لا فرقَ بين الصمت والإجرام
د. شعفل علي عمير
بسم الله الرحمن الرحيم (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّـة يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وأيُّ منكرٍ أعظمُ عند الله من قتل أطفال ونساء المسلمين ويستبيح أرضهم أي عمل أفضل من جهاد أعداء أتوا لاستهداف المسلمين، فقد أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وآله- بأن نتألم ونشعر بما يعانيه إخواننا المسلمون حين قال: «مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثلِ الجسد الواحد إذَا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسد بالحمى والسهر».
إن السكوتَ عن الجرائم والإبادة الجماعية لأهلنا في فلسطين يعد مشاركة للعدو الصهيوني في كُـلّ ما يرتكبه من جرائم. يجب أن نستشعر مسؤوليتنا تجاه إخواننا المظلومين وأن نعيَ بأن القضية لا تَعُد قضية فلسطين فحسب إنما هي قضية إسلام وكفر قضية اجتمع فيها الباطل كله ضد الحق كله.
ولثورة الإمام زيد -عليه السلام- على الطغيان والإجرام منهاج يُقتدى به عندما قال: “واللهِ ما يدعني كتابُ الله أن أسكت”؛ لِعلمِه بأن السكوتَ على الظلم والطغيان لا يقرُّهُ دينٌ ولا عُرف؛ فالسكوتُ عن الظالم في ظلمه يُعد تأييداً ومشاركة لهذا الظالم، بل إن السكوت يُشجع الظالم للاستمرار في ظلمه، فأي باطل أكبر من أن نشاهد أطفال ونساء تُقتَل دون أن نتحَرّك لرفع الظلم عنهم.
إن ما تُعانِيه الأُمَّــةُ من خِذلانٍ هو نتيجةُ عدم استجابتهم لأوامر الله ونواهيه، فالنهي عن المنكر فريضة فرضها الله على كُـلّ مسلم فعندما يتفشى المنكر فهذا دليل على ترك المسلمين لهذه الفريضة، والواقع الذي تعيشه بعض الدول العربية أكبر شاهد على أن مجتمعها قد ترك مبدأ وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأصبح المنكر هو المسار والنهج الذي يسيرون في فلكه.
هناك من يعتقد بأن ما يتعرض له أهلنا في غزة من مجازر لا يعنيهم مقدمين أوامر حُكّامهم على أوامر الله، وفي خِضم هذا الخُذلان يتجلى رجال يُمكّنهم الله؛ فيكونوا سبباً في نصرة إخوانهم في غزة وقطع يد الظالم المتكبر، قوماً احسّوا بما يعانيه إخوانهم في غزة، قوماً جسّدوا إيمانهم عملاً وسلوكاً فاستهدفوا الكيان الصهيوني ليُجبروه على وقف جبروته ومجازره اليومية دون النظر إلى مقدار الخسارة التي قد تترتب على ما يقومون به لنجدة المستضعفين، دافعُهم خوفُهم من أن يسألهم الله، الذي قال في كتابه الكريم: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مسؤولونَ)، فهانت عليهم أية خسائر مقابل أن يخسروا رضا الله عنهم، هانت عليهم الدنيا مقابل الآخرة، وصفهم الله في قوله: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ، وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)، إنهم قوم موطنهم غزّة العزّة ويمن الإيمان.