اليمنُ يجسِّدُ الواجبَ الديني والإيماني مع غزة
هاشم أحمد وجيه الدين
قوة الموقف الذي اتخذته قيادة الثورة في اليمن ومن خلفها القيادة السياسية والعسكرية والشعب اليمني بالدخول في المعركة واستهداف عمق الكيان الغاصب وإغلاق البحر الأحمر ومضيق باب المندب أمام سفن الكيان الصهيوني، كان بدون أدنى شك أقوى موقف عربي وإسلامي على مستوى العالم، رغم ما تعرض له هذا البلد العظيم من عدوان وحسي وحصار ظالم قادته أمريكا وإسرائيل عبر أدواتهما من الأعراب المتصهينين والمطبعين لمدة 9 سنوات، وما زال إلى هذه اللحظة، وكان الهدف الرئيسي لهذا العدوان هو تدمير مقدرات اليمن العسكرية والاقتصادية والأخلاقية والدينية ليكون ضعيفاً وغيرَ قادرٍ على التأثير إقليمياً تجاه قضايا الأُمَّــة الإسلامية وتجاه فلسطين القضية المركزية للأمة بكلها.
لكن موقف اليمن تجاه جرائم الكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا وأُورُوبا تجاه أهلنا وإخواننا في غزة كان بهذا الوضوح والقوة والجرأة والشجاعة؛ كونه موقفاً دينياً وإيمانياً أعلن عنه قائد الثورة سماحة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله-، حَيثُ كان لهذا الموقف الحكيم تأثيره العملي والاستراتيجي وأوصل للعالم العديد من الرسائل خُصُوصاً للصهاينة والأمريكان، بعد أن بدا واضحًا تأثيره عليهم من خلال ردود أفعالهم المرتبكة والمتناقضة والضعيفة، ومن الرسائل التي أوصلها هذا الموقف العظيم والمسؤول هو:
– تجاوز الحدود التي صنعها الاستعمار وعدم اعتراف اليمن وقيادته بتلك الحدود عندما يتعلق الأمر بنصرة المستضعفين في بقعة من الأرض تصل إليها يد اليمن الطولى.
– تفعيل دور الموقع الجغرافي لليمن وإطلالته على مضيق باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي ولأول مرة في تاريخ اليمن والذي طالما كان هذا الموقع مصدر ضعف لليمن خلال العقود السابقة؛ نتيجة تبعية قياداته لدول إقليمية وعالمية وانبطاحها أمام مصالحهم وأطماعهم حتى أطاحت بهم ثورةُ الــ 21 من سبتمبر، وأعلنت عهداً جديدًا من الحرية والاستقلال والسيادة وامتلاك القرار، فقامت هذه القيادة القرآنية الحكيمة باستخدام هذه الورقة الاستراتيجية للضغط على الصهاينة وداعميهم لإيقاف عدوانهم وحصارهم على غزة.
– اليمن العظيم حطّم حاجزَ الخوف والرعب لدى قادة الدول العربية والإسلامية من أمريكا وإسرائيل وقوتهم العسكرية الوهمية التي ساهمت في تضخيمها الإعلام الغربي وحالة التدجين التي مارستها الأنظمة العربية المنبطحة والمطبعة على شعوبها طوال عقود من الزمن.
– موقف اليمن أسهم في تعرية الأنظمة العربية المطبعة والمتماهية مع الغرب أمام شعوبها ووضعها في موقف لا تحسد عليه، كما أسقط جميع الأقنعة التي طالما تغنت بفلسطين والأقصى لدغدغة مشاعر شعوبها، لكنها في الحقيقة تقف في الخندق الأمريكي الصهيوني باتّجاه تصفية القضية الفلسطينية لصالح اليهود.
وتأتي قوة هذا الموقف وصوابتيه وتأييد الشعب اليمني له؛ كونه موقفاً نابعاً من الهُــوِيَّة الإيمانية ومسؤوليته الدينية المنطلقة من القرآن الكريم تجاه المستضعفين في فلسطين، كما أن المواقف التي تنطلق من خلال التوجيهات الإلهية هي مواقف صائبة وحكيمة ولها تأثيرها على الساحة؛ لأَنَّ الله هو من يتولى رعايتها ووعد بانتصارها وتحقيق غاياتها في نهاية المطاف وهذا وعد الله للمؤمنين المجاهدين المتقين، على العكس من المواقفِ التي تنطلقُ من منطلقات الربح والخسارة والسياسة والمصالح وغيرها والتي غالبًا ما تكون مواقفَ ضعيفة هزيلة غير عادلة غير موفقة ولا يكون لها أي تأثير عملي في الواقع لناحية الصراع مع العدوّ وتفشل وتنكشف في نهاية المطاف ويحل معها الخزي والعار.
وحدها المواقف الدينية المنطلقة من القرآن الكريم هي التي تثمر وتنتصر، وحدها اليمن التي بادرت لنصرة المستضعفين في غزة، وحده السيد القائد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي قام بمسؤوليته الدينية والأخلاقية والإنسانية تجاه غزة وفلسطين، وحده الذي عبر عن وجدان الأُمَّــة.