لماذا صمت الجُبير؟
حمدي دوبلة
وزير خارجية النظام السعودي عادل الجُبير ثرثر طويلا واصمً آذان العالم لسنوات بتصريحاته الشهيرة عن رؤية مملكته “العظمى”بخصوص الأزمة السورية والمتمثلة في ضرورة رحيل الرئيس الأسد وتحقيق السلام وفقا لمرجعيات جنيف1لكن حين حانت ساعة الحقيقة وبدأت تباشير انفراج الأزمة تلوح في الأفق على وقع انتصارات الجيش العربي السوري وحسمه للمواجهات مع العصابات الإجرامية المدعومة سعوديا وقطريا لصالحه صمت الجبير وغابت مملكته عن المشهد تماما ولم يبق من اثارها غير صور الدمار والخراب ومعاناة الإنسان السوري في مختلف بلدان العالم التي ما كانت لها ان تحدث وان تؤول الى ما صارت إليه لولا المال السعودي وطيش وجنون وحماقة قيادات هذا النظام المهووس بالعظمة وبلوغ المجد على أشلاء الأبرياء.
ظن مراهقو الرياض وأذنابهم في منطقة الخليج المتخمون بالأموال بان المال وحده يمكن ان يجلب العظمة للأنظمة ويجعل من بلدانها أرقاما صعبة وذات شان مرموق على خارطة السياسة العالمية ولم تفطن عقولهم الصغيرة بان المال عندما يقترن بالغباء وبهشاشة البنيان الداخلي يكون وبالا على أصحابه ومطمعا للقاصي والداني وفريسة سهلة المنال للمرتزقة وصناع أوهام الانتصارات التي تطرب لها عقول الحكام الطامحين لمزيد من النفوذ والهيمنة على المستويين الاقليمي والدولي.
الحرائق والفتن التي أشعلتها السعودية في اليمن وسوريا والعراق وليبيا ولبنان وفي مناطق شتى من العالم وأنفقت على ذلك ثروات طائلة ولاتزال تنفق بجنون هدفت كما يزعم حكّامها الى محاربة المد الشيعي وتقليم أظافر إيران الطامحة لتوسيع نفوذها في المنطقة وكذلك تعزيز مكانة السعودية وإثبات جدارتها بقيادة الأمة العربية وتحصين الهوية والدفاع عن القومية لكن ما نراه من نتائج تلك الحماقات عكس ذلك تماما فالنظام السعودي خرج في لبنان من الباب الخلفي وتجرع الهزيمة النكراء في سوريا حيث لم يعد هناك من الأثر السعودي غير عصابات إجرامية تتهاوى تباعا وهي في الرمق الأخيرة ولا وجود إلاّ لإيران القادمة إلى الأرض السورية بطلب من الحكومة الشرعية وكذلك الأمر في العراق حيث يضيق الجيش العراقي الخناق على عصابات داعش المدعومة سعوديا ولم يبق أمام حكام الرياض وأبواقهم الإعلامية غير التباكي على أوضاع المدنيين في الموصل كما ذرفوا دموع التماسيح على أطفال حلب من قبل.
اما في اليمن التي استسهل السعوديون قدرات أبناء شعبها وإمكانياتهم الدفاعية وإيمانهم العميق بوطنهم وبحقوقهم في الحرية والاستقلال قبل أن يقرروا التدخل العسكري المباشر فإن الورطة السعودية كانت الأكبر والأخطر وإذا بها في مستنقع لا سبيل للخروج منه إلاّ بالتخلي عن المكابرة والعناد والانصياع لصوت العقل والمنطق بعيدا عن الاستعلاء والتأثر بأكاذيب الانتصارات وأوهام اقتراب ساعة الحسم النهائي الذي ينسج خيوطه المرتزقة والمنتفعون في الداخل والخارج ممن فهموا عقلية حكام الرياض ومابرحوا يدغدغون مشاعرهم الحساسة ويستدرجونهم بكل يسر إلى إطالة أمد العدوان لضمان استمرار خزائن سعود في ضخ الأموال عليهم..
في اليمن حيث لا وجود للطائفية والمذهبية أو لإيران الشماعة انكشفت سوءات النظام السعودي وصار بفعل صمود الشعب اليمني وتضحيات أبطال جيشه ولجانه الشعبية أضحوكة أمام العالم وموضوعا مناسبا للسخرية والتندر من قبل أبناء البشر في انحاء المعمورة.
لقد صمت الجُبير وآن له أن يصمت إلى الأبد وآن لأسياده من براميل الخليج أن يدركوا تماما بأن المال قد يجلب ميدالية أولمبية من خلال تجنيس احد العدائين الأفارقة كما يستطيع أن ينسج انتصارات إعلامية واسعة وأن يجعل قرية مثل قطر تفوز بشرف استضافة كاس العالم لكن هذا المال سيبقى عاجزا عن تحقيق انتصار عسكري يرفع من شان تلك البلدان الغنية ويجعلها في مقدمة الإمبراطوريات على كوكب الأرض.