السعودية في مهمة ضم الـيمـن إلـى مجلس التعاون الخليجي.. واحتمالات الرفض “كبيرة”!
المسيرة – أحمد داوود:
في أكثر من مرة وبلادنا تتقدَّمُ بطلب للانضمام إلـى مجلس التعاون الخليجي غير أن تلك الطلبات لا تجد آذاناً صاغية من قادة الخليج خلال العشرين السنة الماضية، وبات الـيَـمَـن على قناعة بأن الانضمام إلـى مجلس الأغنياء غاية في الصعوبة.
الآن وفي ظل العُـدْوَان السعودي الأمريكي المتواصل على بلادنا تطرح مسألة انضمام الـيَـمَـن إلـى مجلس التعاون الخليجي من جديد، وبترحيب كبير من المملكة والملك سلمان ونجله محمد وزير الدفاع، وذلك بناءً على طلب تقدم به الفار من وجه العدالة عَبْدربه منصور هادي.
هادي كلَّف نائبَه خالد بحاح بعمل زيارات إلـى دول الخليج لهذا الغرض ولأغراض أخرى تصُبُّ في جلب المزيد من الدعم لاستمرار العُـدْوَان والقصف على الـيَـمَـنيين وعودة هؤلاء الفارين إلـى القصور للحكم من جديد.
لن نذهبَ بعيداً، وسنظلُّ في مسألة انضمام الـيَـمَـن إلـى دول مجلس التعاون الخليجي والتي كانت مهمة شاقة وصعبة وغير مستحسنة لدى الأشقاء ولم يوافق قادة الخليج على هذا الطلب إطلاقاً.
ولعل تصريحَ وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي في 8 ديسمبر 2013 قد وضع النقاط على الحروف في هذا الشأن حين قال: إن صنعاء تتطلع منذ سنوات إلـى الانضمام إلـى دول مجلس التعاون الخليجي، وأن بلادنا استفادت كثيرا من مشاركاتها على هامش القمم الخليجية منذ سبع سنوات، فانضمت إلـى المزيد من المنظمات التابعة للمجلس، ولكنها تترك “أمر الانضمام هذا للزمن ودول المجلس لتقرر فيه”.
وقال القربي: “إن الـيَـمَـنَ طرحت أمام القمة الأمنية الإقليمية (حوار المنامة 2013)، جملة من المخاطر والمخاوف الأمنية التي يواجهها الـيَـمَـن، ومن بينها تدفق اللاجئين بعشرات الآلاف من القرن الإفريقي على بلادنا، واستغلال تنظيم القاعدة لتلك الظروف لتسريب عناصرها إلـى الداخل”، وكشف أن بلادنا تحتاج إلـى دعم من أجل القيام بمهمة حماية أهم ممر يربط بين الشرق والغرب في خليج عدن وباب المندب.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ولو للمرة الألف: لماذا يجد الطلب الـيَـمَـني الآن قبولاً وترحيباً واسعاً من قبل السعوديين وهم الذين كانوا يوصدون الأبواب وبشدة تجاه هذه المطالب.. ولماذا تتحمس المملكة لهذا الطلب من رجل ثار عليه الشعب ولم يعد يمثل لهم أي رقم وهو مطلوب للعدالة ويجب محاكمته والمقصود هنا عَبْدربه منصور هادي؟!.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد فحسب، بل عمدت السعودية خلال الأيام الماضية إلـى تصحيح أوضاع الـيَـمَـنيين غير النظاميين في المملكة، وإعطائهم تأشيرة لمدة ستة أشهر، وهو ما لم يحدث في السعودية منذ العام 1990، وكما هو معروفٌ بأن المغتربين الـيَـمَـنيين في السعودية يلاقون أسوأ المعاملة وأبشعها ويتعرضون لانتهاكات متواصلة تتنافى مع حقوق الإنْسَـان.
