب هويتنا الإيمانية وانتماءنا الإسلامي رسول الله محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.
إن واقع الأمة اليوم متأثر إما بالانحراف الكبير أو التقصير الكبير وكلاهما نتاجهما وأثرهما سلبي على الكثير من أبناء الأمة الذين لم يتحرجوا أبدا أن يتحركوا اليوم في الوقت الذي هم ينتمون إلى الإسلام تحت الراية الأمريكية والإسرائيلية راية الطاغوت والاستكبار راية الظلم والعدوان راية الفساد والإجرام وحملوا لواء النفاق والفتنة في داخل الأمة ليقدموا للإسلام وللعروبة شكلا نفاقيا يدجن الأمة لأعدائها الحقيقيين الطامعين وهذا المستوى من الانحراف المفضوح المكشوف الواضح يستقطب إلى جانبه من كل فئات الأمة كما أن البعض أيضا لم يتحرجوا أن يصمتوا وأن يقعدوا وأن يداهنوا وأن يتنصلوا عن المسئولية في مرحلة نكبت فيها الأمة وتعاظمت فيها المحنة وكبرت فيها المظلمة وتجلت فيها الحقيقة وكأننا أمة ننتمي إلى دين مبادئه وقيمه وأخلاقه ورمزه وقدوته تسمح بالتجند في صف الطاغوت أو تقبل بالظلم وتتغاضى عن الجريمة والعدوان وليس الدين الذي يقوم على القسط والعدل والحق والدين الذي هو مسئولية وكلما فيه يعزز هذه المسئولية مبادئه وقيمه وأخلاقه وتعاليمه كما أنه يقدم أعظم وأرقى قدوة في تحمل المسئولية والنهوض بها والتحرك بها الذي هو رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله والمرتكزات الأساسية لهويتنا وانتماءنا واحد منها وأهمها هو الإيمان الصادق برسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله إيمان التصديق والولاء إيمان المحبة والاهتداء إيمان الاتباع والاقتداء إيمان من يستشعرون عظمته ويعرفون قدره ويدركون نعمة الله علينا به.
لقد كان العالم بأسرة في كل أنحاء المعمورة في واقع مظلم وكل الكيانات والقوى والزعامات القائمة آنذاك متماهية مع ذلك الواقع فالشرك والباطل قد عم والظلام ادلهم وأعتم وباتت البشرية أسيرة الشقاء والضياع لا هدف في الحياة لها ولا غاية فلاح تسير إليها (وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ) الواقع العربي والعالمي يرزح آنذاك تحت وطأة الجاهلية بظلامها الدامس ورجسها النجس ويتجه نحو التفاقم ازديادا من الشر وانتقاصا من الخير وتلاشيا للأخلاق دون الالتفاته الجادة لخطورة ماهم فيه وسوء ماهم عليه وكانت الأجيال ستواصل توغلها في تلك المتاهة الظلماء بدون منقذ رباني يأتيها بالنور ويأخذ بيدها نحو الصراط المستقيم وصدق الله القائل في كتابه الكريم (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) فلولا هذا الرسول الذي أنعم الله به أتى من الله بذلك الهدى القيم من الصحف المطهرة كتاب الله الكريم لكانت الجاهلية استمرت وتعاظمت سوءا وجهلا وباطلا وظلاما وفسادا وإجراما ومنكرا وطغيانا إلى حد يفوق الخيال ولا يخطر ببال ولكنا فقدنا كل أثر لإنسانيتنا وبشريتنا وهبطنا دون مستوي الحيوانات لكانت الأصنام الحجرية والخشبية والبشرية في هذا الزمان هي وجهة عبادتنا ولكانت الأوثان مؤلهة بيننا ولكانت أرجاس الجاهلية ومفاسدها وخبثها وفحشها وفوضويتها السلوكية هي المسيطرة علينا.
إننا يا أمتنا الإسلامية حينما نشاهد المستوى البئيس والمؤلم اليوم لأمتنا وهذا بعد أن كان الله استنقذنا بنبيه بعدما كان قد غير الواقع الجاهلي أولا نتصور كيف لو لم يكن هذا النبي وهذا الدين وذلك التغيير العظيم قد أتى في واقع الأمة وكيغف لو امتدت بها جاهليتها الأولى دون انقطاع لكانت في وضع خرجت فيه عن طور الإنسانية تماما ولكنا قطيعا من الحيوان المتوحش الضائع في الغابات القاحلة فما أعظم نعمة الله علينا ولطفه حين استنقذنا من مصير نهايته الحتمية جهنم وهيأ لنا سبيل الخير والنجاة الذي يوصلنا إن سرنا عليه والتزمنا به جنته ورضوانه في الآخرة ويسمو به ونسعد به في الحياة الدنيا.
