السيد حسن نصر الله .. قائد متميز عن كل القادة لعوامل عدة .. نرصد البعض منها
عمران نت/ 13 اكتوبر 2017م
جميل انعم العبسي
في خطابه الأخير 8 أكتوبر 2017م، أعلن السيد حسن نصر الله، حفظه الله، أنه على إستعداد لمواجهة المؤامرة الصهيونية الجديدة والمتجددة والتي صرح بها الوزير السعودي السبهان، بقيام تحالف دولي لمواجهة حزب الله الإرهابي، تحالف دولي يشابه تحالف عرب الحزم والعزم وهذه المرة بوجود أمريكا والغرب، وهكذا بني سعود يحاربون من وراء ستار أو بوجود تحالف عربي أو دولي….الخ.
وكل الدلائل والمؤشرات وبناءاً على حنكة وحكمة وشجاعة سيد المقاومة نجزم بالقول أن السيد حسن نصر الله من نصر إلى إنتصار حتى منبر صلاح الدين الأيوبي في المسجد الأقصى بعون ومشيئة الله القوي العزيز، وبغض النظر عن العامل الديني والإسلامي وهو العامل الرئيسي.. فان مفردات السياسة والتكتيك والمبادئ والقيم والوطنية والقومية والدينية والوفاء كانت ومازالت حاضرة وبقوة لدى سيد المقاومة وتعامل معها بكل مسؤولية واخلاق وثقة واقتدار وشجاعة نادرة فوتت الفرصة والمحاولات المتعددة للإختراق من الأعداء والخصوم، لمحاصرته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وجغرافياً للإنهاك والإضعاف، ثم الإنقضاض عليه والقضاء عليه وتصفيته نهائيا.. كما جرى للعديد من تجارب المقاومة لأمريكا وإسرائيل والسعودية .. من القومية اليسارية والأممية الماركسية والوطنية العربية.. والإشتراكية.. وحتى الإسلامية المقاومة مثل حماس الإخوان التي خضعت لسلطة أوسلوا بتسليم غزة ثم السلاح لاحقا.
وبغض النظر عن نقاط الإتفاق والإختلاف مع كل ما سبق فإن جميع التجارب السابقة تمكن منها العدو بشكل أو آخر بالحصار الإقتصادي والعزل السياسي من الخارج أو الداخل، ثم الانقضاض عسكرياً من امريكا أو الناتو أو الدواعش والإخوان أو السعودية والإمارات بالأفراد أو الجمع فأصبحت جزء من التاريخ كلياً أو جزئياً.
وقائد حزب الله اللبناني تميز بأسلوب ومواقف وسياسات مكنته من الإنتقال من نصر إلى نصر حتى النصر النهائي واعتلائه منبر خطبة الإنتصار التاريخي في المسجد الأقصى، ومن هذه المواقف والسياسات نذكر ما يلي:-
1- تخلى عن شعار أو مشروع الدولة الإسلاميه اللبنانية حسب نموذج الجمهورية الإسلامية الإيرانية والإقرار أن لبنان وطني مستقل متعايش الطوائف والأديان والأحزاب اليسارية واليمينية… لبنان وطني مستقل معادي لإسرائيل العدو والتعامل معه خيانة، وبذلك إستطاع الحزب وقائده السيد إزالة المخاوف لدى كل الأطراف اللبنانية من النمودج الإيراني البعبع الذي يستخدمه الأعداء كسلاح فعال لإختراق الداخل وإحداث فتنة واقتتال…الخ، تنتهي بالتصفية والتبعية لإسرائيل ولبنان إلى التمزيق بالكانتونات والمشاريع الضيقة.
