إِن تنصُروا اللهَ ينصُركُم
مطهر يحيى شرف الدين
لا شك بأن للهزيمة النفسية الظاهرة في سلوكيات وممارسات العدوّ الإسرائيلي الإجرامية المتوحشة دورَها في تحقّق الزوال الحتمي لإسرائيل الغاصبة المحتلّة وذلك مصداقاً لقوله سبحانه
(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا).
إلا أن مسألة زوال واجتثاث الغدة السرطانية “إسرائيل” من قلب الأرض العربية الإسلامية مرهونة بالوقت الذي يأتي فيه أولو البأس الشديد عباد الله المخلصون المجاهدون في سبيل الله الذين ينتصرون للمقدسات الإسلامية وللقضية الفلسطينية بدافع ديني خالص وليس بدافع سياسي أَو وطني أَو قومي أَو بدافع تحَرّك وانتصار فئة نكايةً بفئة أُخرى وليس بهَدفِ إعلاء كلمة الله وإقامة وإحياء دينه.
اللهُ -سُبحانَه وتعالى- يكشفُ للعباد في محكم كتابه الكريم وَيؤكّـد وجوب إعلاء كلمته سبحانه ووحدانيته وألوهيته والجهاد في سبيله بغية إقامة وإحياء دين الله ووجوب أن تثار الحمية والغيرة على دين الله من أن يُنتهك أَو يُدنس أَو يُنال منه، يقول سبحانه: “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ”.
في تبيين وتفسير الآية الكريمة يقول سيدي المولى بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه:
الذين جاهدوا فينا؛ أي في الله وهذا الضمير يفيد العظمة والجلال مما يحرك الغضب في المؤمن على أعداء الله الذين جعلوا له أنداداً وَأوثاناً وافتروا عليه الكذب وكذبوا بآياته؛ فالجهاد في الله شأن المؤمن دفعاً للشرك به والكذب عليه والتكذيب بآياته وهو نوع من الجهاد في سبيل الله، وعد الله أهله الهدى لسبله وهي ما يقرب إلى الله ويوصل إلى رحمته، والسبل جمع سبيل وهي الطريق وأفادهم أنه معهم؛ لأَنَّهم من المحسنين فإذا كان معهم فليثقوا بالنصر على أعداء الله ما كان جهادهم في الله.
اللهُ سبحانه من قال عن نفسه، ومن أصدق من الله حديثاً، هو القائل في محكم التنزيل:
(للفُقراءِ الْمهاجِرينَ الذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأموالهِمْ يبْتَغونَ فَضلًا منَ اللَّهِ وَرضْوانًا وينْصُرونَ اللَّه وَرسولَهُ أُولئك هُم الصَّادقونَ).
الفقراءُ الذين هاجروا بغية نصرة دين الله وإقامة دينه ليحافظوا عليه وصفهم الله بأنهم صادقون في إيمانهم وَفي هجرتهم وكانت نواياهم محط انطلاق لإعلاء كلمة الله يريدون وجه الله ويرجون فضله وَرحمته ليس لهم أي مقصد أَو مبتغى دون ذلك إلا ما ذكره الله في قوله: “وينصرون الله ورسوله”.
إذَن فالله -سبحانَه- قد أرشد عباده المؤمنين إلى أن يجعلوا من قتال وجهاد أعداء الله تجارةً مع الله في المقام الأول؛ فالله هو المشتري والمجاهد هو البائع نفسه من الله، ليست تجارة مع رجل أعمال أَو مع رئيس دولة أَو مع قائد عسكري وإنما تجارة مع الحي القيوم مالك الملك ذي الجلال والإكرام يقول سبحانه: “يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم”.
ما أعظمَها وأجلَّها وأسماها من تجارة ثمرتها النجاة من العذاب الأليم والفوز بالجنة ونعيمها؛ لأَنَّ المنطلق أولاً الإيمان بالله ورسوله؛ فلا قيمة لأي تحَرّك أَو عمل أَو جهاد إلا أن يكون في سبيل الله ومن أجل إقامة دين الله وأن يجاهد الإنسان المسلم بماله ونفسه فذلك خير الأعمال وأزكاها، وبالجهاد في سبيل الله عزة للمؤمنين وذلة للكافرين.
ومما تجدر الإشارة إليه ونحن نتحدث عن جهاد وقتال أعداء الله انتصاراً لله وإقامة وإحياءً لدينه، ومما يدل أَيْـضاً على عظمة ومنزلة الجهاد والاستشهاد في سبيل الله ما قاله الله سبحانه في الآية التالية “يغفر لكم ذنوبكم” لم يقل الله من ذنوبكم بل جاءت الآية بدون “من” التبعيضية؛ بمعنى غفران كُـلّ ذنوبكم..
لذلك يجب علينا أن نستشعر ثمرة النوايا الصادقة بأن تكون الأعمال خالصة لله والجهاد في الله بدافع ديني خالصٍ وَصادق
قال تعالى: “إن تنصُروا اللهَ ينصُركُم ويُثبت أقدَامَكم”.