إن العنوان العظيم للرسالة والرسول هو الرحمة قال الله سبحانه وتعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) وهذه الرحمة ينعم بها الإنسان إذا هو قبلها وتفاعل معها واستجاب لها، القرآن الكريم بهديه العظيم وتعليماته النافعة رحمة للإنسان ورحمة للمجتمع الذي يهتدي به فيما يصنعه من أثر عظيم في نفس الإنسان سموا وزكاءً وطهرا يخلص النفس البشرية من الأثر السيئ للضلال الذي يشقيها ويعذبها ويحولها إلى نفس شريرة حقودة مشحونة دنيئة خسيسة منحطة تحمل نزعة الشر والإجرام وتفقد الشعور الإنساني الفطري الرحيم والمحب للخير والتواق لمكارم الأخلاق والعطوفة بالرحمة وحينها يتحول الإنسان إلى مجرم في سلوكه وظالم في معاملته ومنحط في نفسيته ودنيء يفرط في شرف نفسه زيزقعها في الفاحشة والمنكر وإن القرآن الكريم الوثيقة الإلهية المتضمنة للرسالة الذي أتى به وتحرك به وهدى واهتدى به خاتم الأنبياء رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم أرسى للمجتمع البشري في علاقاته ومعاملاته وروابطه دعائم الرحمة والتراحم فأمره بالعدل ونهيه عن الظلم رحمة وأمره بالإحسان ونهيه عن الإساءة رحمة وأمره بالخير ونهيه عن الشر رحمة ونظامه التشريعي بكل حلاله وحرامه وهو أحل الطيبات وحرم الخبائث والمضار والمفاسد رحمة وتوجيهه للمجمتع الإسلامي إلى التكافل فيما بينه وأن يعطف الغني على الفقير والكبير على الصغير والقوي على الضعيف رحمة بالحنان والخير رحمة وأمره بالتعاون على البر والتقوى ونهيه عن التعاون على الإثم والعدوان رحمة وأمره باحترام كرامة الإنسان رحمة وعصمة دمه وعرضه وماله إلا بحقٍ رحمة وتوجيهه المجتمع المسلم إلى ما يبنيه مجتمعاً قوياً عزيزاً حراً مقتدراً على الدفاع عن نفسه ومواجهة قوى الشر وحماية دينه وعرضه وأرضه رحمة وهدايته للإنسان إلى الله لينعم في إحساسه في وجدانه بالقرب من الله ويشعر ويأنس بالله ويستمد منه هدايته وعونهُ وفضلهُ العظيم والواسع ويشعر بصلة عبوديته لله بالله رحمة وأي رحمة وتقديمه البصيرة الكافية والوعي العالي عن الحياة والناس والأحداث والسنن بما يقي الإنسان من مهاوي الردى والضلال رحمة وكل تعليماته وهديه رحمة ودلالتهُ على الصراط المستقيم الذي منتهاه وغايته رضوان الله ومستقر رحمته الجنة التي عرضها السماوات والأرض بمرافقة الأنبياء والصالحين رحمة ونجاتهُ من جهنم والعذاب في الدنيا والآخرة رحمة ولذلك قال الله تعالى: (وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) إن الكفيل بحصول المجتمع الإسلامي على هذه الرحمة في الدنيا والآخرة مجتمعاً وفرداً هو بالتفاعل والتجاوب مع هذه الرحمة متمثلةً في نبي الإسلام رسول الله محمد صلى وسلم عليه وعلى آله بمنهجه ورسالته التي تضمنها القرآن وحركته بالرسالة التي قدم فيها الأسوة والقدوة والمعلم والمزكي، المربي الهادي لتستعيد الأمة تجربة مجدها الأول الذي استنقذها به نبي الله من جحيم الجاهلية الأولى يوم كانت قد فقدت الرحمة لدرجة وأد البنات وقتل الأبناء لأتفه الأسباب، ويوم استباح الإنسان كل شيء في أخيه الإنسان، وفقد جوهر إنسانيته، واليوم لا بد في الاستنقاذ من الجاهلية الأخرى الأكثر شرا من الجاهلية الأولى من إعادة الوصل والعلاقة والرابطة الإيمانية برحمة الله المهداة لعباده، خاتم أنبيائه محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله، وأول ما تحتاج إليه الأمة في ذلك معرفة هذه العلاقة وما ينبغي أن تقوم عليه من التعظيم والتوقير والاتباع، فالله سبحانه وتعالى قد دمج في القرآن الكريم علاقتنا به بعلاقتنا برسوله، لنعرف أنها علاقة إيمانية فجعل طاعته من طاعته، قال جل شأنه: (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، وجعل الإيمان به والتعظيم والتقديس كذلك، قال تعالىلِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) فدمج بين التسبيح له سبحانه، وبين النصرة والتعظيم لرسوله محمد والإيمان به