العين الأمريكية على اليمـن وسقطرى
المسيرة / علي ظافر
التجزئة التي دفع بهادي لتمريرها عبر مسودة الدستور كانت من أبرز اهتمامات واشنطن عبر سفارتها في صنعاء، لولا أَن هذا المشروعَ أُفشل في مهده بفعل الرفض السياسي والشعبي الواسع لمشاريع التفتيت والتمزيق للوطن الواحد، من أقصى الـيَـمَـن إلـى أقصاه.
ولأن مشروعَ واشنطن والرياض في تقسيم الـيَـمَـن إلـى ستة أقاليم لم يمر عبر الدستور فقد عمدتا إلـى تحريك أدواتهما في الداخل، وتحركتا بشكل نشط لتفعيل تلك الأدوات على المستويَين السياسي والعسكري؛ لإفشال الحوار السياسي تارةً وتحريك عناصر القاعدة وأخواتها تارة أخرى، وفي أكثر من محافظة وعلى وجه الخصوص في المحافظات الجنوبية، وتلك طريقة أخرى لتمزيق الـيَـمَـن وتقسمه إلـى أقاليم وإمارات بالطريقة الداعشية والقاعدية، كما هو حاصل في أكثر من بلد عربي.
السعيُ الأمريكي الدؤوبُ لتقسيم الـيَـمَـن يأتي بهدف الهيمنة مستقبلاً على عدن وأرخبيل سقطرى الاستراتيجيين، كما أن السعودية تهدف إلـى السيطرة على حضرموت لأهداف عدة، فواشنطن منذ فترة طويلة سعت لإنشاء قاعدة عسكرية في سقطرى ليتسنى لها التحكم في طرق الملاحة الدولية، كون هذا الأرخبيل يعتبر مفترقَ طرق للممرات المائية الإستراتيجية البحرية للبحر الأحمر وخليج عدن، وهو ذو أهمية كبيرة للجيش الأَميركي.
ومن هُنا فإنه مثل هدفاً من بين الأهداف الاستراتيجية لواشنطن، وهو يقعُ في صلب إضفاء الطابع العسكري على الطرق البحرية الرئيسية.
وترجع أهمية هذا الارخبيل إلـى أنه يربط البحر الأبيض المتوسط والشرق الأقصى، من خلال قناة السويس والبحر الأحمر وخليج عدن، ما يجعله طريق عبوراً رئيسياً لناقلات النفط، سواء تلك المتوجهة إلـى البحر الأحمر ومن ثم المتوسط، أو المتوجهة إلـى الأطلسي عبر طريق رأس الرجاء الصالح.
وتشيرُ الإحصاءاتُ إلـى أن حصة كبيرة من الصادرات الصناعية من الصين إلـى أوروبا الغربية تمر عبر هذا الممر المائي الاستراتيجي.
كذلك فإن التجارة البحرية من الشرق والجنوب الأفريقي إلـى داخل أوروبا الغربية تمر من قرب سقطرى عبر خليج عدن والبحر الأحمر.
من هنا فإن بناءَ قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى للإشراف على حركة السفن، بما في ذلك السفن الحربية، يقع في أولويات الإستراتيجيةِ الأَميركية العسكرية لمواجهة التهديد الصيني المستقبلي، كذلك هو يمثل أهميةً لمحاصَرة روسيا وتجارتها النفطية.
الجديرُ بالذكر أن واشنطن أثارت قبل سنوات زوبعة القراصنة، وبحسب بعض المصادر العسكرية فقد ناقش قائدُ القيادة المركزية الأَميركية ديفيد بترايوس مع الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح مشروع إنشاء قاعدة عسكرية كاملة على جزيرة سقطرى لمكافحة القراصنة والقاعدة.
وتضيف المصادر أنه تمت الموافقة على السماح باستخدام طائرات أَميركية، وطائرات بدون طيار، فضلاً عن «الصواريخ المحمولة بحراً»، لكنها كانت تحتاجُ إلـى موافقة مسبقة من الـيَـمَـنيين، طبقاً للمصادر.
ومن هنا يتضح أن العَين الأمريكية على جزيرة سقطرى منذ أمد بعيدٍ؛ ليتسنى لها مستقبلاً خنق الـيَـمَـن والتحكم في طرق الملاحة الدولية، فعلى الـيَـمَـنيين ألا يفرطوا في هذه الجوهرة الثمينة.