منظمات حقوقية تدعو واشنطن لتطبيق قانون “ماغنيتسكي” لمحاسبة الرياض.. ومحمد بن سلمان يستبق المفاعيل باعتقال القضاة

عمران نت/20 سبتمبر 2017م

عشرات المنظمات الحقوقية والدولية ناشدت المسؤولين الأميركيين لتفعيل قانون “ماغنيتسكي” لمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان وفي مقدمتهم أمراء “السعودية” وقضاتها، مُعربين عن أملهم في ممارسة واضعي القانون الضغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب لتفعيل القانون بوجه المنتهكين في الرياض، وترك المصالح المشتركة جانباً حماية لمبادئ وحقوق الانسان،،،

مرآة الجزيرة ـ تقرير سناء ابراهيم

بينما ترتفع وتيرة الاعتقالات المسلّطة من قبل محمد بن سلمان على كافة أطياف الشعب بمن فيهم مؤيدين ومعارضين لسياساته الاعتلائية، بدأت إزاحة الستار عما يتخفّى وراء الحملة العسكرية التي طالت قضاة في المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض والمرتبطة حسب تصنيف النظام السعودي بالنظر في قضايا الإرهاب، فقد سلّطت منظمات حقوقية دولية الضوء على التشريع الأميركي الذي يتجه إلى التفعيل الجدي بحق “السعودية”، والمخوّل بمحاسبة المتورطين في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان من تعذيب واختفاء قسري والقتل والاعتداء الجنسي والابتزاز والرشوة، ولعلّ الرياض تتصدّر دول المنطقة في هذه الانتهاكات الممارسة عبر منحها صفات قانونية من محاكم “السعودية”، وشددت المنظمات الحقوقية على ضرورة تفعيل القانون الأميركي لمحاسبة القضاة الذين شرعوا لأجهزة وزراة الداخلية تجاوزاتهم التي وصلت حدّ إزهاق أرواح المدافعين عن حقوق الانسان والمطالبين بالحريات والعدالة, بمسمى الأحكام التعزيرية وما أشبه.

في ديسمبر 2016، وقّع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قانوناً يمكن بموجبه محاسبة المنتهكين لحقوق الإنسان، جرى توقيع القانون على خلفية حادثة وفاة في العام 2009، راح ضحيتها الروسي “سيرغي ماغنيتسكي” نتيجة تعذيبه داخل السجن.
القانون الأميركي المعروف باسم “ماغنيتسكي” عابر للبلدان، وبموجبه يمكن محاسبة أي شخص في أية دولة عمد إلى انتهاك حقوق الإنسان، مرونة القانون دفعت منظمات حقوقية دولية إلى دعوة واشنطن لاستخدامه للوقوف بوجه الانتهاكات الممارسة من قبل بعض الدول وفي مقدمتها الرياض، التي ترتكب انتهاكات حقوقية بشكل مستمر، وتلاحقها الانتقادات الدولية على سياساتها في الداخل والخارج، خاصة فيما يتعلق بالجسم القضائي الذي يتخذ أحكاماً تصل إلى الإعدام بحق القاصرين والأطفال والشباب والشيّب على حدٍ سواء بالاعتماد على فبركات ومزاعم تم التوقيع عليها بفعل التعذيب على أيدي القوات الامنية.

“جزائية” الرياض في مقدمة المنتهكين لحقوق الإنسان

من هنا، تتصدر المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض القائمة التي تطالها مفاعيل “ماغنيتسكي”، فالمحكمة التي تعنى بالنظر في قضايا “الإرهاب” رصدت المنظمات والنشطاء الحقوقيون من داخل أروقتها محاكمات التصقت بها الفبركات والمزاعم والأهواء السياسية وانتفت عنها صفة المحكمة والعدل، فداخل قاعات “الجزائية” في الرياض صدرت أحكام الإعدام على الأطفال والقصّر الذين تم ترهيبهم داخل غرف التحقيقات سيئة السمعة في “السعودية”، وضمن زنازين الإعتقال، وكذلك يُصار إلى تلفيق الاتهامات ضد المعارضين والمطالبين بالحقوق السياسية والاجتماعية، وقد حفلت هذه المحكمة بأحكام السجن والإعدام المنتهكة لحقوق الإنسان والمتجاوز لقوانين القضاء السعودي نفسه فضلاً عن فقدانها للمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، ما يجعل محاكم الرياض وقضاتها من أوائل المعرضين للمحاسبة بموجب قانون “ماغنيتسكي”.

مراقبون لتطورات الشأن السياسي في “السعودية” لاحظوا أنه وبالتزامن مع إطلاق محمد بن سلمان الساعي للوصول إلى العرش حملة اعتقالات لم تستثن أحداً، أظهرت مفارقة سياسية واضحة حينما ألقى بن سلمان القبض على 7 قضاة من رموز “الجزائية” لهم سجل حافل بإصدار مئات الأحكام التي لا تستند إلى أدلة رصينة وبراهين ثابتة من مصادر مستقلة ومحايدة، وتتصف بحدّها الأدنى بأنها انتهاك فاضح لحقوق الانسان وتنزع في الوقت نفسه للنتكيل بالمتهمين إرضاء لإرادة الحاكم السياسي متمثلاً في الأمراء المسيطرين على وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية.

