كيف تحولت الثورة و الجمهورية اداتين لتدمير الدولة ؟!!!
عمران -نت 10 اغسطس|2017م
لا ينطبق المثل الشعبي ” حاميها حراميها ” على احد قدر انطباقه على من يتخذ من النظام الجمهوري وحمايته قميص عثمان ..هؤلاء المخاليق يمثلون اخطر عملية تزوير لهوية وروح الجمهورية ..
لا ينطبق المثل الشعبي ” حاميها حراميها ” على احد قدر انطباقه على من يتخذ من النظام الجمهوري وحمايته قميص عثمان ..هؤلاء المخاليق يمثلون اخطر عملية تزوير لهوية وروح الجمهورية ..
اما اكبر شتيمة للثورة والجمهورية فهي ان تدعي حمايتها تلك الطحالب المتقلبة في احضان اشد الانظمة الملكية تخلفا واستبدادا .
لنترك هؤلاء جانبا وبصرف النظر عن التوظيف المكيافيلي للمقدس الوطني ,وبعيدا عن خطاب المشاكسة السياسية, ليس من قبل المبالغة اذا قلنا ان اكبر ضربة وجهت لمشروع الدولة اليمنية الحديثة كانت يافطة حماية الجمهورية . فتحت هذا العنوان افرغت الدولة والجمهورية من مضمونها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ,وباسم الحفاظ على النظام الجمهوري ضربت مرتكزات الدولة وتحولت مؤسساتها الى هياكل من دون روح , وغطاء للهروب من استحقاقات تفاقم ازمة مشروع الدولة والوصول بالوضع الى مرحلة الاانسداد الشامل فالانفجار في 2011م.
قد يبدوا الامر غريبا فالنظام الجمهوري يمثل الروح للدولة الحديثة لكنها كهذا تشكلت الدولة والجمهورية كمقولتين متناقضتين في ممارسة النخب الحاكمة وفشلت في بلورة صيغة سياسة تحقق الدولة والجمهورية دون حاجة للتضحية بالدولة لحماية الجمهورية ولان العلاقة بينمها كالعلاقة بين الروح والجسد فان التضحية بأحدهما يعني التضحية بالأخر وتحولها الى اشكال صورية فارغة .
كيف ذلك ؟
بعد ثورة سبتمبر ونتيجة للضغط الذي واجهته الثورة وبدافع الحاجة لاكتساب المزيد من القوى الاجتماعية الى صف الثورة والجمهورية لجات القوى الثورية المسنودة من الجيش المصري الى اغراء المشايخ والقوى التقليدية وشكلت مجلس اعلى أعلى لشئون القبائل ومنحت كل شيخ رتبة وزير ومخصصات مالية ثابتة، إضافة إلى حقه في الحكم المحلي لمنطقته باعتباره ممثل الدولة فيها . وهكذا
تمكنت القوى التقليدية من ازاحة القوى الثورية والحداثية التي تعد الحامل السياسي لمشروع الدولة الحديثة (القوى الحداثية كانت برجوازية سياسية فوقية لا تتمتع بالوزن الاجتماعي للقوى القبلية ) واحتلال المواقع قيادية عليا في الجهاز الحكومي والإداري ,هذه القوى وقفت بحزم لكبح عجلة التحديث واعاقة مشروع الدولة وبالتالي إفراغ الثورة من مضمونها الاجتماعي التقدمي.
حاول الرئيس إبراهيم الحمدي إنهاء نفوذ القوى التقليدية والقبلية في جهاز الدولة ومؤسساتها خاصة الجيش لكن مشروع الحمدي اصطدم بالسعودية والمشايخ فعملوا على اغتياله .
التحالف الذي تشكل بعد الحمدي وتكون من نخبة مُركبة سياسية وقبلية وعسكرية ودينية ,ادى الى اضعاف الطابع المؤسسي للدولة كيان سياسي مؤسساتي قانوني قوي يحتكر أدوات القوة ويحافظ على السيادة الوطنية ويحقق تنمية متوازنة ومتكاملة وانتج ما تسميه الدراسات الاجتماعية “بالدولة الرعوية” و نشوء العلاقات الزبونية بين الدولة والمواطن بمعنى ان الفرد لا ينال حقوقه كمواطن تتعامل معه الدولة مباشرة من خلال مؤسساتها المدنية والقضائية والخدمية بل كعضو في جماعة قبيلة او حزب او طائفة وهي المعيار في تحديد مكانة الفرد اجتماعيا وتحديد دوره السياسي والاقتصادي ,واصبح للدولة كيانان هما: الكيان الشرعي المؤسسي الشكلي ,والكيان الفعلي الذي تتحدد بواسطته عمليات صنع القرار السياسي وفق تركيبة بناء القوة أو السلطة , او خارطة توزيع عناصر القوة والسلطة بين مراكز النفوذ التي تعملقت على حساب الدولة وتحولت لكيانات موازية للدولة تنافس الدولة السلطة والقوة , وتفرض هيمنتها على القوى والمكونات الاجتماعية والسياسية الأخرى مستفيدة من علاقتها بالدولة وما توفره من امكانات مادية ومعنوية ضخمة , ولا يحكم في صراعها مع بقية القوى الاخرى أي اطر دستورية ولا قانونية ,مما يحمل التكوينات والقوى الاجتماعية للبحث عن مصادر حماية ذاتية ,وبالنتيجة تأكل شرعية الدولة وضعف سيطرتها على كل الجغرافيا اليمنية؛ وانتشار السلاح المتوسط والثقيل، وتكون كيانات شبه عسكرية من الجماعات والأحزاب والقبائل؛ والدخول في متوالية هندسية من الصراعات والفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتقويض السيادة الوطنية وتحول اليمن لساحة استقطاب اقليمية ودولية.
تلكم هي باختصار حكاية الدولة اليمنية ….
ومن يقول غير ذلك يخدع نفسه ويخدع الاخرين …
كل اليمنيين تقريبا ذاقوا مرارة غياب مشروع الدولة وكل الأطراف شربت من ذات الكاس الذي جرعته دهرا خصومها .
عسى هذه الفترة الطويلة من كي الوعي تكون كافية للوصول بالقوى السياسية الى قناعة راسخة انه لا الحزب ولا القبيلة ولا الطائفة ولا الجماعة توفر الحماية ولا الرعاية الحقيقيين وان الدولة القوية , دولة المؤسسات والمواطنة المتساوية هي وحدها القادرة على حماية البلاد والعباد.
✍ عبدالملك العجري