الاحتفاء بالاستقلال .. في حضن الاحتلال
عمران نت/ 12 اكتوبر 2017م
علي احمد جاحز
المعروف والمعهود ان الشعوب والدول التي تحررت من الاحتلال واستقلت ، تحتفل بذكرى استقلالها كل عام ، وفي كل مرة تأتي المناسبة وقد حققت انجازات تبعدها مسافات عن الوصاية والاحتلال ، وحين تحتفي ترفع راسها وتباهي وتفاخر بحريتها بين الشعوب .
ثورة 14 اكتوبر المجيدة هي من اعظم الملاحم التاريخية التي كتبها الشعب اليمني ونقشها على صفحة الشمس ، ويحق للشعب الذي حرر جنوب اليمن من المحتل البريطاني ان يحتفل ويحيي ذكرى الاستقلال والتحرر ويباهي ويفاخر بانه تمكن من فرض ارادته امام اكبر امراطوريات الارض .
لكن .. ماذا نسمي الاحتفال بذكرى الاستقلال والحرية ، في حضن الاحتلال الجديد وتحت رفرفة اعلامه ورحمة اسلحة جنوده وضباطه ؟!
اطرح هذا السؤال والحسرة تصبغ الحروف ، والاسف يسيطر على احساس الكلمات ، لم يسبق ان احتفل شعب بعيد الاستقلال في حضن الاحتلال ، الا في جنوب اليمن المحتل ، والمؤسف اكثر ان المحتل الجديد هو مجرد ذنب هزيل من اذناب بريطانيا وامريكا ، وهو امر مخجل للغاية .
قد يقول البعض ان السعودية والامارات ليسوا محتلين وانما جاءوا لمساعدة اليمن ، وانقاذ اليمنيين من الانقلاب ، ولكن هذا ليس مقبولا عند البعض الاخر الذي يعتبر وجود الامارات امر ضروري لتحقيق انفصال الجنوب ، وهذا يتصادم مع رؤية البعض الاخر الذي يرى في وجود السعودية ضمانة لعدم تمكن الامارات من احتكار السيطرة على الجنوب ، وهكذا …
هذه هي رؤية عملاء ومرتزقة الاحتلال الجديد ، ولذلك فان مجرد الصورة التي يلتقطونها وهم يحتفلون بذكرى الاستقلال المجيدة ثورة 14 اكتوبر تحت اعلام المحتل الاماراتي والمحتل السعودي وبجانب ضباطهم وجنرالاتهم ، هي اوضح توثيق للحظة عار وخزي تاريخي لن تتمكن المغالطات مهما كان اتقانها من محوه ولا تغييبه من وعي وذاكرة الناس .
وبالمقابل ، فان بقية الاحرار في هذا البلد ، وهم الاحرار الذين لم يسمحوا للاحتلال ان يدنس ارضهم ولا يمس حريتهم وكرامتهم ، حين يحتفلون بذكرى الاستقلال المجيدة ، انما يجسدون معاني هذه الذكرى ودلالاتها ويجددون التاريخ الذي حفرته ايادي الثوار ولونته بدماء الشهداء .
الاحتفال في صنعاء او الحديدة او إب او صعدة ، يختلف عن الاحتفال في عدن او حضرموت او ابين مثلا ، فالاحتفال تحت ظل الاحتلال لا روح ولا رائحة ، ولايجرؤ المحتفون ان يشيروا مجرد اشارة الى معاني الاستقلال والتحرر ومن المحال ان يمجدوا ثقافة النضال والفداء بوجه المحتل .
اما احتفال الاحرار الذين يلقنون العدو والمحتل دروسا يومية له مذاق اخر ورائحة اخرى لدى اليمني الابي مذاق بطعم البن اليمني ونشوته ، ورائحة الفل والكاذي، وايضا له مذاق المر والعلقم لدى المحتل ، فنحن نذكر المحتل بمرارة الهزيمة الاولى ، ونجدد انكساره ونعيد ذاكرة الخيبة ومراراتها .
يطمح المحتل ان يصل الى شامخات جبال اليمن ويدوس على هامات رجال اليمن الشامخة ، لكنه يدرك المآلات ويحسب الخطى الطويلة والمكلفة ، واذا لم يكن كذلك فانه غبي و احمق ، وبالتالي فان من يخضع له ويسمح له ان يحتل ارضه ويسيطر على قراره فهو بلاشك احمق واغبى منه .
سنحتفل هنا بذكرى الاستقلال احرارا وسنعيد الاعتبار لثورة 14 اكتوبر المجيدة التي تهان وتفرغ من محتواها كل مرة تأتي فيها ذكرى الاستقلال .
وسننتصر او ننتصر باذن الله .