وبرسوله، وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)، فهلم يا أمة الإسلام إلى نبي الإسلام في رسالته، في حركته، في جهاده، في صبره، في هدي قرآنه، هلم لتزكية النفوس، فالله كلفه بتزكيتنا، هلم إلى مكارم الأخلاق، فهو بعث ليتمم مكارم الأخلاق، هلم إلى الرحمة والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالمرحمة، هلم إلى الثبات في مواجهة التحديات، وهلم يا يمن الإيمان ويا أحفاد الأنصار لتنمية القيم الإيمانية وترسيخ المبادئ الإيمانية وتعزيز الروابط الإيمانية وتتميم مكارم الأخلاق، وتقديم النموذج من جديد كما النموذج الأول من أجدادنا الأنصار، (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ) تقديم النموذج الذي قدمه الأجداد فقال عنهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: “إنكم ما علمتم، تكثرون عند الفزع”، رجال مواقف، رجال صمود، رجال شجاعة وأهل مبادئ، “تكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع”، نفوس زكية وعفيفة، ليست أسيرة للطمع والذل، تقديم النموذج المؤمن العزيز بعزة الإيمان، والحكيم بحكمة القرآن، تقديم النموذج المحب لله ولرسول الله ولمسؤوليته المقدسة فوق كل محبوب ومرغوب لتحقيق مصداقية الإيمان، حينما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله والناس أجمعين”، وتعزيز ارتباط الولاء الصادق الراسخ لرسول الله الذي ولايته علينا كمؤمنين فوق ولايتنا على أنفسنا، (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، لتقديم النموذج الأول الذي حمل راية الإسلام، راية الحق، راية الحرية والعدل والكرامة، ناصرا ومضحيا، ومعطيا ومجاهدا حتى قامت للإسلام دولته وللأمة كيانها الكبير وللإسلام الحق سيادته، وللعدل حكمه.
وإن شعبنا الذي دعا له الرسول بالبركة لجدير بهذا الشرف، أهل لهذا الفضل، وهو اليوم يواجه قرن الشيطان، ومنبع الزلازل والفتن المعتدي الباغي الأثيم، الذي تحرك تحت الراية والمظلة الأمريكية غير محترم للإسلام ولا لحرمة المسلمين، وغير غريب على النظام السعودي بولائه لأمريكا وبعقيدته الوهابية هذا الانحراف الذي وصل به إلى درجة إدخال الصهاينة إلى مسجد رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وتدنيس مقامه العظيم بدخولهم إليه وإلى تدمير قبر والدة رسول الله الشريفة المصونة آمنة بالديناميت، وإلى تحويل منزل أسرته الذي ولد فيه بمكة وكان معلما وأثرا تزوره الأمة طول تاريخها إلى حمام والله المستعان، وإلى اعتبار التعظيم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شركا، العقاب عليه بالقتل، وإنما تعظيم ملوكهم وأمرائهم وتعظيم ترامب يوم أتى إليه جائز ليس بدعة وليس شركا بالنسبة لهم، غير غريب على هؤلاء سلوكهم الوحشي الفاقد للرحمة بقدر بعدهم عن رحمة الله المهداة للعالمين، رسول الله صلى الله عليه وآله في منهجه وأخلاقه، وعطفه وحنانه، فكانوا في عدوانهم على بلدنا الذين استباحوا كل شيء، فقتلوا الآلاف المؤلفة من الأطفال والنساء ويسعون إلى تجويع شعبنا، ونشروا الأوبئة وأهلكوا الحرث والنسل، ولم يدعوا حرمة من حرمات الله إلا انتهكوها، ولا ظلما ولا جرما إلا وفعلوه، وشعبنا بإيمانه بالله ورسوله وكتابه صامد ثابت صابر، ومعني بالمزيد من الصبر والثبات، وقد قطع شوطا كبيرا في تصديه للعدوان، وكبد المعتدين خسائر كبيرة، وحطم الله بصبر هذا الشعب المظلوم وتضحياته العظيمة كبرياءهم وغرورهم، وإن عاقبة الصبر النصر، والثبات على الحق الفرج، والعاقبة للمتقين، وفي ختام كلمتنا في هذا اليوم المبارك، والمناسبة المجيدة المباركة نؤكد على التالي:
أولا: تمسك شعبنا بهويته الإسلامية وحريته وكرامته واستقلاله، ورفضه القاطع لكل محاولات الانسلاخ به إلى حضن العمالة والنفاق، ومحاولات إرغامه على التفريط بسيادته واستقلاله، والارتهان لأمريكا وإسرائيل مع قوى العمالة والخيانة وعلى رأسها النظام السعودي والنظام الإماراتي.