ويؤكد الصحفي البارز عَبْدالباري عطوان أن بعض المسؤولين الخليجيين يحاولون دغدغة مشاعر الشعب الـيَـمَـني أنه سيتم ضم الـيَـمَـن في مجلس التعاون الخليجي، موضحاً أن هذا “استغلال وضيع وكاذب لحالة الطبقة الكادحة في المجتمع الـيَـمَـني كي يحصلوا على تأييد شعبي للحرب على الـيَـمَـن”.
ويخاطب عطوان قادة الخليجي قائلاً: لماذا لم تتخذوا خطوات حقيقية إن كنتم صادقين، فمثلاً يمكنكم إصدار قرار بانضمام الجمهورية الـيَـمَـنية لعضوية مجلس التعاون الخليجي ومن ثم تجميد العضوية حتى عودة الشرعية المزعومة التي تتخذونها ذريعة للحرب على الـيَـمَـن، فبهذا القرار قد تتمكنون من اكتساب أغلبية القاعدة الشعبية في الـيَـمَـن وسيقفون ضد جماعة أنصار الله، وَيا حبذا لو تصدرون قراراً بإطلاق مشروع مرشال جديد لإعادة بناء الدولة الـيَـمَـنية والنهوض بالاقتصاد الـيَـمَـني، في هذه الحالة لن تروا من الشعب الـيَـمَـني إلا الوفاء فسيكون حارساً أميناً لجنوب الجزيرة العربية، فهو شعب وفي وصاحب مبدأ أما أن تدمروا وتقتلوا وتطلقوا وعوداً فهذا لن يجديَ نفعاً”.
وحتى الآن، ليس هناك توافق كبير لدى الخليجيين حول انضمام بلادنا إلـى مجلس التعاون الخليجي، وربما يؤجّل هذا الموضوع إلـى أجل غير مسمى كما هو المعتاد، إلا إذا تدخلت السعودية بكل ثقلها في هذا الجانب، فربما تمضي الأمورُ إلـى ما يريده سلمان.
وللتذكير تَأريخياً فإن الملك الراحل عَبْدالله بن عَبْدالعزيز أعطى الأولويةَ واهتماماً بانضمام دولتَي الأردن والمغرب إلـى المجلس، إلا أن هذه الخطوة لم تكتمل، ولم تلق دعماً.
وسعت بلادنا مراراً فيما مضى إلـى الانضمام لمجلس التعاون الخليجي، وجرت أولى محاولاته الرسمية في هذا الاتجاه عام 1996، إلا أن طلبها قوبل بالرفض، وذلك لوجود نزاع حدودي بينها وبين السعودية، وبسبب توتر العلاقات بين صنعاء والكويت وقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما على خلفية غزو العراق للكويت عام 1990.
موقفُ الـيَـمَـن الداعم لصدام حسين في أحداث الكويت عامي 1990 – 1991 أثّر سلباً على أوضاعها الاقتصادية، حيث حرم الـيَـمَـن من مساعدات دول الخليج الغنية، وزادت أوضاعه الاقتصادية تردياً مع قيام السعودية بترحيل نحو مليون مواطن يمني كانوا يعملون في أراضيها، بالإضافة إلـى ما لحق ببُنى البلاد التحتية من دمار وما تكبده البلد من خسائرَ بشرية أثناء الحرب الأهلية في الـيَـمَـن عام 1994.
إلا أن تحولاً حصل في قمة دول مجلس التعاون المنعقدة في مسقط عام 2000، حيث قُبلت عُضوية الـيَـمَـن في عدد من الهيئات التابعة للمجلس، وهي المكتب التنفيذي للصحة ومكتب التربية وهيئة المواصفات والمقاييس. جاء ذلك بعد أن أبرام الـيَـمَـن والسعودية معاهدة الحدود الدولية في جدة في نفس العام، وإعادة فتح الـيَـمَـن لسفارته في الكويت.