“طُـوفانُ الأقصى” وَسفينةُ نوح
جبران سهيل
هي ليست مُجَـرّد خطوة قامت بها قيادتنا في صنعاء اتّجاه ما يتعرض له أبناء غزة وشعب فلسطين من قتل وتدمير وإبادة بشكل وحشي غير مسبوق، ولا حتى يصح أن نسميها تطورًا ملفتًا بل هو واجبٌ وفرض ديني وأخلاقي بطولي، افتقدته الأُمَّــةُ لعقود أن تجد من يحمل اسمها ويذود عن أبنائها وكرامتهم ويواجه أعدائهم بكل عزة وإباء، يعيد إليها مكانتها ويحفظ اسمها ويظهر عظمة الدين والنبي الكريم الذي ميزها الله به دون غيرها.
في ظل صمت عربي وعالمي بل وتكالب دول وقوى عالمية على شعب فلسطين المظلوم وقضيته العادلة انحاز خلالها بوضوح أعداء الأُمَّــة والإسلام والقيم والأخلاق وخونة وعملاء العرب والمسلمين إلى جانب المحتلّ الإسرائيلي وطغيانه، الذي لم يسلم منه طفلٌ ولا امرأةٌ أَو رجلٌ مسنٌّ أعزل، ولا حتى مدرسة يقال إنها تحت إشراف ما تسمى بالأمم المتحدة، ولا دور العبادة ولا المستشفيات، بل إن في غزة تدك طائرات المحتلّ وسلاح أمريكا وغيرها المقدم إليه أحياء كاملة ومربعات سكنية مكتظة بالآلاف من أبناء فلسطين، الذين أخرجهم العدوّ الصهيوني ظلماً وعدواناً من مدنهم وأراضيهم منذ سنوات واستوطن فيها ليجدوا في آخر قلاع فلسطين الحرة غزة العيش وحمل راية المقاومة جيلاً بعد جيل.
ولم يكتفِ بما سيطر عليه الصهاينة من مدن ومناطق فلسطين الشاسعة، بل واصل جشعه وإجرامه تحت غطاء وحماية أمريكا ودول الغرب المنافق وخونة العرب، بل إنه استمر في بناء المستوطنات لقطعانه في الضفة الغربية المحتلّة حتى وصل على مشارف غزة وشيد الجدران الفاصلة والمعابر والنقاط والثكنات وأبراج المراقبة وشبكة الكاميرات في كُـلّ فلسطين المحتلّة حتى داخل البيوت والأحياء التي يسكنها فلسطينيون، جعلهم تحت مراقبته المُستمرّة، يقتل من يشاء ويعتقل من يشاء ويصادر أموال ومزارع من يشاء، ينتهك الأقصى الشريف تارة ويجلب اليهود المتطرفين والقتلة إلى باحاته تحت حماية عناصرهم تارةً أُخرى، يهدم البيوت ويمنع المقدسيين من أداء الصلاة في أولى القبلتين وثاني الحرميين، دون أن تتحَرّك أية جهة عربية أَو عالمية أَو إسلامية لردعه.
كلّ هذا الإجرام والدمار والإفساد والوقاحة والكبر والغرور الذي وصل إليه المحتلّ الإسرائيلي بعد إخضاعه للكثير من أنظمة العرب الخانعين.
كان حتماً لا بُـدَّ من تحَرّك ينهض من جديد بقضية فلسطين ويعيدُها للواجهة، ومن هنا كان “طُـوفان الأقصى” وساعة الصفر التي دقت على توقيت الأقصى وغزة في 7 أُكتوبر الماضي، وكان طوفاناً عظيماً كحال طوفان الله المؤيد لنبيه نوح -عليه السلام- الذي اجتث القوم الكافرين، وكان لا بُـدَّ للطوفان من سفينة تقود المؤمنين الصادقين والتي حملت على ظهرها بجانب أبناء فلسطين وكتائب المقاومة الأبطال فيها كحماس والجهاد أَيْـضاً محور المقاومة لأمتنا في لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران، ومن هؤلاء ظهر للعالم جليًّا سيد مقاومة اليمن وقائد ثورتها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بشكل لم يتعود أن يرى فيه العالم شخصية هكذا أكثر جرأة وشجاعة وحرية ووضوحًا في مواجهة العدوّ الصهيوني المحتلّ ومن خلفه أمريكا رأس الأفعى والشيطان الأكبر، بل إن عمليات اليمن العسكرية ورغم ظروف البلد والحرب التي تعرض لها وما زالت آثارها قائمة إلا أن اليمن كان الرقم الصعب والخصم القوي بضرباته التي عطلت الحياة في أم الرشراش المحتلّة وخنقت كيان العدوّ الصهيوني المؤقت في البحر الأحمر حين أغلق باب المندب في وجه سفنه وجميع السفن المتجهة إليه، فمن فعل هذا قبل هذا التأريخ؟