“ونكتب ما قدموا وآثارهم”
عبدالخالق القاسمي
رأينا كما رأينا في الأعوام السابقة تقريبًا وأكثر، وهذا المتوقع من شعب الحكمة والإيمَــان خُصُوصاً بعد دعوة السيد القائد -يحفظه الله- للخروج إلى الساحات رفعاً لذكر رسول الله محمد في يوم مولده.. واللافت هذا العام تقلص حجم الشائعات الدينية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها التي سمعنها في الأعوام السابقة من قبل العدوّ للتثبيط عن المشاركة الجماهيرية في الفعالية، كأنهم أدركوا أن جهودهم في خسران وإلى بوار، ولعلمهم أن الشعب اليمني لن يلتفت أَسَاساً إلى ترهاتهم كما جرت العادة.
أيضاً انسيابية الترتيبات والاعتياد على التجهيزات وسهولة الحركة في الساحات والعون الإلهي عُمُـومًا، فالشاهد وعلى سبيل المثال أن ميدان السبعين أصبح أصغر مما نعرفه، ففي الأيّام العادية يأخذ الانتقال من طرفه إلى طرفه بالعرض وقتاً أطول من الوقت الذي استغرقه المشارك في الفعالية ليقطعه بالطول من بدايته إلى ميدان التحرير، وهذا ما يشعر به الكثير على الأقل.
وإلى النقطة الجوهرية المتمثلة في تدرج خطاب القائد تصاعدياً من عامٍ إلى آخر، فالمُلاحِظ سيجد أن خطابات المولد في الأعوام السابقة وفي تأكيداتها الأخيرة اتجهت إلى تهديد كيان العدوّ الإسرائيلي بكل شجاعة وبأسٍ قل نظيره في عالمنا الإسلامي، أما في هذا العام كان الأمر مختلفاً، فقطعان الصهاينة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة قد تجمعوا للاستيطان أَسَاساً من عدة بلدان وأكثرهم من دول غربية أعتدنا على الإساءَات المتكرّرة للإسلام ورموزه من جانبها، فكان تحذير السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي لتلك الدول الغربية، وهذا يؤكّـد شمولية المعركة التي لا يحدها مكان ولا زمان مع أعداء الله وأنبيائه والنظر إلى مَـا هو أبعد من تل أبيب، أما التحذير والبراءة من العدوّ وإبداء العداوة والبغضاء استجابة للتوجيهات الإلهية وتأسٍّ بنبي الله إبراهيم والذين معه، يقول الله: ((قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)) فنطق البراءة من العدوّ وإظهار الكفر بأعداء الله وإبداء العداوة والبغضاء حسنة يجب التأسي بها، وعلى قادة الدول الإسلامية أن يقتدوا بنبي الله إبراهيم الخليل -عليه السلام- وبالسيد القائد علم الزمان وقرين القرآن -يحفظه الله-.
واللافت كذلك رجع صدى الإعلام العربي والأجنبي الذي وقف منذهلًا أمام الحشود المليونية في اليمن، فالقنوات والوكالات الإخبارية والصحف الأجنبية كلها تقريبًا تحدثت عن إحياء الشعب اليمني لفعالية المولد النبوي بالخروج الكبير والضخم، فمن القنوات الهندية إلى “آر تي” الروسية إلى حتى “اسوشيتد برس” الأمريكية إلى الوكالات الصينية مثل “شينخوا” وإلى قناة “برس تي في” الإيرانية إلى القنوات العربية مثل المنار والعهد والكوثر والجزيرة والميادين والعالم والنبأ وغيرها من القنوات الناطقة بالعربية والإنجليزية إلى تفاعل الكتاب والسياسيين والإعلاميين من لبنان إلى فلسطين إلى العراق إلى إيران إلى الجزائر إلى عمان إلى البحرين وحتى منطقة الأحساء في الحجاز شهدت مباهياً بخروج صنعاء وبقية المحافظات يوم المولد النبوي وغيرهم الكثير من الأحرار الذين كتبوا وتحدثوا ولم نصلْ إلى تفاعلهم الكبير زيادة على ما عهدنا نتيجة الحشد غير المعهود بالطبع؛ بسَببِ التقصير في الغالب، وغيرهم ممن تحدث عن الخروج يوم المولد النبوي حتى من الأعداء من مختلف الدول بأُسلُـوب المستغرب والمسيء والمتخوف والقارئ لما خلف السطور.
وهنا المقصد.. فأن نشحذ عزائم الإخوة في بقية الدول ونمنحهم الأملَ غايةٌ ومطلب، إضافة إلى تذكيرهم بأهم رمز من رموز ديننا الحنيف وأهميّة العودةِ إليه.
كذلك أن نوصل رسالة إلى الأعداء مفادها أن الإسلام الأصيل ها هنا حاضر، وهي الرسالة نفسها التي اعتبرها بعض الإخوة العرب مُناسِبةً للرد على الإساءَات الفرنسية قبل هذا العام عندما نشر أحدهم مقطعاً مجتزأ للحشود في ميدان السبعين وكتب باكستان ترد على الإساءَات الفرنسية وآخر قال الفلبين وثالث قال إندونيسيا ربما؛ لأَنَّهم غير متابعين خُصُوصاً من اعتذر منهم، أما البعض الآخر قد يكون هدفهم جمع المعجبين والمتابعين ولفت الأنظار أَو غير ذلك والله أعلم بأهدافهم، ومن أُولئك المرتزِق الوهَّـابي محمد الحزمي الذي شارك المقطع وقال إن الحشود التي خرجت في ميدان السبعين وجامع الشعب ظاهر في الفيديو قال إنها حشود خرجت في الهند تقريبًا ردًا على الإساءَات الفرنسية، بينما صَمّ آذاننا طوال الأعوام السابقة وفي هذا العام ببدعة الاحتفال ومنكره، ويظن أنه وأمثاله قد انتصروا لرسول الله بمشاركة مقطع سرعان ما حذفوه عندما علموا أن الحشود في صنعاء وكأن الله قد أعمى أبصارهم حين النشر ليفضحهم وهم الذين تحالفوا مع الأمريكي لقتال الشعب اليمني وجلسوا مع رئيس وزراء إسرائيل في مؤتمر وارسو وارتموا في أحضان المطبعين.
وعلى العموم من خلال انتشار المقطع لمسنا أثر الخروج في الأعوام السابقة وأهميته، والخروج الجماهيري الحاشد هذا العام لاقى أصداء واسعة وحصد ثمرته بشهادة العالم، وسيكتب الله الأجر عليه إن شاء، ويكتب الأثر الطيب في المستقبل كحجّـةٍ على المسلمين ووصيةٍ للأجيال القادمة وتأكيدٍ على مصداق حديث الرسول “الإيمَــان يمان والحكمة يمانية”.