واعتبر المراقبون أن بن سلمان حاول استباق مفاعيل قانون المحاسبة الأميركي باعتقال القضاة الذين أرهبوا المعتقلين تارة، وأنهوا حياة آخرين في مقدمتهم الرمز الشيعي الشهيد الشيخ نمر باقر النمر، الأمر الذي يُحتم محاسبة هؤلاء، غير أن محمد بن سلمان سعى للحفاظ على خطواته للوصول إلى سُدة الحكم ليحظى بتأييد دولي، عبر مسرحية الإعتقالات التي يحاول من خلالها القول للعالم بأنه يحاسب حتى القضاة ومن كانوا يوماً ما أعواناً ومنفذين لأوامره وأوامر ابن عمه وزير الداخلية ولي العهد السابق محمد بن نايف، غير أن صلاحيتهم انتهت في الوقت الذي يجهد فيه للتخلص من كل ما يعكّر صفو وصوله إلى العرش.

متابعون حقوقيون أكدوا مساعي بن سلمان فيما يتعلق بالقضاة، مشيرين إلى أن الرياض تنتهك الاتفاقيات الدولية وفي مقدمتها “اتفاقية مناهضة التعذيب وحقوق الطفل”، ولفتوا الى أن غالبية السجناء والمعتقلين الذين يتعرضون للتعذيب ينتمون إلى أقلية دينية أدينوا بتظاهرهم ضد الحكومة؛ فقد شاركوا في مسيرة مؤيدة للديمقراطية في عام 2011, في إشارة للمعتقلين الشيعة على إثر انتفاضة الكرامة التي انطلقت شرارتها في فبراير 2011.

منظمات حقوقية دولية تطالب واشنطن بتفعيل “ماغنيتسكي”

عشرات المنظمات الحقوقية والدولية ناشدت المسؤولين الأميركيين لتفعيل قانون المحاسبة لمنتهكي حقوق الإنسان وفي مقدمتهم “السعودية” وقضاتها، مُعربين عن أملهم في ممارسة واضعي القانون السناتور الجمهوري جون ماكين والديمقراطي بن كاردين الضغط على الإدارة الحالية بقيادة دونالد ترامب لتفعيل القانون بوجه المنتهكين في الرياض، وترك المصالح المشتركة جانباً حماية لمبادئ وحقوق الانسان.

وفي مقدمة المطالبين برزت منظمات: “هيومن رايتس ووتش”، و”أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين”، و”الرابطة الأمريكية لاتفيا”، و”مركز العدالة والمساءلة”، و”مركز الصين لحقوق الإنسان للمساءلة”، و”حملة حقوق الإنسان”، و”حقوق الإنسان أولاً”، و”مراسلون بلا حدود”، و”منظمة الشفافية الدولية”، و”مشروع السلام في اليمن”، وعدد كبير من المنظمات الدولية المختصة بالدفاع عن حقوق الانسان، أوصت بتنفيذ قانون المحاسبة العالمي لحقوق الإنسان “ماغنتسكي”، مشيرة إلى أنه بموجب القانون سوف يأذن لرئيس الولايات المتحدة بفرض جزاءات مالية وقيود تأشيرة على الأشخاص الأجانب استجابة لمحاربة انتهاكات حقوق الإنسان وأعمال الفساد.

صحف غربية، أعلنت عن أن العديد من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات مكافحة الفساد في الولايات المتحدة أجرت اتصالات مع وزير الخارجية ريكس تيلرسون وأمين الكنز ستيفن منوشين لتنفيذ هذا القانون، وقد أبرزت المنظمات عدة حالات، بما فيها تلك الموجودة في “السعودية” والبحرين، مشددة على أن الحاجة ملحة إلى تفعيل قانون ماغنيتيسكي العالمي، لإيقاف الصمت عن أعمال إسكات وتعذيب واستغلال القُصّر، والحرمان من المحاكمات العادلة, وهي أمثلة قليلة على انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها سلطات الرياض بتشجيع وغطاء يوفره قضاة المحاكم هناك.

فالإجراءات التي تتخذها المحكمة الجزائية تنتهك اتفاقية حقوق الطفل وعدد من الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية الأخرى، والتي يفترض أن تكون “السعودية” طرفاً فيها.

محاكم البحرين تتبع السعودية في تشريع التعذيب والقتل خارج القانون

في 15 يناير / كانون الثاني 2017، أعدمت حكومة البحرين ثلاثة شبان من الطائفة “الشيعية”، بينهم الناشط علي السنكيس الذي حُكم عليه غيابياً، موجهة إليه اتهامات ومزاعم بسبب مشاركته في تظاهرات سلمية خرجت في مناطق البلاد، فيما وجهت منظمات مستقلة أدلة على تواطؤ رئيس النيابة العامة علي بن فاضل البوعينين في ممارسة التعذيب بحق المعتقلين والسجناء الذين يتعرضون لشتى أنواع التعذيب التي تودي بهم إلى الموت، وبالتالي تسجيل تفاقم في انتهاكات حقوق الانسان، وهو ما يحتّم وضع المنامة ضمن لائحة المنتهكين والذين يفترض أن يدانوا استناداً إلى قانون المحاسبة الأميركي.

متابعون أشاروا الى أن المصالح المشتركة بين واشنطن والرياض يمكن أن تقف حجر عثرة أمام تحريك مفاعيل القانون بوجه السعودية، ولكن أعضاء الكونغرس في 20 أبريل / نيسان 2017، كشفوا في رسالة عن أن الرئيس ترامب أكد دعم إدارته لهذا التشريع الهام و”الالتزام بإنفاذه الصارم والدقيق”، مشيراً إلى أن إدارته كانت بصدد تحديد الأشخاص والكيانات التي ينبغي تطبيق القانون عليها و”جمع الأدلة اللازمة لتطبيقها”، وفق تعبيره.

وأضاف المصدر إلى أنه على الرغم من تأكيدات ترامب إلا أنه ومنذ توليه قيادة بلاده حفل سجله بتعزيز انتهاكات حقوق الانسان، عبر دعم الدول والأنظمة القمعية التي ينتقدها قانون “ماغنيتسكي”.

مقالات ذات صلة