قائدٌ يحملُ هَــمَّ أُمَّـة.. وخطابٌ لإنقاذ البشرية
زكريا الشرعبي
لو تأملنا خطابَ قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- بتجرُّدٍ من التحيُّزات الضيِّقة والصور النمطية المسبقة، سنجد أننا أمامَ خطاب يجمع ولا يفرّق، خطابٌ عابرٌ للجغرافيا، متجاوزٌ للانتماءات الضيقة، شامل بشمولية الإسلام والرسالة الربانية، فنحن أمام قائد استثنائي يحمل هَمَّ البشرية كلها، وذلك هو منهجُ القرآن وخلاصة التأسي بالنبي الأعظم الذي قال الله -سبحانه وتعالى- عنه: “عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم”.
انظروا إلى مفردات هذا الخطاب كنموذج لخطاباته، ولا أتحدث هنا عن التغيير الجذري على مستوى الدولة اليمنية فتلك جزئية يمكن الحديث عنها في وقت آخر، إنما أتحدَّثُ عن عالمية الخطاب، من حَيثُ مناقشة هموم الأُمَّــة الإسلامية، وانطلاقاً إلى قضايا الإنسان في كُـلّ العام أمام الطاغوت والهيمنة والاستكبار الذي يتخذ في أساليبه أكثرَ من شكل وصورة.
يقطع السيد القائد الخطوطَ الشائكةَ التي يُمنع تجاوُزُها من قبل منظومة الهيمنة، ويذكر بحقائق هامة أرادت هذه المنظومة أن تكون مهملة وهامشية.
لقد عمل الطاغوتُ المتمثلُ في اللوبي الصهيوني وأتباعه على إبعاد الإنسانية عن منهج الله، فكان الابتعادُ مشكلةً قُصوى، أبعدت الإنسانَ عن إنسانيته وحكّمت فيه الطاغوت حتى باتت كرامتَه مهدرة ممتهنة وآدميته مستنقصة، وماله وحقه منهوب، وُصُـولاً إلى الانحراف الخطير الذي يروج له اليوم في هدم منظومة القيم الأخلاقية والمجتمعية وهدم الروابط الأسرية، عبر الشذوذ وثقافة الاستهلاك الرأسمالية وأفكار “اللا انتماء” و”اللا إرادَة”، حتى بات التعامل مع الإنسان كآلة أَو بهيمة.
يُعيدُ السيدُ القائد تقديمَ الإسلام ومنهج القرآن، لا باعتبار ذلك إطارًا تعبديًّا روحانيًّا فقط كما كان يتم تقديمه من قبل الكثير، بل يقدم الإسلام كما قدمه الله سبحانه وتعالى وقدمه الأنبياء من مختلف الشرائع وقدمه الرسول الأعظم محمد -صلوات الله عليه وعلى آله-، منهجَ حياة يُكرِّمُ الإنسانَ ويبني واقعَه العملي الحضاري؛ بما يحقّق القسطَ والنهضةَ والتنمية، والكرامة المكتملة، مؤمناً أن إنقاذ البشرية مسؤوليةٌ رسَّخها الدينُ الإسلامي، ولا ينبغي التفريطُ فيها أَو التقاعُسُ عن أدائها.
وهو -إذ يتوجّـهُ بهذا الخطابِ ويدعو الغربَ إلى الإسلام كطريقة للخلاص ويدعو الأُمَّــة إلى العودة إلى الهدى كمنهج للعزة- لا يأبهُ لما سيقال عنه، ولا يعترف بكون هذا المِلف بات محظوراً بطريقةٍ أَو بأُخرى حتى على العلماء والوعاظ فما بالُك بالقادة الذين يخشون أن يتم وصفهم بالرجعية والتخلف، ويسعى كُـلٌّ منهم إلى إظهار ليبراليته وولائه للسوق الحر وقادة وول ستريت.
وإذ يقدم السيد القائد هذا الخطابَ فَــإنَّه لا يقدمه بطريقةِ حديثٍ نظري عارض، بل يوجِّهُ خطابَه للإنسانية جميعاً حتى تنقذَ نفسها من الشر، وللأُمَّـة الإسلامية حتى تستعيدَ عزتها، مؤكّـداً على أن ذلك ليس مستحيلاً، ولو كان مستحيلاً لما استطاع النبيُّ الأكرمُ أن يبنيَ دولةً متقدمةً في سنوات قليلة، بل إن العودة إلى المنهج الرباني بشكله الصحيح هو الطريقةُ الوحيدة لإنقاذ الأُمَّــة وسيادتها.
هذا هو قائدُنا الذي نتفاخرُ ونعتزُّ به، قائدٌ يحملُ هَمَّ أُمَّـة، ويعملُ على النهوض بها، ومن واجبنا أن نقدِّمَ خطاباته هذه ونبلغَها إلى العالم بالشكل الذي يليقُ بها، فوالله ليس فيها سوى الحرص على الإنسان وكرامته.