ثانيا: تمسك شعبنا بقضايا أمته وعلى رأسها القضية الفلسطينية والمقدسات في فلسطين وعلى رأسها الأقصى الشريف وتضامنه الدائم مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض اليوم لمؤامرة كبيرة لتصفية قضيته بشكل مكشوف ومفضوح، يتولى كبر هذه المؤامرة الشيطانية النظام السعودي، وبعض الأنظمة العربية في خدمة مجانية لإسرائيل، ونؤكد من جديد وقوفنا الصادق مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية في التصدي لأي عدوان إسرائيلي جديد.
ثالثا: نبارك لشعبنا العزيز بمناسبة يوم الجلاء الـ30 من نوفمبر ونعتبره مناسبة مهمة للاستنهاض للشعب للتصدي للغزاة الجدد وطرد المحتلين، كما نؤكد على الأهمية القصوى لأن يحظى أحرار الجنوب وهم كثُر بالمساندة والدعم من الدولة ومن المكونات السياسية ومن أبناء الشعب في المناطق الحرة، وإذا توفر لهم هذا الدعم، وحظوا بهذه المساندة فهم باعتمادهم على الله منتصرون ومقتدرون على تحرير كل شبر في الجنوب، وهكذا أيضا الأحرار في المناطق الشرقية، الشجعان الأوفياء، الذين إن قدمت لهم المساندة اللازمة، لن يتوانوا من تحرير الجهة الشرقية.
رابعا: أنصح قوى العدوان وعلى رأسها النظام السعودي بالتوقف عن هذا العدوان الظالم وإدراك مخاطرة استمرارهم في العواقب الوخيمة عليهم بعد أن تجلى ذلك إلى اليوم في وضعهم السياسي والاقتصادي والأمني، كما نؤكد لكل الأحرار في الجزيرة العربية أننا إلى جانبهم، وأن أيدينا ممدودة لمساندتهم ضد ذلك النظام الظالم الطائش، الذي يتزايد شره وتتفاقم المشاكل والأزمات والفتن التي يصنعها يوما بعد يوم.
خامسا: نحذر قوى العدوان من الاستمرار في إغلاق المنافذ ومن ضمنها ميناء الحديدة، ونؤكد على حقنا في الإقدام على خطوات حساسة إذا استمروا في ذلك، ونحن نعرف مكان الوجع الشديد التي يمكن أن نستهدفها إذا استمر إغلاق المنافذ.
سادسا: نؤكد على ضرورة الاهتمام بالحفاظ على وحدة الصف في مواجهة العدوان، وأن تكون الأولوية للجميع هي في التحرك الجاد والصادق للتصدي له فعليا، وليس فقط بالكلام، كما نحذر من مساعي بعض المخترقين لبعض القوى والمكونات لإثارة الفتن الداخلية لتسهيل مهمة العدو في الاحتلال بعد فشله الذريع لأكثر من عامين ونصف العام.
سابعا: نحث على العناية القصوى بالتكافل الاجتماعي، ورعاية الفقراء والمحتاجين، سيما مع ظروف الوضع الحالي نتيجة للعدوان، والذي تفاقمت فيه المعاناة الاقتصادية، ويعاني البعض لدرجة المجاعة، وفي ظروف كهذه تعظم المسؤولية ويكبر الشرف، ويتضاعف الأجر في الرحمة بالمعانين، قال الله سبحانه وتعالى:(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ . فَكُّ رَقَبَةٍ . أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ . يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ . أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ)
ثامنا: نأمل المراجعة المفيدة العاجلة بين المكونات السياسية للسعي لمعالجة الأداء الحكومي بما يلزم.
تاسعا: نؤكد على الاستمرار في دعم الجبهات بالرجال والإمكانات حتى دحر العدوان، وتحرير المحتل من البلاد.
وأخيرا: أتوجه إلى الله تعالى أن يكتب أجركم على هذا الحضور المشرف الكبير بالرغم من ظروف العدوان والحصار، ونسأله تعالى أن يكتب لشعبنا النصر، ولشهدائنا الرحمة، ولجرحانا الشفاء، وأن يفرج عن الأسرى، وأن يكتبنا في الصالحين من عباده، المتبعين لنبيه، وأن يجزي نبينا عنا خير الجزاء.
اللهم صل وسلم وبارك وترحم وتحنن على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