هل وصلت مرحلة تطبیع العلاقات #السعودیة الاسرائیلیة الی العلن ؟
عمران نت/ 23 نوفمبر 2017م
الوقت التحليلي
يتسم مستقبل المملكة العربية السعودية بالغموض، خاصة أنها تشهد مخاضا سياسيا قد تكون ولادته عسيرة أو يسيرة طبقا لردود الأفعال الصادرة من داخل المملكة وخارجها على الخطى التي يرسمها ولي العهد محمد بن سلمان لبلاده والتي يعد “التطبيع مع اسرائيل” أبرزها، لما يحمله هذا الأمر من انعكاسات على الداخل السعودي قبل خارجه.
بات جليا لنا أن بن سلمان يسير ببلاده نحو التطبيع مع كيان الاحتلال ولكن وفق برنامج معين لا نعلم بالضبط من يكون عرابه “أمريكا أو اسرائيل أم ولي العهد نفسه” وربما يكون جاء نتيجة لتنسيق مدروس ومحكم بين الثلاثة ولكننا نتلقى نتائجه بين الحين والآخر.
المملكة ماضية بالتطبيع من دون أدنى شك ولكنها تعلم جيدا أن التطبيع مع العدو لن يكون يسيرا في بيئة عربية ذاقت الويلات من جرائم اسرائيل، فضلا عن سرقتها أراضي الفلسطينيين منذ عشرات السنين وتهجيرهم إلى شتى أنحاء العالم وقمع من تبقى منهم وإجبارهم على القبول بشروطها، لذلك بدأت بخطوات تمهيدية لكي تجس نبض الشارع العربي حول هذه القضية.
الخطوات التمهيدية بدأت من خلال توسيع الفعاليات الثقافية والاجتماعية والسياسية مع اسرائيل ومن ثم الوصول إلى إيجاد روابط على الصعيد الأمني وتبادل المعلومات العسكرية مع الصهاينة وخلق عدو جديد وتحويله إلى “بعبع” لصرف النظر عن اسرائيل وجرائهما من جهة وعن القضية الفلسطينية من جهة أخرى.
في السابق كانت الرياض تخفي علاقتها مع تل أبيب وتنكر أي ارتباط معها ولكنها الآن تظهر علاقتها مع اسرائيل على العلن والغريب أنها كانت تحاول أن تظهر خجلها في بعض الأحيان من هذه العلاقة لكن اسرائيل تتعمد في كل مرة أن تكشف أسرار هذه العلاقة بين الفينة والأخرى وعلى ما يبدو أن السعودية لم تعد تخجل من علاقتها مع اسرائيل، وما ظهور الناشط والصحفي الصهيوني “بن تسيون” مع كلمة صهيون على حقيبته في أكثر الأماكن الإسلامية قداسة داخل الحرم النبوي في المدينة المنورة إلا خير دليل على أن العلاقة مع اسرائيل في أفضل حالاتها وأنها ذاهبة نحو التطبيع في أقرب فرصة ممكنة.
ظهور “بن تسيون” داخل الحرم النبوي للآذان ما هو إلا تتويج لما وصلت إليه الروابط بين السعودية واسرائيل، ومن اللافت أنه خلال أسبوع واحد تقريبا خرج إلى الإعلام عدة أخبار تعزز التكهنات حول تطبيع السعودية علاقتها مع اسرائيل، أبرزها ما ورد في كلام وزير الطاقة الإسرائيلي “يوفال شتاينتز” يوم الأحد الماضي الذي تحدث أن تل ابيب أجرت اتصالات سرية مع الرياض وسط مخاوف مشتركة بشأن إيران، مضيفاً، “لدينا علاقات مع دول إسلامية وعربية جانب منها سري بالفعل ولسنا عادة الطرف الذي يخجل منها”.
وفي الأسبوع الماضي قال قائد الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي إيزنكوت لصحيفة ايلاف السعودية إن إسرائيل مستعدة لتبادل “معلومات مخابراتیة” مع السعودية قائلا إن هناك مصلحة مشتركة بين البلدين في التصدي لإيران.
ردود أفعال الشارع العربي
كان من الواضح جدا أن الخطوات التي تجري بين السعودية واسرائيل ليست بالبريئة وأن هناك مخطط ما يتم العمل عليه على عدة مستويات، الاول هو البحث عن عدو مشترك وترويج هذا الأمر عن طريق الإعلام وإدخاله في ذهن المشاهد العربي عن طريق تكرار المعلومة وبأشكال مختلفة آلاف المرات وبالتالي صناعة الوهم بأن هناك عدو حقيقي يجب مواجهته ولم تجد السعودية واسرائيل ضالتها في هذا الموضوع إلا في ايران وكانت مخطئة في هذا الانتقاء لأن ايران تربطها علاقات ممتازة مع بعض الدول العربية وعلاقات طيبة مع دول أخرى والجميع يعلم أنها ساهمت في تخليص جزء كبير من المنطقة من تنظيم داعش الارهابي، وبالتالي لن يكون من السهل على السعودية حرف مسار الأمور واقناع العرب بأن ايران هي العدو وليس اسرائيل.
الامر الثاني والأهم أن الشارع العربي أظهر رفضه لهذا التطبيع وأعلن عن غضبه من دخول صحفي اسرائيلي إلى المسجد النبوي، ليحتل هاشتاغ “صهيوني في الحرم النبوي” المرتبة الثانية ليلة انتشار صورة الصحفي في الحرم النبوي، مما يثبت أن حالة التطبيع على المستوى الشعبي مرفوضة بقوة، وفي السابق فشل الاحتلال الإسرائيلي مرارا وتكرارا في تحقيق خطوات عملية مدعومة بغطاء شعبي عربي داعم للتطبيع في مرات سابقة بعد انتشار هاشتاغ مضاد للتطبيع احتل المرتبة الأولى في السعودية قبل شهور “سعوديون ضد التطبيع”، فإنها تحاول كي الوعي العربي والسعودي بهدوء من المدخل الأمني والاقتصادي المشترك.
استغلال الظرف
من حسن حظ السعودية أن أكثر الدول التي تقاوم التطبيع وترفضه مشغولة بمشاكلها الداخلية مثل سوريا والعراق وليببا وبالتالي لن يكون لهم تأثير كبير على التقارب السعودي الاسرائيلي، ولكن ما يجول في الخاطر أن التطبيع مع اسرائيل لن يتوقف على السعودية بل سيتعدى ذلك إلى دول عربية أخرى حليفة للسعودية نذكر منها، المغرب، تونس، جیبوتي، السودان، الامارات و البحرین.
ختاما، ولي العهد ماض في مشروعه مع الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل وما سلسلة الأحداث التي حصلت داخل السعودية من اعتقال الأمراء وبعض رجال الدين والجيش تحت عنوان محاربة الفساد إلا محاولة من بن سلمان لإخافة البقية وإيصال رسالة مفادها إياكم والاعتراض على أي قرار تتخذه المملكة في المستقبل القريب وإلا ستلقون مصيرا مشابها.