حقيقةُ الحضارة الغربية
منذ بداية الأحداث في فلسطين وصلتنا رسائلُ التهديد والترغيب من الجانب الأمريكي لكننا لم نكترث لها.. ونقول لمن يقلل من موقف شعبنا: من يفعل أكثر مما يفعله شعبنا عسكريًّا وفي كُـلّ المجالات فسنشكره ونثني عليه.
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
كشفت معركةُ “طُــوفان الأقصى” الكثيرَ من الوجوه التي تلبسُ أقنعةَ الإنسانية والمساواة والحرية، وممن تم كشفُ أقنعتهم الحضارةُ الغربية التي كشَّرت عن أنيابها عندما اقترب الخطر من حليفها الموثوق به الكيان الصهيوني، فقد رأينا مواقفَ حادةً للزعماء الغربيين من أحداث بسيطة أَو تجاوزات لحقوق الإنسان وقعت في دول إسلامية أَو إفريقية، وقد تصل تلك المواقف الغربية إلى حَــدّ العمل على إقالة زعماء أَو قلب نظام الحكم، كما حدث في مصر أَو تونس أثناء الربيع العربي أَو كما حدث في دول إفريقية في أزمان مختلفة، وكانت الرسائل التي مررتها موقف زعماء الغرب هي أن الحضارة الغربية لا يمكن أن تسمح بأي خرق أَو تجاوز لحقوق الإنسان أَو لحريته، وصدق بعض السذج من نخبنا المثقفة والسياسية الادِّعاءات الغربية وقاموا بالتسويق للحضارة الغربية ودفع العامة إلى جعل هذه الحضارة قُدوةً لهم.
وبالنسبة لما حدث من في اليمن والعراق وأفغانستان فقد اعتبرت الدول الغربية أن ما يجري في تلك الدول هو محاربة لأعداء الحضارة الغربية، مستغلة عدم اتضاح الحقيقة لدى شعوب المنطقة والعالم، وأما في قضية الحرب على غزة فقد كانت تفاصيل المعركة واضحة جِـدًّا ومنقولة على الهواء عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، وقد رأى العالم الجرائم البشعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق سكان قطاع غزة، ولو أن تلك الجرائم ارتُكبت في دولة أُخرى والفاعل آخر لوقف العالم على رِجْلٍ واحدة؛ حتى يتم البطش بالفاعل، ولكن في حالة الحرب على غزة رأينا رؤساء العالم الغربي وأتباعهم يتصدرون للدفاع عن جرائم الكيان الصهيوني ويبرّرونها، وعلى رأس هؤلاء رؤساء أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، وهذا ما شجّع الكيان الصهيوني لمواصلة ارتكابه لمزيد من الجرائم في حق المستشفيات وفي حق الأطفال والنساء وكبار السن وفي حق الأعيان المدنية والخدمية والمحمية بمواجب القوانين الدولية والإنسانية، وعندما تحَرّكت شعوبُ العالم للوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية تناسى زعماءُ الغرب حقَّ حرية التعبير وضرورة الاستماع إلى الشعوب عندما تتفاعلُ مع أية قضية، ووصل الأمرُ في بعض الدول إلى حَــدِّ تجريم تحَرُّكات شعوبها.
وهنا نقولُ لزعماء ومنظِّرِي الحضارة الغربية: لقد كشفت الشعوب زيف حضارتكم، وما ترونه في غزةَ ومن قبله في اليمن ودول أُخرى هو الطريقُ الذي سوف يؤدي إلى تحرير القدس وفلسطين وتحرير الأُمَّــة من هيمنتكم.