واليوم لبنان دولة عربية وحزب الله حزب مقاوم وسياسي ومشارك بالسلطة الحكومية والنيابية.. اليوم حزب الله الشيعي الإثنى عشري الجعفري وتحت سقف الدولة الوطنية وبصورة فريدة ومميزة يعقد تحالفات مع الأحزاب العلمانية الماركسية والإشتراكية والقومية العربية والقومية السورية الطبيعية والأحزاب الوطنيه الأخرى، ويعقد تحالفات مع الأحزاب والجماعات ذات التوجه الإسلامي شيعة وسنة.. ويعقد تحالفات وطنية مع الأحزاب والطوائف المسيحية المختلفة… ولايفرض قناعاته الطائفية على كل وبعض المكونات اللبنانية بما فيها حليفه الشيعي “حركة أمل”… وليس لديه مانع من الحوار والجلوس على طاولة واحدة مع من تعامل مع إسرائيل سابقاً من أجل إبعاد الوطن اللبناني عن شبح الإقتتال الداخلي مثل حزب القوات اللبنانية.. وحزب الكتائب.. بل مع من شتمه وسبه بأبشع الصفات والنعوت خاصة بعد إغتيال رفيق الحريري واتهام حزب الله بذلك ظلماً وافكاً وبهتاناً.. وكل ذلك تحت سقف وطن لبناني مقاوم للكيان الصهيوني والتيار التكفيري الوهابي وأمريكا والسعودية حسب القانون الدولي.
2- السيد والحزب يتناسى الخصومة والعداوة عند العدوان الخارجي الأمريكي، على الأمة العربية والإسلامية، وبينما كانت الأحزاب العراقية وبعض تيارات من شيعة العراق يؤيدون ويتحالفون مع العدوان والغزو والإحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م، إنفرد السيد والحزب بمقاومة الغزو والإحتلال الأمريكي سياسياً واعلامياً ورسمياً.. بالرغم من معاناة شيعة العراق من النظام العراقي السابق، بل أن المرجع الشيعي اللبناني المرحوم محمد حسين فضل الله إعتبر صدام حسين شهيداً لأنه قتل تحت ظل الإحتلال الأمريكي.
3- شجاعة السيد والحزب… فهو لايتنصل ولايكذب ولايخفي ولايبطن ولايمكر ولايخدع… والمواقف معلنة تعلن للجميع وعلى الأثير، نعم حزب الله نقل السلاح إلى غزة حماس عن طريق الحدود المصرية.. نعم حزب الله ذهب إلى سوريا لمحاربة التكفير الوهابي، السيد حسن نصر الله هو الوحيد عربياً واسلامياً وعالمياً أدان العدوان السعودي على الشعب اليمني وبشكل صريح وعلني بالرغم من التشهير والشتائم وغيرها التي نالها عن الدور المزعوم في حروب صعدة الستة.
4- السيد والحزب لاينسى المواقف والمعروف والوفاء من أخلاقه لأي جهه كانت ولا يخجل أو يتحرج من القول بها فهو يشكر إيران على دعمهم للمقاومة.. بينما البعض يخجل من القول بذلك ومثال ذلك حماس التي شكرت مصر مرسي الإخواني على رعايته للهدنة بين حماس وإسرائيل. ولم تشكر حماس علناً سوريا الأسد وحزب الله وإيران على دورهم بالسلاح واحتضان الإخوان بالتدريب وغيره، وإن أظهرت الشكر لإيران يكون عابراً وبكل خجل.. وكذلك لم ينسى سيد المقاومة مواقف عميد الوطنية العربية العماد ميشيل عون، فوقف إلى جواره حتى وصل العماد إلى رئاسة لبنان الوطن الحر.
5- القرار المستقل للحزب فأثناء العدوان الصهيوني على لبنان يوليو 2006م حصلت المقاومة اللبنانية على عرض من إيران وسوريا بالدخول في الحرب مباشرة لكن الحزب رفض ذلك حتى لاتتحول الحرب إلى حرب إقليميه شاملة.
6- أخلاق ومبادئ وقيم العفو والتسامح لحزب المقاومة الإسلامية… الخصوم والعداء، وذوى القربى يكيلون الشتائم وبالطن والأطنان لحزب الله.. وقيادات وأعضاء الحزب لايتعاملون بالمثل، والتكفير الوهابي يذبح وينحر الأسرى والمخطوفين والمدنين من حزب الله ومدنيين ومقاومين في حلب السورية.. وحزب الله لايذبح ولاينحر مسلح أو أسير أو مدني من أتباع الوهابية التكفيرية.. بل أصدر بيان إستنكر فيه قيام أمريكا بمحاصرة داعش والعائلات المنسحبة من جرود عرسال إلى مدينة دير الزور السورية بعد عهد الحزب وسوريا وضمان وصولهم بسلام.
والسيد حسن نصر الله أوقف عملية تصفية العميل والخائن اللبناني “أنطوان لحد” وهو في متناول اليد، والسبب تواجد عدد من أفراد عائلة العميل إلى جواره فيسقطون قتلى، فالهدف هو العميل والخائن وليس أسرة الخائن.
وبعد انتصار 2000م واندحار الإحتلال الصهيوني قام حزب الله بتسليم العملاء للقضاء اللبناني الذي أصدر أحكام مخففة بالسجن من شهر إلى أشهر والحزب لا يعترض..
7- السيد حسن نصر الله… قائد عسكري وسياسي ومحاور وخطيب سياسي وداعية إسلامي ومفتي ويصدر فتاوى جريئة، وخبير بالحرب النفسية والإعلامية وصادق القول والفعل، يصدقه الأعداء قبل الأصدقاء.. صفات وصفات قلَّما تتواجد في شخص واحد… ومن هذه الصفات نختار صفة المفتي بالفتاوى وعلى الأثير مباشرة، فالسيد حسن نصر الله، حفظه الله، أصدر فتوى بتحريم التعرض للرموز الإسلامية من الصحابة وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم.. بل إعتبر من يقوم بذلك عميل للمخابرات البريطانية كون القناة الفضائية التلفزيونية التي كانت تتعرض للصحابة وأم المؤمنين كانت تبث من لندن.. والفتوى الثانية أصدرها وعلى الهواء مباشرة بجواز أن يصلي الشيعة الإثنى عشرية خلف الإمام السني هو الداعية الإسلامي اللبناني السني المرحوم “فتحي يكن” وكان ذلك أثناء أحد الإعتصامات للقوى اللبنانية في بيروت.
كل ذلك والأكثر لا نعرفه بالتأكيد.. إنها أخلاق القرآن والرسول محمد صل الله عليه وسلم، أخلاق العترة شيعة آل البيت الكرام… إنها أخلاق الرسول محمد صل الله عليه وعلى آله وسلم، الذي صفح وعفى عن آكلة الأكباد التى أكلت كبد عم الرسول، سيدنا حمزه بن عبد المطلب رضي الله عنه.. إنها أخلاق الرسول الذي عفى عمَّن أخرجوه ليلاً من وطنه مكة مهاجراً إلى يثرب.
كل الدول الملكية والجمهورية، كل الأحزاب السياسية من أقصى اليسار حتى اليمين… يتم إختراقها من الداخل بشكل أو باخر فتصبح في ذمة التاريخ بالخيانة والغدر من الداخل أكثر من الخارج.. وكل المذاهب والطوائف الدينية تم إختراقها بطريقة أو أخرى فأصبحت تدور في الفلك الأمريكي والصهيوني.. إلا من رحم ربي.. بإستثناء الطائفة الشيعية اللبنانية الحصينة والمحصنة بالقرآن والرسول والعترة.. والتي تتقدم الصفوف في مقاومة الإستكبار الأمريكي والصهيوني… نعم محصنة وحصينة ومسيجة بسياج سواعد المجاهدين.. وتلك هي من أهم حسنات وميزة للطوائف، الطائفة الشيعية الكريمة، التي عجز الأعداء من إختراقها وتطويعها.. ومن يعجز العدو من إختراقه وتطويعه، حتما ستكون نهايته على يديه .
وسيد المقاومة قال في خطابه الأخير سنقطع اليد التي ستمد إلى لبنان لتخريبه وتدميره ونشر الفوضى الخلاقة.. إنها يد بني سعود وأولاد زايد.. فهل يجرؤ الأعراب على عاصفة حزم وعزم نحو لبنان المقاومة حزب الله.
بالتأكيد لا…. وألف لا…. ولأسباب بسيطة جداً منها إستحالة نقل القصر الجمهوري اللبناني إلى الرياض، وكذلك إستحالة ذهاب القوميين والماركسيين والمسيحيين وحتى أهل السنة والجماعة إلى الرياض وأبو ظبي وتركيا وقطر والأردن.. والأهم من كل ذلك لا يوجد طرف ثالث ولا محايد.. وفوق كل ذلك غياب أصحاب المشاريع المناطقية والطائفية والكانتونات الضيقة… لكل ما سبق وأكثر.. السيد حسن نصر الله، حفظه الله، من نصر إلى نصر إلى إنتصار حتى منبر صلاح الدين الأيوبي الكردي في المسجد الأقصى، وما ذلك عن المجاهدين ببعيد.